عيسى أبكر [email protected] تزخر أمة إفريقيا بالخيرات الطبيعية الهائلة هبة منذ الأزل لتكون مصدرا لتطورها ولتسود بين الأمم على مستوى عراقتها وقدم وجودها وموقعها الإستراتيجي والجيو السياسي الهام إن هذه الموارد المتنوعة تسيل لعاب الأقوياء منذ فجر التاريخ وعندما زحف المستعمر إلي إفريقيا واستولى على مصادرها واستوطن أراضيها الخصبة حتى أضحى الإنسان الإفريقي سلعة رخيصة مربحة في أسواق النخاسة الأوروبية والأمريكيتين وأصبح تجارة الرقيق الشغل الشاغل في تلك الحقبة الزمنية الطويلة والتي امتدت قرابة ستة قرون نقل الأوروبي الإفريقي إلى العالم الجديد( أمريكا الشمالية والجنوبية ) بعد أن اكتشافها كلومبس لأول مرة حسب الروايات الأوروبية المتواترة وذلك لاستغلالهم في مزارع البن وقصب السكر والقطن والموز والخدم وأتبع ذلك بنهب كل ما في باطن أرض إفريقيا وما عليها أخذ الكثير والقليل الثمين والرديء كأن إفريقيا أقسمت على أهلها البؤس والحرمان ثم ضاقت الأرض بما رحبت على أبناء السمراء فقدم الشباب أرواحهم قربانا للتخلص من الفقر والحرمان في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر مات الآلاف بسبب الأمواج القوية في البحر أو بإغراق مراكبهم من قبل حفر السواحل الأوروبية لمنعهم من الوصول إلى أوروبا وكذا يموت المئات في صحراء سينا بطلقات النار من بني جلدتهم المترابطين في الحدود لسنهم من دخول إسرائيل أو من التجار أعضاء البشر ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون إنها لعنة الفقر والحرمان وجحيم إفريقيا. ومنع الإفريقي أن ينعم بنعيم الأرض وبركات السماء وأن يعيش آمنا مطمئنا حيث حرم من تلقي التعليم والمعارف العلمية والمهن الفنية والتطبيقية التي تصون حقوقه وواجباته تجاه أمته والمستقبل وفعلوا ما استطاعوا ذلك سبيلا فانتشر الجهل والفقر والمرض والتخلف حتى أصبح ذلك السمة الغالبة على إفريقيا وهذا ما جاء بالتحديد في التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع لعام 2011 ليبين مدى انحطاط مستوى التعليم في هذه القارة وأزمة هذا القطاع. ثمة مرارة أخرى الاستغلال المادي والمعنوي في هذا العصر وفي 2011 ذكرت الوزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي بأن هناك ما يقدر 15,000ألف طفل إفريقي في ساحل العاج يعملون في مزارع كاكاو وحده كمستعبدين يحرمون من أدنى حقوقهم الإنسانية والطفولة والرعاية الصحية الأساسية وقد شاهدت ذلك أيضا في تقارير مختلفة ومصورة يؤكد ذلك تقرير منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحد اليونيسيف (1998)وبرامج بي بي سي الوثائقي بأن مزارعي الكاكاو في ساحل العاج يستخدموا الأطفال كعبيد إنه استرقاق العصر حيث تكبل أرجلهم بالسلاسل والأغلال ويحتجزون داخل المزارع لشهور عدة وسنوات طوال يشتغلون للمعبود الظالم أكثر من 12 ساعة في اليوم وفي نهاية المطاف لا يحصل هذا الطفل إلا على أجر زهيد وهذا إن رحم لتقوم الشركات العالمية الكبرى التي كبلت السمراء بديونها المزورة في الدفاتر بتصدير المنتج إلى الخارج دون أن يجد الطفل الإفريقي قطعة كتكات ( Ket Kat ) أو قلكسي (galaxy)رغم معاناته في زارعته وقطفه بل لا يعرف ما هو الكتكات ولا قلكسي فضلا عن تذوق طعمه ولقد استبيحت كرامة هذا الطفل ومنع من التعليم ولعب بلي ستيشن(play station) و مشاهدة توم جيري إنه ضحية الشركات والدول الكبرى وسياستها التسلطية اللا تشاركيه بالتضامن مع الدكتاتوريين والمستبدين في الداخل. هانحن اليوم نسمع ونقرأ التقارير العالمية