يقف الاهتمام بالطفل عندنا بالسودان في آخر صف الاهتمامات والأولويات وهذه سمة من سمات العالم الثالث وملمح من ملامح التخلف الحضاري اذ أن كل الدول المتقدمة حضاريا وعلميا وثقافيا تولي أمر تثقيف الطفل وتدريبه وتأهيله اهتماما منقطع النظير باعتبار أنه دعامة المستقبل . وعندما زارت فرقة طيور الجنة السودان في الشهور الماضية وقدمت أعمالها وحفلاتها بالخرطوم وبورتسودان كنت كغيري من الكثيرين الذين لم يسمعوا بالفرقة مسبقا ، مندهشا ومستغربا جراء الاهتمام الكبير الذي صاحب تلك الزيارة ، وهذا ما لفت انتباهي وجعلني اهتم بمتابعة ومعرفة فرقة طيور الجنة والقناة وتحليل الظاهرة عن قرب. قناة طيور الجنة كما وجدتها فهي قناة لم تخلق هكذا عن طريق الصدفة وانما هي نتاج لجهود ومجهودات تعب عليها مؤسسوها لعدة سنين وقد بدأت فكرتها كفرقة غنائية صغيرة تنشد وتتغنى ببعض الأناشيد للأطفال فتطورت الفكرة حتى وصلت الى قناتين للاطفال الأولى للأطفال الصغار والأخرى للذين يفوقونهم عمرا وعقلا .. القناة تعتمد في هيكلها الفني شاعر وملحن " موسيقي " وفني جرافيك بالاضافة لفرقة المنشدين وبعض الأطفال الذين دخلوا عالم النجومية قبل مرحلة المراهقة بانتشار اعمالهم وأصواتهم إذ أن القناة ذات صيت وحضور ومشاهدة عالية من قبل معظم الأطفال وبالتالي الاسر التي تضمهم فمشاهدي القناة الان هم " الاطفال والامهات والأباء " . من حسنات وايجابيات القناة اهتمامها بالفضائل الاسلامية ونشرها ومدحها لكل جميل من الصفات وبالتالي فهي تساهم في تربية وتعليم النشء سلوكيات اسلامية جميلة كتحية الاسلام ؛ والتوكل ؛ والمشيئة ، وتنشر قيم العدل والاخاء والرأفة بالانسان والحيوان وتحذر من الصفات الزميمة كعقوق الوالدين والظلم والكذب وغيرها من الصفات السيئة كما أنها تعرِّف الطفل بابجديات التعلم كمعرفة الايام والشهور والحروف والفواكة والخضروات وفوائدها عبر كلمات مبسطة جدا يفهمها الطفل . يقيني أن الكثيرين يمكن أن ينتقدوا القناة خاصة في مستوى الشعر والاناشيد التي تقدم بالقناة لكن بالنظر الى التجربة من زاوية سبقها وتفردها وابتكارها وطرقها لهذا الباب قبل الآخرين ومواصلة المسيرة فهذا في ذاته قمة النجاح . في تقديري أن تميز القناة وتفوقها بعد حسن الادارة طبعا قد جاء بتلك الكلمات البسيطة والألحان الحلوة التي استطاع بها محمد بشار وعبد القادر زين الدين وخالد مقداد أن يعبِّروا عن اهتمامات الطفل كما ان الصور الكرتونية البسيطة ساعدت في جذب الانتباه أكثر . وما يمكن أن يؤخز على القناة هو تكرارها للاعمال ، وتركيزها على الاسلوب الواحد في المنتج البرامجي والأناشيد فقط، كذلك اعتمادها المفردة الشامية العامية وهذا موضوع من الخطورة بمكان لاننا قد نجد كل الاطفال السودانيين في السنوات القادمة مسلوبي الهوية يفهمون ويتحدثون لهجات أخرى ولا يعرفون موروثاتنا ومفرداتنا العامية ذات المدلول العتيق وبالتالي يجب أن نفرد له مساحات أخرى للبحث. نجاح قناة طيور الجنة أثبت أيضا قصورنا الاعلامي ، فهشاسة البناء الاعلامي الاستراتيجي وضعف مساهمة الدولة وعدم اهتمامها بالنشء هو الذي سمح ، وسيسمح دائما بمثل هذه الاختراقات سواء كانت ايجابية أم سلبية .. مفردة من القناة : الحلو صار يحبي اسم الله علي حبيب قلبي و من الفرحة صار بدو يطير يا ناس صلو ع النبي .. Mohmmed Elkhair Hamid [[email protected]]