بين الحين والأخر تصل لجموع المواطنين نداءات وبيانات من قوى سياسية (قديمة كانت أم جديدة) بمحتويات رخوة وآمال عريضة لا تجد لها مرتكزات حقيقية . الكل منهم يسعى وبدون حياء أو استحياء متناسين تجاربهم السابقة أو متعللين بأسباب واهية لا أصل لها في خريطة الحقائق السياسية المطموسة معالمها بفضل اجتهاداتهم السابقة في لي عنق الحقيقة. مطالبين الجموع في المساهمة في تكوين قاعدة عريضة من القوى الشعبية مطالبة إياهم بالتضحيات الجسام . فعلى مدى ما يقارب ربع قرن من الزمان وجموع الشعب السوداني كان يعقد الأمل على القوى السياسية المعارضة للتخلص من فئة جاءت واستولت على السلطة بتعاون أو تخاذل من جهات كانت لها يد في اعتلال أمر الدولة وتفشي الفساد فيها و ساهمت وأرست قواعد الخلل في كامل هيكليات الدولة بأركانها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وساهمت بذلك في ضياع الثروات والمكتسبات لتكون كل ممتلكات الدولة مباحة للسلب والنهب تحت مسميات ومقتضيات أطلقوا لها من الأسماء ما يروق لهم. فجاء أمر تقاسم السلطة والثروة بانسيابية لتأخذ شرعيتها المختلقة و المفتعلة بأدوات وأفكار كانوا هم صناعها وبمشاركة ومباركة من جهات لهم فيها منافع وجعلوا منها شعارا ونهجا أدت إلى تقاسم وتمزيق الدولة ذاتها بين جنوب وشمال وشرق وغرب ليبقى الوسط في وطيس التنازع والتنافس بين أفراد وجهات وأحزاب وقيادات سياسية تطلب اعتلاء المناصب ذات المكاسب . وبذلك تمزقت الأحزاب والقوى السياسية وفقدت شعبيتها لأنها أصبحت تهرع نحو المكاسب والمناصب وإرضاء السلطات بتمرير سياسات النظام القائم بالمقابل المادي أو بالمناصب أو بالمشاركة في قيادة زمام الدولة . ما من جهة سياسية أو قيادة عارضت.. و إلا جلست تفاوض وتساوم لتحظي بنصيبها في كعكة السلطة والثروة التي أصبحت مباحة ومتاحة لكل من عارض وفاوض بمؤازرة فصيل مسلح... لتنشق تلك الفصائل إلى ألوية ويتكون منها فيالق و مليشيات مسلحة تنذر بالخطر وتهدد امن الوطن المواطن المغلوب على أمره. ولتسعد السلطات والنظام القائم بطول أمد بقائه ليتمخطر أعضاء الحزب الحاكم ويصدرون من التصريحات المستفزة أشكالا وألوانا وبكل أريحية و بمصطلحات غريبة ونادرة الاستخدام لينشغل القاصي والداني بتلك المفردات الغريبة في قواميس اللغة والساسة والجديدة على مسامع المتلقين .. في ذات الوقت وبالتزامن مع الأحداث يكون قادة الأحزاب السياسية ورموز المعارضة منشغلون بتشكيل هيكليات بمسميات جديدة تصب كلها في استمالة جموع الشعب المغلوب على أمره للانضمام والمساهمة في تكوين شكليات تعمل او توعد بإزاحة النظام إما بتشكيل فصائل مسلحة أو بتكوين تجمعات لقوى سياسية بمسميات قد تكون( مختلفة أو متفقة ) ولكن اغلبها تهدف بصورة أو أخرى إلى حشد اكبر عدد ممكن من المعارضين لتكوين قاعدة عريضة تؤهلهم لنيل المكاسب المرجوة أو المتوقعة إما بالتفاوض أو التقاسم. اغلب تلك الأحزاب السياسية وقادة القوى السياسية بمختلف مسمياتها ساهمت وساعدت ودعمت بصورة مباشرة أو غير مباشرة هذا النظام القائم لتبقى على سدة الحكم وتمارس صنوف الويل والقهر والعذاب للمواطنين لمدة فاقت ربع قرن من الزمان.. وكل الدعوات والبيانات الصادرة منها لا توحي بأنها جادة في تحقيق مكاسب للشعب المغلوب على أمره . بل اغلبها إن لم تكن كلها تريد أن تجعل من الشعب والمواطنين سُلمة ترقى بها إلى مأربها . الحل الأمثل هي الثورة على كل ما هو قائم من تنظيمات وأحزاب وقيادات بالية عتيقة اعتادت أن تكون دائما في الخلف تصدر البيانات وتشجب وتشيد وتستنكر وتحشد جموع المحبين للاحتفالات والكرنفالات وما إليها بينما تكون غافلة أو فاشلة أو غير قادرة في تحريك كوادرها لمصلحة الوطن والمواطنين. تلك هي قيادتنا وأحزابنا فهم في الأصل أصبحوا مجرد أدوات تحركها المصالح الحزبية والأطماع الشخصية لا يبالون بمصلحة الوطن والمواطنين وبذلك أصبحوا مجرد فئة فاقدة للبوصلة والدفة لا يصلحون لقيادة مركب شراعي في مجرى نهر ساكن . محمد سليمان احمد ولياب [email protected]