قرية رادونا .. تقع في قلب ولاية شمال كردفان النابض ومصدر الخيرات والثروات ..مابين مدينة الابيض عاصمة الولاية ومدينة الرهد ابودكنة .. رادونا تنام على تلال الرمال آمنة مستأمنه .. يأتيها رزقها بما يجود به رب العالمين من ماء السماء .. فتكتسي الرمال الخضرة وتدب فيها الحياة فتعطي خيرا وفيرا.. فتجود بالسمسم والكركدي والفول السوداني الذي تغذي به اسواق المحاصيل في الابيض والرهد وام روابة والتي بدورها تغذي خزينة الحكومه ب (العملة الصعبة ) .. وهذا الجانب الذي يعني الحكومة السودانية في الامر.... رادونا حاضرة لاكثر من 13 قرية تحيط بها من كل جانب كما يحيط السوار بالمعصم .. سكانها يقدرون ب 000ر200 نسمة نسيجا من مختلف القبائل وهي وجهة ومقصد لتجارة المحاصيل المذكورة .. انه خير وفير.... وعليه .. المعاناة من الاهمال والتهميش : بما ان الانسان هو عصب التنمية .. الا ان الانسان في رادونا يعاني معاناة لا تستطيع مجرد كليمات منمقة ان تفي بترجمة واقع الحال الذي يعانون منه .. لم تعر الحكومات المتوالية على حكم السودان منذ الاستقلال انتباها لهذه المنطقة المنتجة بتقديم الحد الادنى من الخدمات الضرورية للانسان والحيوان وفقا للمعايير الانسانية المعروفه .. ومازال الاهمال والتهميش هو واقع الحال .. بعض الامثلة على ذلك : الصحة: المبنى الوحيد في رادونا المشيد من الطوب المكحل بالاسمنت هو ( الشفخانة ) التي هي عبارة عن غرفة امامها برندة بمساحة كلية 18م م .. قام بتشييدها المستعمر الانجليزي ابان حكمه للسودان .. على رأس هذه الشفخانة (باشممرض) تنحصر مهمته في تقديم الاسعافات الاولية لاهل القرية .. اذا قدر الله واصيب مواطن بجرح يتم ربط الجرح بقطعة نظيفة من القماش ويغسل الجرح بماء الملح .. لا يتوفر الشاش والقطن وصبغة اليود .. وعلى المريض توفير الشاش والدواء من مدينة الابيض او الرهد على نفقته الخاصة .. واذا كان الفصل خريفا فهذا هو العلاج المتاح على ايتها حال ... والله الشافي . التعليم : في رادونا مدرسة ابتدائية (اساس) واحدة مختلطة بنين / بنات عبارة عن راكوبة (مشلعة) يتخللها ضؤ الشمس من كل جانب ..لا تقي حرا ولا بردا .. تلاميذها يفترشون الارض .. لم تشملهم مكرمة ( اجلاس الطالب ) بعد ..المهم ..القائم على امر هذه المدرسة معلم واحد هو المدير والمدرس البارع في كل المواد .. عربي .. حساب.. تربية اسلامية .. تاريخ..جغرافيا ..الخ (موسوعة).. جهوده هذه تلقى من مواطني رادونا الشكر والعرفان .. رغما عن النتيجة الثابته التي تحرزها هذه المدرسة منذ ما يزيد على ال30 عاما (لم ينجح احد) .. ولكن يبقى الشرف والفخر بهذه المدرسة لاسهامها في محو الامية وتخريجها تلاميذا يكاد احدهم ان يقرأ ويكتب اسمه و بعض الكلمات كما يستطيع إجراء بعض العمليات الحسابية من طرح وجمع .. (أليس هذا فاقد تربوي) .. يلجأ بعض الآباء من ذوي المقدرة لابتعاث ابنائهم طلبا للعلم في الابيض والرهد وام روابة .. (اطلبوا العلم ولو بالصين) .. الديني: يوجد بقرية رادونا مسجد مبني من الطوب الاحمر شيد حديثا على نفقة احد ابناء مدينة الرهد المحسنين جزاه الله خيرا .. ويقوم عمنا الشيخ / حاج الضي حولي .. شيخ السجادة برادونا وبعض الشيوخ الاجلاء بتدريس القران و علوم الدين والفقه في هذا المسجد طوعا وطمعا في الثواب من عند الله تعالى .. هذا حال بيت من بيوت الله في القرن ال 21 يفتقر الى الانارة ومكبرات الصوت.. خطبة الجمعة لايسمعها الا من حظي بمكان في الصفوف الامامية ..