التعاون بين دول حوض النيل خيار استراتيجى.. هكذا كانت تبدو إجابات وزراء الرى بدول حوض النيل العشرمن خلال مخاطبتهم للاحتفالات بالذكرى العاشرة لمبادرة حوض النيل التى عقدت فى العاصمة التنزانية دار السلام مؤخراً ومن خلال الحوارات التى أجريتها مع عدد من وزراء الرى بدول حوض النيل خلال مشاركتي فى تلك الاحتفالات بدار السلام (وزيرالرى الاثيوبى والمصرى والسودانى والتنزانى)، حيث أجمع وزراء الرى على اهمية التعاون وانه خياراستراتيجى والسبيل الوحيد لدول حوض النيل، وكان من المفترض ان تناقش اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة الخاصة بوضع رؤية للتعاون بين دول الحوض وطى الخلافات على هامش الاحتفالات بدارالسلام مقترح مصرى لحل معضلة بند الامن المائي الذى يقف سداً منيعاً أمام توقيع الاتفاق الإطارى للتعاون بين دول الحوض. وقبيل ان يطرح هذا المقترح على اللجنة تسنت لى فرصة الجلوس بدارالسلام مع د. احمد المفتى أحد الخبراء بالوفد السودانى المفاوض،وسألته عن فرص نجاح المقترح المصرى فى طى الخلاف، وقال لى: إن المقترح سيرفض من اللجنة، وعندما سألته عن لماذا سيرفض؟، قال إن المقترح المصرى قديم ورفض من قبل ولا يمكن ان تأتى بشئ رفض من قبل ليتم قبوله الآن، ولابد من طرح بديل جديد حتى يمكن اقناع الآخرين به، ولكن عندما طرحت ذات السؤال على وزيرالري المصرى د.نصرالدين علامى فى الحوارالذى اجريته معه كان متفائلاً بقبول المقترح المصرى والتوصل الى اتفاق يتم التوقيع عليه فى الاجتماع الوزارى بمدينة شرم الشيخ المصرية فى فبراير من العام 2010م. ،غير أن الواقع أكد من بعد صحة توقعات عضو الوفد السودانى المفوض وقراءته للاحداث وتحليلاته الجيدة لما يمكن ان تسفر عنه المفاوضات،حيث فشلت اجتماعات اللجنة الفنية بدارالسلام ورفض المقترح المصرى،كما فشلت مصر فى عقد اواستضافة الاجتماع الوزارى بشرم الشيخ الذى كان مقرراً له فبراير الماضى،وأدركت القاهرة من بعد ذلك ضرورة التنسيق العالى مع الخرطوم فى إحداث إختراق فى موقف دول حوض النيل حيث زار وزير الرى المصرى السودان مرتين قبل فشل إنعقاد إجتماعات شرم الشيخ لتبلغ عدد زياراته للسودان (11) زيارة فى أقل من عام كلها بسبب مياه النيل وتستغرق احياناً تلك الزيارة ساعات،وخلال زيارته الاخيرة للسودان توصل الجانبان السودانى والمصرى الى ضرورة ان يقود السودان زمام المبادرة لطى الخلافات خاصة وانه يجد القبول عند دول حوض النيل من خلال مواقفه الواضحة من قضية التعاون بين دول الحوض،واهميته الاستراتيجية لاسيما وان (70%) من نهرالنيل يقع فى السودان، كما ان مواقف السودان من الخلافات التى تفجرت فى الاجتماع الوزارى الذى انعقد بكنشاسا باعلان دول حوض النيل السبع عزمها توقيع الاتفاق الاطارى للتعاون بدون مصر والسودان،وكيف استطاع السودان امتصاص التوتر والخلافات التى تفجرت فى الاجتماع الوزارى بالاسكندرية الذى اعقب اجتماع كنشاسا، حيث طرح السودان مقترحاً توفيقياً باعادة الخلافات الى لجنة فنية مشتركة تدرس الخلافات وترفع رؤية مشتركة للتعاون بين دول الحوض خلال ستة اشهر لطى هذه الخلافات حيث حظي هذا المقترح بالقبول باجماع دول حوض النيل، وبالتالى اقتنعت مصر بان الدورالسودانى هوالمخرج من هذه الازمة والمدخل لطى الخلافات، وأصبح السودان الآن على المستوىين الفنى والوزارى يعكف على وضع المقترحات لتحقيق التعاون ودعمه وجهة نظرالسودان الداعية الى ضرورة التعاون بين دول حوض النيل،وان هذا النيل للجميع، ولكل دولة الحق فيه على أن لايؤثر هذا الحق على حقوق بقية الدول، ومن هذا الفهم، انطلق المهندس كمال على محمد وزير الرى والموارد المائية مبعوثاً من رئيس الجمهورية ويحمل رسائله الى نظرائه من رؤساء دول حوض النيل لحثهم على التعاون وتبادل المنافع، حيث استهل وزير الرى هذه الزيارات الماكوكية الى كينيا اواخرالشهرالماضى يحمل رسالة من الرئيس البشيرالى الرئيس الكيني تدعو الى تحقيق هذا التعاون، كما سلم وزير الرى فى ذات السياق أمس الاول رئيس الوزراء الاثيوبى ملس زيناوى رسالة خطية من المشير عمر البشير رئيس الجمهورية حيث تضمنت الرسالة تعزيز العلاقات بين البلدين ورؤية السودان لتطويرالتعاون بين دول حوض النيل لبلورة المشروعات ذات المنافع المشتركة والمشروعات ذات المنافع لكافة دول حوض النيل، وستتواصل هذه الرسائل الى بقية دول الحوض لتوضيح رؤية السودان لتحقيق التعاون بين دول حوض النيل وكيف يمكن ان يصبح هذا التعاون خياراً استراتيجياً ومستقبلاً لدول الحوض وواقعاً يستفيد منه مواطنو وشعوب دول حوض النيل فقط مطلوب قليل من الصبر والوقت كما قال لى وزير الري الاثيوبى فى الحوار الذى اجريته معه بدار السلام، ومع هذا الصبر وقليل الوقت سيصبح التعاون حقيقة ويتم التوقيع على الاتفاق الاطارى لدول حوض النيل، وينجح السودان فى طى الخلافات وذلك ليس بعزيز طالما ان الجميع يدرك بان التعاون هو الحل والخيار الاستراتيجى.