* قوانين العلاقات العرقية في التاريخ : (1) قانون النسبة المئوية : إنّ وجود فرد من الإسكيمو في (كوبنهاجن) أو عدد قليل من السود في (باريس) قد يثير الفضول والتعاطف الحقيقي مع أيّ منهم في هاتين المدينتين ، غير أنّ إدخال عمال مهاجرين بنسبة تتراوح ما بين 4 – 8 % سوف يخلق وضعا عرقيا قابلا للمقارنة مع ذلك الذي في مدينة (نيويورك) ، فطبيعة العلاقات تتغير بينما تتولد التوترات العرقية ويصبح من المؤلم عندها وصف الإنعكاسات الكلية لذلك ، فكلما تزداد النسبة المئوية يزداد الصراع الطبقي الذي يتحول إلى مواجهة عرقية. في القرن التاسع عشر وفي الدنمارك كان الغجر يطاردون كما تطارد الثعالب ، وفي السويد اليوم ومع الأزمة الإقتصادية أخذ التمييز العرقي يظهر في كل مكان . إننا نرى اليوم بأن السويد المناصرة لعدم التمييز العرقي ، تتجاهل الطبيعة الحقيقية للمشكلة العرقية ومضامينها في الحياة اليومية . إنّ ظهور نسبة مئوية قليلة من الاعمال الأجانب قد كشف عن هذا الواقع والذي كان كافيا لجعل التمييز العرقي يظهر بشكل تلقائي في هذا الشعب الذي كان يؤمن بنفسه بأنه شعب معافى وخال من أي شعور عرقي . إن عبارة (السويد أولا) أخذت تسمع من الركاب المنتظرين قدوم الأوتوبيسات وفقا لمراسلة سويدية تعمل لصالح صحيفة (لوموند) الفرنسية. (2) قانون الإستيعاب : إذا كانت الغالبية والأقلية تنتمي إلى نفس المجموعة العرقية الكبيرة وتشترك معا في ذات الثقافة ، فإن الإستيعاب يحدث بشكل تصاعدي ، فالعمال الإسبان والبرتغاليين الذين يستخف بهم اليوم في فرنسا ، سيندمجون معا ضمن جيل واحد من السكان ، مثلما فعلت سلالة الكورسيكيين مع البولنديين في عصر (نابوليون) والشيء ذاته حدث مع (البامبارا – الآتين من مالي) الذين عاشوا في السنغال وأندمجوا بعد جيل واحد . أما في الحالات التي تكون فيها الفجوة العرقية والثقافية واسعة فإن التوترات تتفاقم مع الزمن : مثلما وجد الأفريكانز ، الأفارقة والعرب أنفسهم في مواجهة ذلك الوضع في أوروبا . إن التعايش يصبح ممكنا فقط في دولة إشتراكية حقيقية أو دولة تبنت فلسفة أخلاقية عالية . (3) قانون المسافة : يمكن لمجموعتين عرقيتين لا تتقاتلان على نفس الحيز المعيشي أو ذات السوق وتعيشان في أقاليم منفصلة متباعدة عوضا عن التعايش في إقليم واحد ، يمكنهما أن يدخلا في علاقات طبيعية وتحالف يمكن أن يفسّره تحالف المانيا الهتلرية مع اليابان وبين الآريين الأنقياء والجنس الأصفر خلال الحرب العالمية الثانية . اليوم تحاول (بريتوريا) أن تلعب على هذا العامل وأن تخدع الدول السوداء محاولة إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية ، ناسية أن كامل القارة الأفريقية هي موطننا الأصلي . إنّ علاقات بريتوريا مع إسرائيل تقع في نفس هذه الفئة . (4) قانون النمط الظاهري : في العلاقات التاريخية والإجتماعية بين الشعوب يكون العامل الوحيد المتداخل في البداية هو النمط الظاهري وبناء على ذلك تظهر الاختلافات على هذا المستوى . لا يهم كتيرا إن كان (بوتا) و ال (زولو) لهما نفس النمط الجيني أي أنهما يحملان نفس الجينات في كروموساتهما وهذا ليس له تأثير على حياتهما اليومية كون صفاتهما البدنية الخارجية مختلفة تماما . وفقا للمادية التاريخية فإن قوانين الصراع الطبقي تنطبق فقط على المجتمع الذي جعل منه مجتمعا متجانسيا عرقيا عن طريق العنف . إن المادية التاريخية في تحليلاتها تتجاهل عمليا مرحلة الوحشية والصراعات الداروينية التي سبقتها وفي ذلك كلة مدعاة للأسف لأن معظم أمم اليوم مرّت عبر هذه المرحلة . إن هذه هي الحالة الأكثر شيوعا وليست الإستثناء كما يرى (انجلز) : (إن هذه الحالات القليلة هي حالات معزولة للفتوحات ، حيث عمد الفاتحون الأكثر بربرية إلى إبادة السكان أو طردهم ، فهم إما دمروا أو تخلوا عن القوى الإنتاجية التي لم يعرفوا كيف يستخدمونها) . في الواقع فإن هذه الفئة تشمل : أمريكا (الشمالية ، الجنوبية ، الوسطى) ، استراليا ، تسمانيا ، نيوزيلندا ، جزء كامل من آسيا ، جزر الباسفيك ، جرينلاند ، ايسلاند ، إسكيندنافيا وأخريات . لقد جلب السود إلى أمريكا للعمل على أرضها بينما تم تدمير سلالتها العرقية . إن التدريب السنوي الشاق الذي يتلقاه الضباط الغربيون في الأمازون هو لأن يكونوا جاهزين لتدمير أي عدو (آسيوي) يحاول أن يستقر هناك . إن كان من شيء يقال في هذا الصدد فهو أنه أمر غريب . إنّ كل الكتاب الذين يتناولون العنف من دون التجرؤ على الوصول إلى هذا المستوى الأساسي ، حيث يطبق العنف الوحشي على أساس جماعي وحيث مجموعة كاملة من الناس تنتظم لا لتخضع مجموعة أخرى ، بل لا بادتها جميعا بوعي أو بغير وعي ، إن هؤلاء ينغمسون في الغيبيات ويتجاوزون الموضوع بالإمساك فقط بجوانبه الفلسفية . في سياق التاريخ وحينما تتنازع مجموعتان بشريتان على حيز إقتصادي حيوي فإن الإختلاف العرقي الضئيل يمكن أن يتضخم ويصبح مؤقتا ذريعة للإنقسام الإجتماعي والسياسي : كالاختلافات في النمط الظاهري ، اللغة ، الديانات ، السلوك الإجتماعي والأعراف . في مسار التاريخ غالبا ما يسيء الفاتحون إستخدام هذه الحجج لتعزيز هيمنتهم على أسس عرقية : إستغلال الإنسان للإنسان ثم التظاهر بالنمطية العرقية ، الطبيعة الإجتماعية بالمعنى الإقتصادي وذلك لفترة غير محدودة من الزمن لكي تلائم المخطط التمهيدي للمجموعة العرقية المنتصرة . * شيخ أنتا ديوب . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.