استبق رئيس الجمهورية المشير عمر البشير جميع اللاعبين في ملف السلام بين دولتي شمال السوداني وجنوبه بإعلانه فتح المعابر الجوية والبرية والحدود مع دولة جنوب السودان والسماح بعبور السلع والبضائع للجنوب قبل بدء إنفاذ اتفاق التعاون الذي ينتظر إن يدخل مرحلة التنفيذ الأسبوع القادم. عزز رئيس الدولة توجيهاته باتصالات هاتفية برئيس الجنوب سلفاكير يفيد بان سقف التعاون بين الدولتين لا تحده حدود وان الشمال سيمضي بالنتيجة في تقديم كل ما نصت عليه اتفاقيات التعاون بين الدولتين في المقابل تلقي جنوب السودان رسائل الحكومة في الشمال بإبداء حسن النية فأسرع سلفاكير بوضع حاكم الوحدة قيد الإقامة الجبرية لمناهضته لاتفاق التعاون. بالطبع لن تكون الإقامة الجبرية إلا رسالة شديدة اللهجة للجماعات الرافضة لاتفاق التعاون مع الشمال وهي مجموعات ذات تأثير فعال في رسم السياسية التفاوضية عبر اللعب بورقة الأمن في الجنوب فقد تعمد تلك الجماعات الثارة اضطرابات أمنية في مناطق واسعة من الجنوب بهدف عرقلة اتفاقيات حكومة الجنوب مع جيرانها في الشمال. ويري مراقبون إن أي اتفاق بين الدولتين سيجد معارضة من أطياف واسعة من المتطرفين والرافضين لأي تقارب بين شمال السودان وجنوبه. خطاب البشير لدورة الانعقاد السادسة للهيئة التشريعية (البرلمان) أكد علي تقديم الحكومة والجهاز التنفيذي كل ما يلزم لاتفاق التعاون مع الجنوب ببداية سريان اتفاق الترتيبات الأمنية وملف النفط وشدد البشير على إن فك الارتباط بين حكومة جنوب السودان والحركات المتمردة في النيل الأزرق وجنوب كردفان سيقود لحلول سلمية عبر التفاوض مع الجنوب بعد التأكد من إن دعم المتمردين لم يعد ممكناً عبر الحكومة في الجنوب في المقابل ابدت الحكومة استعدادها لإنفاذ اتفاق الحريات الأربع الذي يمكن مواطني دولة جنوب السودان من التحرك والعمل والسكن أسوة ببقية المواطنين برغم معارضة قوى سياسية لها نفوذ ومنابر إعلامية نشطة كحزب منبر السلام العادل الذي يبدو انه خسر معركته مع الحريات الأربع التي استطاع الإطاحة بها في لاتفاق السابق مع دولة الجنوب. قدم خطاب رئيس الجمهورية قضايا السلام والاقتصاد على سلم أولويات الجهاز التنفيذي في المرحلة القادمة بيد ان برامج التنمية لن تكون ذات اثر فاعل على الواقع إذا لم توفر البيئة الاقتصادية الملائمة واستقرار الأمن سيما في مناطق التماس الحدودية مع دولة جنوب السودان. أشار البشير إلى أن استرداد منطقة هجليج بعد احتلالها من قبل الجنوب أعاد معدلات الإنتاج لطبيعتها وضمن في ذات الوقت توفير سياسات لزيادة إنتاج النفط ورفع مساهمته في الاقتصاد القومي. في سياق تعزيز فرص التحول الديمقراطي والسلام خاصة في مناطق النزاعات المسلحة في إقليم دارفور ربط خطاب الرئيس السلام في المنطقة بمدي نجاح التجربة الدستورية والممارسة الديمقراطية التي تقود لتوسيع دائرة السلام والاستقرار والتعايش الاجتماعي فأكد على دعم الدولة لاتفاقية الدوحة واستمرار جهود الحكومة بالشراكة مع المجتمع الدولي لإنجاح مؤتمر المانحين الذي سيعقد في دولة قطر في ديسمبر القادم في المقابل أكد الرئيس على اتصال الجهود مع حركة التحرير والعدالة لإنفاذ نصوص الاتفاق على الأرض باجازة هياكل سلطة دارفور الإقليمية باستيعاب العناصر القادرة عليى انزال بنود الاتفاقية على ارض الواقع. جدد الرئيس كما درج في كل خطاباته أمام البرلمان توجيهه الدعوة لحركات دارفور التي قاطعت اتفاقية الدوحة كإطار للحل الشامل لازمة الإقليم قاطعاً باستعداد الدولة للعودة للحوار والسلام في سبيل وطن يسع الجميع. لم يغادر خطاب الرئيس أمام الهيئة التشريعية محور الدستور باعتباره ساس الإصلاح السياسي الذي يقوم على تصحيح العلاقة بين المواطنين والدولة على أساس التعاقد على الواجبات التي تعين على الدولة القيام بها تجاه المواطن والحقوق والواجبات التي يتعين على المواطن الالتزام بها أما الدولة. فأشار إلي مساع متصلة لإقرار دستور للبلاد ينظم العلاقة بين الدولة والمواطن ويحظي في ذات الوقت بإجماع القوى السياسية والمجتمع المدني والفاعلين في الساحة من مفكرين وأكاديميين. تدخل دولتا السودان وجنوب السودان مرحلة حاسمة من اختيار مقدرة الطرفين على الوفاء باستحقاقات اتفاقيات السلام فإما النجاح في تجاوز واقع النزاع وانعدام الثقة الذي يسيطر على أجواء البلدين الآن وبالتالي الانتقال لمربع التطبيع الكامل للعلاقات وصولاً لجوار آمن ومستقر يقوم على تبادل المنافع والتجارة الحدودية بين الشعبين. نقلاً عن صحيفة الوفاق 11/10/2012م