للفساد حيث جاء في مضمونه عن إفريقيا بأن شركات المتعددة الجنسيات التي تعمل في إفريقيا تتهرب عن دفع الضرائب وذلك بغطاء الدول التي تنتمي إليها و بالتواطؤ مع الحكومات الإفريقية الفاسدة. حيث خسرت إفريقيا من التهريب الضريبي ما يقرب عن 400.00 مليار دولار حتي 2010 وهذا يكفي لسداد ديون إفريقيا الخارجية بأكمله. الفقر حالة وإن كانت مزمنة في بعض المجتمعات في آسيا وأمريكا والحالة قابلة للزوال وفي الهند والصين مثلا انخفض معدلات الفقر في الأعوام القليلة الماضية إلى أدنى مستوى له وشهدتا نموا قويا ولكن الفقر في إفريقيا صفة دائمة. نعم لقد ناضل الأجداد طويلا للتحرر من مخالب الاستعمار والاستغلال والاستبداد والحرمان بدمائهم الزكية وأرواحهم الطاهرة حتى نعيش أحرارا مكرمين معززين بلواء النصر الذي حملوا ألمه في صدورهم لقرون حتى رفعوا علمه على رؤوسهم هذا المجد الجبار وقد ذهب سدا على يد من لا يؤتمن شر خلف لخير سلف تركوا القارة تنبت منها الحياة والأمل والحرية وتنبعث منها روح الوحدة والعدالة والمساواة والأمن والاستقرار. وبعد مرور أكثر من 60عاما على استقلال غالبية دول إفريقيا إلا أنه حتى الآن لم نبني نظاما إداريا أو تعليميا أو اقتصاديا واحدا يشاد به كما هو الحال في كوريا الجنوبية وسنغافورا ودبي ولا أنظمة قادرة على مواجهة التحديات ومواكبة العصر ووضع خطة تنموية اقتصادية وإستراتيجية راسخة لمحاربة الفقر والمرض والجهل وسوء المعيشة فالإنسان الإفريقي يعتمد في عيشه على الأمطار الموسمية وما تنبته الأرض من خيراتها دون تدخل من مؤسسات الدولة ومساعدات الحكومة ومنحها بل يعتمد على القبيلة في إدارة أمور حياته وحماية أمنه وعرضه وماله إن الدولة الإفريقية دولة فاشلة بحق بل لا وجود لها إداريا وتنظيميا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وحتى سياسيا وفي داخل الجيش الوطني الولاء والوفاء للقبيلة وليس للتنظيم الهرمي في الجيش أو الدولة وهذا مما جعل الدولة الإفريقية في صراع دائم على البقاء والاستمرارية كيف لمن يسارع على البقاء إنقاذ غيره…….؟ كما أن عامل اللغة كان سببا آخر في ضعف الدولة الإفريقية الحديثة وترك فاصل بين الشعب والسلطة والدولة وحاجز بين الشعوب أنفسهم والكثير من دول أفريقيا لا تاريخ لها في النضال الوطني على العقل غير معروف للشعب وإنما حصلت على استقلالها هبة من المستعمر كما أن مصير الدولة الإفريقية ومستقبلها غير واضح المعالم حيث لا يدري المواطن إلى أين تسير به الدولة وهذه كلها كانت ولا تزال سببا مباشرا أو غير مباشر في ضعف الدولة الأفريقية وتعجيل زوالها حيث يوجد في منطقة التي لا يزيد مساحتها عن 300 كيلومتر مربع ال 10 من القبائل ولهجات مثل ذلك وفي هذا الوضع ينعدم التواصل بين أبناء الشعب بلغاتهم الوطنية ويتم التخاطب باللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو البرتغالية وهذا أيضا بين القليل المتعلم منهم أما الأغلبية صم بكم. كذا أصبحت الدولة الإفريقية منظمة مافيا على رقاب الناس و حارس لمصالح فئة متنفذة في السلطة المحلية والدولية والشركات العالمية المتعدد الجنسيات الهترات والمصاعب التي تلاحق الأفارقة منذ زمن بعيد وعلى رأسها الفقر والمرض والجهل والحروب الأهلية والانقلابات العسكرية والثورات المسلحة وقلة التنمية ما هي إلا نتاجا لضعف دور السلطة المركزية للدولة ومؤسساتها إذا أردنا تغير واقعنا الحالي والحد من الفقر وبناء دولة وطنية قوية قادرة على البقاء والاستمرار ورفع مستوى المواطن المعيشي ولابد لنا بمسائل