المركز الوطني لدعم المنظمات الأهلية بجمهورية مصر العربية والذي يقوده المهندس سمير عليش والذي يترأس المنتدى الأهلي للسكان والتنمية (مصر والسودان)، هذا المنتدى الذي لعب دوراً كبيراً في قضية السلام في جنوب السودان، والذي قام بأول مبادرة في العام 2004 من خلال منتدى الإسكندرية الذي جمع المنظمات الإنسانية السودانية من الشمال ومن حركة جيش تحرير السودان قبل توقيع اتفاقية نيفاشا، وجاءت منظمات الحركة بقيادة ربيكا قرنق، بينما شاركت المنظمات الوطنية من شمال السودان برعاية السفير الراحل أحمد عبد الحليم، ولعبت المنظمات الأهلية المصرية برعاية سوزان مبارك ولعب المنتدى دوراً كبيراً في التواصل بين المجموعتين، وكانت هي المرة الأولى التي تلتقي فيها المنظمات الإنسانية بين مجموعتين في حالة حرب واقتتال. المقدمة السابقة تمهيداً لعنوان المقال وهو التجارب الناجحة والعنوان من إبتكارات ومبادرات مركز دعم المنظمات الأهلية بالقاهرة، فقد تم نشر كتاب في أكثر من ثلاثمائة صفحة بعنوان التجارب الناجحة، تم رصد أكثر من مائة وخمس عشرة تجربة للمنظمات الطوعية في إمتداد الوطن العربي، وبالتركيز على المنظمات المصرية، وعدد من المنظمات السودانية حول مشروعات هذه المنظمات التي تجعل منها تجارب مفيدة يمكن الإستفادة منها، وطرحت عدداً من المنظمات فكرة المشروعات التي قامت بتنفيذها في مجالات العون الإنساني والنتائج التي تحصلت عليها من مؤشرات دراسات الجدوى ومن أبرز التجارب الناجحة تجربة منظمة الهجرة الى الداخل المصرية، هذه المنظمة قامت بإعمار مناطق سيناء من خلال إنشاء مجمعات سكانية جديدة في قرى سراقس وشرق سيناء، وركزت على البيئة الفاعلة وتطويعها ودراسة أنواع النباتات والأشجار التي تتلاءم مع البيئة والمشروعات المدرة للدخل، وإقامة مشروعات محورية تكاملية مثل صناعة الدواجن التي فكرتها إيجاد منتجات للكتاكيت وتوزع للأسر، وتقوم الأسر بتربيتها وتقوم بتسويقها للمصنع الذي يتولى ذبحها وتجميدها وتصديرها، ويقوم المصنع بتسويق مخلفات الدواجن لمصنع الأعلاف الذي يزود الأسر بحاجتها من أعلاف تربية الكتاكيت. أيضاً هناك منظمة أردنية قامت بمشروع تسهيل الزواج للشباب من خلال إقامة مشروعات مشتركة للخريجين في مختلف التخصصات، يقوم بتمويل المشروعات بنك إجتماعي يتولى تمويل احتياجات الزواج من أثاثات وتجهيزات وسكن، ويتم تغطية التكاليف من عائد المشروعات الانتاجية للخريجين. تلك بإختصار شديد نماذج إستذكرت هذه النماذج، وأرى أمامي تجربة ناجحة في مشروعات الأسر المنتجة والأسر الفقيرة، يتميز عن مشروعات التمويل الأصغر الذي تقوم به البنوك التجارية- والتي قادت النساء الى مطاردات مباحث البنوك وزجت ببعضهن الى الحراسات.. التجربة التي عايشتها تمثلت في تجربة جمعية الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية الكويتية مكتب السودان الذي يقوم بتقديم ما يعرف بالقرض الحسن للأسر المنتجة- من خلال تقديم مشروعات صغيرة تتولى منظمة وطنية طوعية متابعة تنفيذ المشروعات من خلال إلتصاقها بالعملاء أصحاب القروض الصغيرة، وتجئ تجربة الهيئة مع منظمة هبة الله لرعاية الأيتام في فكرة المشروعات التي كان أبرزها وأكثرها تفرداً فكرة تعبئة تشكيلة الفواكه بالأسعار الزهيدة التي يمكن أن تكون في أيدي الفقراء أيضاً في مجالات التعبئة الحميدة للتوابل وإحتياجات (الملاح)، والتركيز على الاحتياجات الغذائية اليومية وإستهلاكات الأسر في الأغطية والكساءات والأواني المنزلية. إن مؤشرات النجاح في مشروعات الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية الكويتية يتمثل في ثلاثة محاور أساسية أولها أن الهيئة تخفف من أعباء مصروفات التمويل للأسر الفقيرة، وهي لا تسعى للربح كما تفعل البنوك عن طرق المرابحات والإستصناع وغيرها من مصروفات فتح الحساب والضمان الغارم.. والمحور الثاني لمؤشرات النجاح أن الهيئة تتعامل في إسترداد قروضها الحسنة عن طريق منظمة قاعدية تلتصق وتتعامل وتجاور الأسر المستفيدة، وتقوم المنظمة بشراء الإحتياجات التمويلية في حدود مبلغ القرض، أيضاً تتولى هذه المنظمات عمليات المتابعة اللصيقة واليومية للمستفيدين من القرض وتتحقق من أن القرض الممنوح تم إستخدامه في المشروع وتقوم المنظمة نفسها بجمع الأقساط الشهرية من المستفيدين إنابة عن الهيئة الخيرية. تلك هي المؤشرات التي تجعل من التجربة إحدى التجارب الناجحة في مجالات التمويل الأصغر، ومجالات تنمية الأسر المنتجة، ومجالات محاربة الفقر، ويتبقى لنا هنا أن نشير الى أن معظم مشروعات التمويل الأصغر التي قدمتها البنوك التجارية كانت فاشلة لم تحقق أهدافها في تنمية الأسر وزيادة دخلها، بل وفي معظم الأحيان ضاعفت للفقراء والأرامل أعباءاً جنائية إضافة الى العوز والفاقة، وتتعدد أسباب الفشل وهنا نشير الى عامل مهم لابد أن تلتفت إليه المؤسسات الإجتماعية والتمويلية التي تعنى بهذا المجال، وهذا العامل يتمثل في تسويق منتجات الأسر نفسها في عدم منافستها وضيق مساحة السوق للمنتجات مما يؤدي الى صعوبة تدوير رأس المال وتآكله وسوف نفرد لهذه المشكلة مقالاً آخر يحتوي عدداً من الأفكار التي تساهم في معالجة تسويق منتجات الأسر المنتجة. ولله الحمد