عندما اجلس الي نفسي وأتأمل الحال التي انا عليها الان اجد أني كنت واحداً من المحظوظين جداً بين كثير من اندادي ودفعتي من المرحلة الاولية وما بعدها، أؤلئك من كانوا في قريتي او في ايٍ قرية من تلك القرى المجاوره وهي على فكره قرى كثيرة لم تصلها فى ذاك الوقت خدمات تعليمية او اي نوع من تلك الخدمات الضرورية ولا ادري هل تم ذلك بقصد ام بغير قصد ..وليتني اعرف الكيفية التي بموجبها تم وجودها (القرى) فهل ياترى وجدت هذه القرى قبل قيام المشروع ام كان وجودها أصلاً جزء من المشروع نفسه والذي كان ومازال بلا شك يحتاج الي قوى عامله والي ملاك او بالاحرى مزارعين لكن المرجح ان هذه القرى كانت موجودة قبل قيام هذا المشروع الحيوي ... عموما كلامي عن حظوظي في التعليم او التوظيف احسب انه ليس من باب الافتراء او التكبر، حاشاي ان اكون من ذلك النوع البشري ولكني اظن باني محظوظ ان واصلت تعليمي النظامي رغم تلك العثرات الكتيرة-وحتى الجامعة كمان -واحمد الله على هذه النعمة ولكن هذا طبعاً لا ينفي ان البعض من اولئك الانداد قد نجحوا في نواحي اخرى من حيواتهم حتى ان بعضهم عاد واكمل تعليمه وهم بالطبع قلة اعتقد انها تعد على اصابع اليد، وانا لا اقصد من هذا الحديث بانني كنت (طالع في الكفر ) ولا مقددها زي مابقولوا.. فِي اعتقادي ان دخولي الجامعه كان له الاثر الكبير في ذلك الامر الذي ساحاول ان اكتب عنه الان وهو المجال العملي فقد حدث ان تناقشنا نحن تلك العصبة اولو الباس الفلسفي ووصلنا لراي وهو اننا لابد ان نعتمد على انفسنا عليه قررنا ان نبحث عن وظائف اي كان نوعها حسب اعتقادنا، وكنا بحكم فهم الشباب وقتها محقين انها حتماً ستجعل منا اولاد بنعرف المسؤلية وكمان غير كده حانكون ماليين هدومنا وجيوبنا وفعلا بدأنا رحلة البحث وكنت من المحظوظين..حيث ارسلت الي ذاك الحي الراقي بالخرطوم شرق والذي اشتهر بهذا الاسم وتمتد حدوده من شارع المك نمر غرباً حتى القيادة العامة للجيش وشمالاً يحده شارع الجامعه وجنوباً تحده الخرطوم2 كان ذلك الحي احد الاحياء الحكومية التي أنشأها المستعمر البريطاني لكبار الموظفين لذلك تجد ان طابع المنازل انجليزي.. كتبت هذه الخاطرة وحزني على فتحية كالجرح الذي لايندمل وعلى مثلها تنهمر الدموع فهي التي كانت تنثر المكان بعبير طيبتها وكريم خصالها وتصالحت مع دنياها بطيبة قل ان توجد جمعتني بها الوظيفة وكنّا اسرة واحده في حوش المجلس القومي للاداب والفنون لاتعرف الخفير من الامين العام.. الداخل الي حوش المجلس ستستقبله اشجار النيم الضخمة وتلك الحديقة الخضراء وعلى نهايتها تقع قطية عم قيلي اول امين عام للمجلس ثم تمضي قليلاً ليلقاك عمر خيري ذاك الفنان الرهيف المشاعر ذو الطول الفارع والاناقة..ولابده من ان تراه مبتسماً تارةً وتارة يضحك وهو مندس في عالمه الخاص ولكنه يا ويحي فجأة ينهض كعملاق ادريس جماع والذي صوره في ابيات شعره المشهورة واظن ان جماع كان يعني نفسه: هيّنٌ تستخفه بسمة الطفل قوىٌ يصارع الاجيال حاسر الرأس عند كلِ جمالٍ مستشفٌ من كل شيٍ جمالا يقف عمر خيري ويقول ليك بجيك (هسي).. اما ان حدث ودلفت الي مكتب الامين العام لشغلة او قلة شغلة فتحضنك ابتسامة فتحية وروحها الطيبة الممراحة وتحسب انها تخصك وحدك بتلك الابتسامة ولكنها لمن عرفها عالم كامل من الود والعطاء..فتحية شمعة خبأ ضؤها بعد تعبت من الاحتراف سقى الله قبر فتحية من مزن الرحمة وكل من فارقنا من احباب.. عزائي يا حنان لك وللاسرة اللهم هذا قدرك وهذه وديعته رددتها اليك فلطف بها... عثمان يوسف خليل عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.