هدفت ورقة واقع الفدرالية المالية في السودان التي قدمها الأستاذ علي جرقندي الخبير الإداري ومدير مركز الخبراء للتدريب الإداري في الندوة التي أعدها مركز دراسات الجندر بمجلس تشريعي الخرطوم، هدفت إلى مقارنتها ببعض الفدراليات العالمية للوقوف على حقيقة عدالة تخصيص الإيرادات المالية بين مستويات الحكم المختلفة وكيفية تطوير واقعها في المرحلة الدستورية القادمة. آخذين في الاعتبار محور هيكلة الفدرالية المالية في السودان والمعايير والأوزان المستخدمة في عملية تخصيص الإيرادات المالية ومدى عدالتها ومقدار تحقيق الرضي بين مستويات الحكم إلى جانب كيف يمكن من خلال التحويلات المالية خلق توازن بين المستوى القومي والولايات رأسياً وبين الولايات فيما بينها أفقياً تحقيقاً لفلسفة وأهداف اللامركزية المالية، كذلك تجارب التخصيص في بعض الفدراليات العالمية ومدى تقاربها مع واقع الفدرالية السودانية. وأوضح جرقندي أن الفدرالية المالية في السودان قامت على أنقاض سياسات الدعم المالي المنظمة بآلية صندوق دعم الولايات. وحسب اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي لعام 2005م فقد نظم وضعاً جديداً لقسمة الإيرادات بين مستويات الحكم الذي انتقل من واقع الدعم إلى رحاب التخصيص وعضدت هذه المرجعية بآليات إضافية تمثلت في اتفاقية أبوجا - الشرق- القاهرة. وأضاف الخبير الإداري أن الدستور الانتقالي لعام 2005م استحدث آليات جديدة للتحصيل وتخصيص الإيرادات المالية وذلك بالصندوق القومي للإيرادات ومفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية، وتم التخصيص الرأسي للولايات واتضح أن متوسط التخصيص الرأسي للحكومة الاتحادية في الخمسة أعوام الماضية بلغ حوالي (55 %) في حين أن متوسط التخصيص للولايات الشمالية (26 %) فيما كان ينبغي أن يكون اتجاه القسمة الرأسية نحو الزيادة وليس النقصان وذلك لمعالجة الاحتياجات المتنامية للخدمات بالولايات. وكانت حصيلة التخصيص للولايات مجمل ميزانيتها منسوبة للتحويلات القومية للعام 2010م. إذ كان لا تستطيع أي ولاية أن تعيش بدون تحويل ما عدا الخرطوم التي كانت تستطيع أن تعيش لفترة والبحر الأحمر لمدة شهر حيث كانت مواردها (58 %) والتحويل (42 %)، الخرطوم موارد (62 %) وتحويل (38 %). أما ولاية كسلا فكانت إيرادات (46 %) تحويل (54 %)، ولاية القضارف إيرادات (35 %) تحويل (65 %)، ولاية سنار إيرادات (23 %) تحويل (77 %)، ولاية الجزيرة إيرادات (30 %) تحويل (70 %)، ولاية النيل الأبيض إيرادات (24 %) تحويل (76 %)، شمال كردفان إيرادات (30 %) تحويل (70 %)، جنوب كردفان إيرادات (18 %) تحويل (82 %)، شمال دارفور إيرادات (17 %) تحويل (83 %)، جنوب دارفور إيرادات (33 %) تحويل (67 %)، غرب دارفور إيرادات (15 %) تحويل (85 %)، الشمالية إيرادات (24 %) تحويل (76 %)، ولاية نهر النيل إيرادات (24 %) تحويل (76 %). مما يلاحظ أن إيرادات الولايات للعام2010م هي عبارة عن عائدات التحويلات القومية بشكل أساسي وأن الصندوق القومي للإيرادات هو المصدر الرئيسي لموازنة الولايات التي اختلت إلى حد كبير بعد ذهاب بترول الجنوب وأن الحكم المحلي ظل يشكل مظلة التخصيص القومي وبالتالي أصبح يشكل القاعدة الضعيفة لبناء الهيكلي للدولة. إلى جانب الانحدار الكبير في الاقتصاد السوداني وتدني عائدات الإيرادات غير البترولية. هذا في مجمله يعتبر مؤشراً سالباً في اتجاه تحقيق التوازن بين اختصاصات الولايات ومواردها الخاصة وأن المفوضية لا تعمل باستهداف خلق التوازن وتكتفي بتحويل ناتج المعايير بغض النظر عن أن هذه التحويلات تحقق التوازن المالي التنموي بين الولايات أم لا. وأوضح الأستاذ جرقندي أن من الضروري لرؤية مستقبلية للفدرالية المالي في ظل الدستور الجديد وهي بالتأكيد على مفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية كآلية لتخصيص الإيرادات بين مستويات لحكم رأسياً وأفقياً. إلى جانب أن تنشأ المفوضية بقانون بدلاً عن مرسوم جمهوري يأخذ في الاعتبار المستجدات التي حدثت نتيجة الانفصال والاتفاقات التي أتت مؤخراً والتي وردت بها نصوص صريحة بضرورة إعادة هيكلة المفوضية بما يضمن تحقيق التوازن المالي بين مستويات الحكم، وتطوير العلاقات القانونية بين المفوضية ومجلس الولايات وأن تكون المفوضية مسئولة لدى رئاسة الجمهورية بحسبان اختصاصاتها يطال المستوي القومي. أهمية أن تسعى المفوضية لتحقيق إستراتيجية التوازن المالي والتنموي بين الولايات وذلك بإصدار مجلس الولايات لقانون التوازن المالي مستفيداً من التجارب العالمية إضافة إلى المنح والقروض لعائدات صندوق الإيرادات القومي. وإنشاء مجلس أمناء لصندوق الإرادات القومي لضمان توريد كل المدخلات وأن تعالج مخصصات التنمية بمعايير موضوعية يجيزها مجلس الأمناء. كذلك إنشاء آلية تتبع للمفوضية مسئولة عن متابعة ومراقبة صرف أموال التخصيص في أوجه صرفها الحقة في مستويات الحكم المختلفة إلى جانب ضم مستوى الحكم المحلي لمنظومة التخصيص القومي بدلاً من ترك حظوظه المالية للولايات وأخيراً أن يتم توزيع المشروعات الاستثمارية والتنموية بعدالة بين الولايات وتكون الآلية هي المعنية بهذا الأمر. ط ي