والمشهود لحكومتنا الرشيدة المسلمة اهتمامها بهذا الجانب حيث نشاهد في التلفزيون المساجد الفاخرة التي شيدتها حكومتنا الرشيدة .. والامل معقود عليها بعد الله. المياه: في رادونا دونكي واحد يمد الاهالي بالماء .. يتم توزيع الماء ما يجود به هذا الدونكي من مياه بنظام الحصص لكل اسرة والتي لا تكفي حاجة الانسان والحيوان لولا وجود بعض الابار والحفائر لهلك الانسان والحيوان عطشا .. وتفاقمت المشكلة نتيجة زيادة عدد السكان اضعافا فاقت العدد المستهدف والطاقة الانتاجية لهذا الدونكي الذي غالبا ما تتعطل و تتوقف مكائنه عن العمل نتيجه الاعطال المتكررة .. ولولا ان الماكينة والمضخات المستخدمة فيه صناعة انجليزية اصليه لتوقف الدونكي تماما واستحالت صيانته .. معاناة الانسان في هذه القرية من شح ماء الشرب معاناة لاتوصف .. انه العطش ... (الناس شركاء في الماء والنار والكلأ) . علاقة القرية بالحكومة .. علاقة رادونا بالحكومة وطيدة جدا .. حيث يفد الى رادونا كل عام في موسم حصاد المحاصيل بعض الافندية الذين يرتدون البدل الرمادية ذات الكم الطويل بملامحهم القاسية ونبرتهم الحادة طلبا لجباية الضرائب والزكاة والمكوس المتعددة .. ولا يغادرون القرية الا بعد ان تمتلئ خزائنهم تماما بالمال وشاحناتهم بالمحاصيل .. ثم تنفرج اساريرهم تلك العابسة عند قدومهم للقرية وتنقلب الى سعادة بما جبوا من اموال .. ولكن هذا ليس كل شئ ..ولم يكد هؤلاء الافندية يغادرون الا و يفاجأ المزارع بافندية آخرين يرابطون بالطرق وبرفقتهم عساكر مدججين بالسلاح يقومون بايقاف اللواري التي تحمل ذات المحاصيل التي دفع المزارع جبايتها آنفا في موقع الانتاج و بكل غلظة وفظاظة يطلبون مجددا جبايات اخرى .. وعندما يبرزلهم المزارع المستندات التي تثبت ان الحكومة سبق وان قامت بجباية الزكاة والمكوس الاخرى من ضرائب وعشور وجبانة .. الخ .. يجيب الافندية بان تلك جبايات تخص الحكومة بالخرطوم .. وماهم بصدد جبايته مجددا هو لصالح الولاية والمحليات .. نتيجة لهذا النزف والجبايات المتكررة والمتعددة التي القت بثقلها على المزارعين هجر الكثير منهم مهنة الزراعة وفروا هربا بجلودهم صوب العاصمة والمدن الاخرى ابتغاء كسب عيشهم من مهن بديلة ( ماتسميه الحكومة بالمهن الهامشية ).. مما تسبب في انتشار الفقر والعوز وما يليهما من مشاكل اجتماعية معروفة .. (اتركوهم ياكلوا من خشاش الارض) . منطقة مهمشة : بعض من اصحاب الحظوة من ابناء القرية ممن نالوا حظا من التعليم (المثقفين) .. من الذين يجيدون قراءة الصحف ويشاهدون القنوات الفضائية ويتحدثون بالموبايل (العولمة) .. نما الى علمهم ان الحالة التي تعاني منها رادونا تسمى (التهميش) .. وان بعض القرى المماثلة حالتها لحال قريتهم في بعض مناطق السودان الاخرى يتمرد ابنائها على الحكومة تحت مسمى .. حركة تحرير .. عدالة .. مساواة ..الخ .. ولما كان الانسان في رادونا بطبعه مسالما متصالحا مع نفسه وصبورا .. يفوق صبره صبر سيدنا ايوب .. صبرعلى الحكومات المتعاقبة على حكم السودان .... ومازال صابرا .. الى حد مله الصبر نفسه صبرهم.. ولكن المواطن برادونا انسان مستأنس لايجلب شرا .. لايسعى لمال او سلطة .. كل مايريده الحد الادنى من حقوق المواطنة المتمثل في الخدمات الضرورية للحياة ليس اكثر.. هذه الكلمات المملؤة بالانين ومرالشكوى ماهي الا صياغة بقدر المستطاع لانفعالات الشيخ / حاج الضي حولي ..شيخ السجادة برادونا المعطاءة ..اللهم هل بلغت فاشهد .. بمنتهى الديمقراطية .. Yusri Manofali [[email protected]] /////////////