الهامة يجب تحديدها وتنفيذها ومن أبرزها التعلم يجب التركيز على وضع إستراتيجية واضحة للتعليم منها قريب المدى وبعيدة المدى وتحويل قسم كبير من ميزانية الدولة لصالح التعليم ما يعادل 25% ونجعله من أولويات التنمية والأهداف المستدامة وإتباع الآليات التي جاءت في تقرير يونسكو لعام 2011 تحت عنوان( المشكلة الخفية ) على الحكومات كما على الأفراد الالتزام بهذه الخطة التي ما من شأنها أن تقود مجتمعنا إلى تحقيق التنمية المستدامة في مجالات شتى (التعليم والاقتصاد والصحة والديمقراطية والأمن والسلم والاستقرار) ورفع مستوى الفرد والحد من الفقر والعنف وتوفير المستوى المعيشي اللائق إن التنمية الحقيقية تكمن في التعليم والمؤسسات التعليمة من خلالها نستطيع إنهاء الحالة الميئوس منها والتحرر من التبعية والاعتماد على الذات وليس على المساعدات الخارجية التي تخفي خلفها الأجندات السياسية التي تقدم بناء عليها وتأثيراتها على البلاد والمواطنين وهي عملية تخدير أو موت سريري للحكومات.على الأفارقة أن يشاركوا المواطنين في سياسة الدولة واقتصادها ويؤسسوا قواعد ومبادئ المساواة وعدم التمييز بين مواطني هذه القارة العظيمة الإفريقي تكفيه إفريقيته وانتمائه إلى هذه القارة بغض النظر من أي إقليم هو بأن يتمتع بكامل حقوقه الوطنية والتعليمية والاجتماعية والثقافية والسياسية التمييز أي كان نوعه يعتبر كارثة مميتة غير مقبول سواء كان على أساس قبلي أو عرقي أو وأثني أو الجنس أو اللون أو الديانة أو الإقليم أو على أساس المواقف السياسية والرأي إن هذه الحقوق ليست منحة من أحد ولا هبة من الحكومات وإنما وجدت قبل وجود الإنسان نفسه أو على الأقل وجدت مع الإنسان علينا جميعا بذل كل ما في وسعنا من جهد وتقديم الغالي والنفيس ومواجهة كل التحديات للمحافظة عليها ومحاربة ما من شأنه خلق الفرقة بين أبناء هذه القارة وإيجاد أرضية حقيقية للاندماج بين الشعوب والحكومات وبين المؤسسات العامة والخاصة وتبادل الخبرات بين المعاهد والمراكز الأكاديمية والمنظمات المدنية والأهلية والاقتصادية وبخاصة المراكز الثقافية والاجتماعية وتمكين جميع أفراد المجتمع من المشاركة الفعالة في التنمية والتكافل والإسهام بصورة جادة في تدعيم تطلعات شعوبنا الإفريقية وتبادل الزيارات الرسمية وغير الرسمية وكذلك الزيارات الطلابية لإيجاد أرضية خصبة ووئام تام فضلا أن الدعم التعليمي والتدريبي وربط بين المؤسسات التعليمية والأكاديمية والمنظمات الأهلية والمدنية في القارة ببعضها البعض والمشاركة والتشارك في المعلومات المتعلقة برفع مستوى التعليم والصحة وجمع المعلومات عن المناطق المختلفة والأكثر حاجة وتحليلها تحليلا علميا وسرعة اتخاذ القرارات المناسبة والنافذة فيما توصل إليه هذا التحليل العلمي وكذا معالجة القيود التي تعتري مسيرة التعليم والتقدم وازدهار الأمة وعلينا أن نؤمن بمجانية التعليم في جميع المدارس الحكومية وتقديم المساعدات والدعم اللازمين والضرورية للفقراء وأصحاب الدخل المنخفض وربط ذلك بتسجيل أبنائهم وبناتهم في المدارس ومواصلة طريق العلم والمعرفة وكذلك أن لا ننسى أهمية تأسيس مراكز خاصة بها أهل الخبرة والعلم في مجال التعليم والصحة لتقديم استشارات واقتراحات وأفضل سبل في حل أو معالجة مشكلة التعليم والصحة في عالمنا الأفريقي وتقييم المؤسسات العلمية والصحية والإدارية والتدريبية بشكل دوري وتحليل المعطيات والمعلومات المتحصلة وتنفيذ القرارات الصادرة في هذا الشأن وإن فعل ستسود إفريقيا العالم ويسود الأمن والاستقرار والمحبة.