عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. الجزء السابع بقلم: د. زهير عامر محمد المملكة المتحدة 2015 الزمن يسير بخطوات مسرعة علي جسد بلدتي الهادئة . انامل الايام ترسم علي خدود القرية كثيراً من الخطوط والاشكال والتجاعيد المختلفة . يد الدهر تشكل علي شعر البلدة ، المخضب بالسواد، بعض الالوان الرمادية . هذه الازمنة رسمت علي شفاه القرية الناعسة صبغة سوداء حالكة السواد، حزنا علي زمن جميل ، حسرة علي ايام خوالي لن تعود. كما مرت انامل الزمن علي جسد القرية باشكال مختلفة ، كان للأيام أثر علي نور بنت الحاج أحمد ، زارع الحقل في البكور،الحاج الورع التقي النقي ، ازدادت نور القا وبريقا وجمالا.تجاوزت الثامنة عشر ربيعا.اصبحت فارعة الطول كنخلة سامقة علي جروف النيل . ازداد لونها بريقا كحبات القمح في حقول شتوية باردة امتدت علي الارض لتصل التلال والجبال ، لتاخذ شيئا من لون التبر المخبأ في السفوح ، امتلأت عيناها بياضاكعيون المها العذراء ، ترعى وتروي من ماء عذب زلال ينساب بين الحقول والمزارع والجروف . الشعر كليل بيهم،غطي بثوبه الكون فازداد سواداً حالك السواد ، ينيره قمر ابيض باهر كاسنانها ، يعطي جمالاً وحسناً لثغرها الخلاب. كلما ترك الزمن آثار نقشه علي جسد نور، ازداد طلابها من ابنا عمومتها وخلانها، كثر هم من قذف به الزمن في بحار غربة لجية ، راوده الحلم بطلب يديها من والدها الحاج احمد.كل عام نور تزداد نضجاً،كل عام تزداد بريقاً . احلامها متعددة ، وغاياتها سامية.لاتحلم بالزوج الثري ، لاتحلم كبنات الحي أن ينال يدها ميسور الحال ، أحلامها لغيرها، غاياتها للآخرين. تحلم بان تكون شيئاً آخرا، تتمني ان تعطي الآخرين ، تتمني ان تضع بسمة صادقة علي شفاه الغير. كصفاء لونها ، وبياض ثغرها ، عشقت الصدق في عيون الأطفال ، أحبت البراءة في عيونهم.احبت العطاء عند الأمهات، عشقت تفاني الأمهات ، تتمني أن تكون شعلة مضيئة لهم،تضيء ظلمات الجهل والظلم ، حلمها ان تعلم وتمحو هذا الجهل الجاثم علي عقول نساء الحي ، تعلم الأطفال الحروف والكلمات الاولي لاغنية الحياة ، لتكون الحياة لحناً جميلاً يردده الصغار والكبار بصوت واحد،لحن واحد،الحياة شيء جميل ، لياخذ كل منهم حقه في العيش الكريم ، ولد فقيراً لايعني البؤس ، ولد معدماً لايعني الحرمان ، الكل له حق الحياة الكريمة ، الكل يستحق ان يغني للحياة بصوته،الكل يستحق ان يرقص للحياة بقدمية ، يحدق لها بعينه ، ويلمسها بيديه ، ويردد لحن الخلود بشفتيه. كل اسرتها وأهلها يغلبهم الشوق أن تزف في ثوب ابيض جميل ، الي فارس قادم من بعيد ، ياخذها الي دنيا جديدة،عالم آخر، تحلم به كل حسناوات البلدة الصغيرة ، لكن أحلامها تختلف ، امنياتها ليست كغيرها ، قد تقف بعض الجدران من عادات القرية ، قد تطول بعض الحواجز في عقول أهلها، لكن عزيمتها اسمي ، غايتها أنبل ، تريد ان تعلم الصغار، تضع البسمة علي شفاههم ، تريد ان تعلم الأمهات ، تمحو تلك الامية من عقولهم، علها تنير ظلام الغد ، علها تنير عتمة القادم. *قصة قصيرة من خيال الكاتب، الأسماء والشخصيات والامكنة غير واقعية ، اذا حدث اي تطابق فتلك محض صدفة.