وفي الحقبة التي تلت العام 1973 مباشرة نظر السودان الى التحويلات على اعتبار انها ستسهم في حل بعض المشكلات التي تعوق التنمية كالعجز في ميزان المدفوعات، وندرة النقد الاجنبي والمشكلات التي تسهم في ضآلة حجم المدخرات المحلية، لذا اعتبرت التحويلات على المستوى الفردي للمهاجرين وعلى المستوى الجماعي لما حققته من تغلب على بعض المشكلات المتصلة بالتنمية، غير أن ما جرى من دراسات قد كشف أنه ليس من السهل دائماً أن تكون التحويلات إيجابية المردود، وخاصة نسبة كبيرة قد تتجه إلى أنشطة الاستثمار قليل التأثير على النمو الاقتصادي، مثل اسواق السلع الاستهلاكية وسوق خدمات الاعمال وأسواق الاراضي والعقارات، وبلغ حجم التحويلات عبر القنوات الرسمية ذروته في العام 1981 حيث كانت 320 مليون دولار، ولكن معظم التحويلات كانت عبر القنوات غير الرسمية كما ورد في كثير من الهجرة، وهناك للاسترداد بدون تحويل قيمة إضافية الى السلع التي يحضرونها أو يرسلها المهاجرون بمختلف السبل. يقدر المناوي في دراسته عن اقتصاديات الهجرة 1997 مدخرات السودانيين العاملين بالخارج خلال 1980- 1990 بمبلغ 46 بليون دولار في تحويل 27% منها 14.8 بليون دولار، وتتفاوت تقديرات التحويلات الممكنة والمحولة عن دراسة إلى اخرى، ولتقدير مجموع التحويلات يجب توفير معلومات كافية ليس فقط عن أعداد المهاجرين بل ايضاً عن دخولهم وتوفيراتهم ومتوسط التحويل النقدي والعيني منهم، كذلك نجد ان مساهمة المغتربين من المحصلات من ميزان المدفوعات سجل نسبة متزايدة، كانت فقد 12% في عام 1995 ووصلت الى 95% بحلول عام 2001 ، مما يعني ان المهاجرين اصبحوا اكثر ثقة في النظام المصرفي، فقد اسهمت في ذلك بعض السياسات التي استخدمت في جذب مدخرات المهاجرين، منها السعر التشجيعي، السوق الموازي، الاعفاءات الجمركية، والاثار التي تحدثها التحويلات في السودان، ومكنت التحويلات اسرهم المقيمة في السودان من الحصول على ما يحتاجونه في حياتهم اليومية، ومن خلال عامل المحاكاة انتشرت هذه الانماط بين قطاعات واسعة من المجتمع السوداني، والواقع ان هذه التحويلات من الناحية النظرية المفروض انها تمثل مكسباً هاماً من مكاسب الهجرة بشكل عام، وعنصراً ايجابياً ساعد على التنمية الاقتصادية القومية إلا ان هذا الدور الايجابي يتوقف اساساً على مدى حسن او سوء استخدام هذه التحويلات، وتوجيهها لتحقيق اهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويمكن للتحويلات ان تلعب دوراً متزايداً لتدخل محل التدفقات الرأسمالية من الخارج، وبالتالي تساعد في تقليل الاعتماد على الاقتراض من الخارج لسد العجز في ميزان المدفوعات، وتعبئة الموارد المالية اللازمة لتمويل احتياجات التنمية واستثمارها، كما يمكن ايضاً ان تلعب التحويلات دوراً متزايداً في دفع الطاقة الادخارية للمجتمعات المصدرة للعمالة عن طريق رفع الميل الحدي للادخار في الاقتصاد القومي. ولكن على الرغم من أهمية التحويلات في إعادة توازن موازين المدفوعات ورفع الطاقة الادخارية، فانها تعتبر مصدراً غير ثابت ومتقلب الدخل والادخار القوميين، وبالتالي فان دور هذه التحويلات في تحقيق التنمية يتوقف على الاستراتيجيات الاقتصادية السائدة بالدولة، وأن الفوائد التي يمكن للسودان أن يجنيها من الهجرة نلخصها في الاتي: التقليل من انواع البطالة بأنواعها المقنعة والظاهرة.. اكتساب الخبرة والمهارات الاضافية وخاصة في المجالات التكنولوجية غير المتوافرة بالسودان.. دعم ميزان المدفوعات عن طريق تحويلات المغتربين والاستفادة منها في استيراد السلع الرأسمالية، كدفع النمو الاقتصادي في القطاعات الانتاجية... توفير الموارد المحلية التي يمكن ان توجه لمقابلة احتياجات المهاجرين الاستهلاكية والترفيهية فيما لو ظلوا بالسودان، خاصة اولئك الذين لا يسهمون في إنتاج السلع والخدمات.. الحصول على دخل افضل يحقق مستوى معيشي طيب له ولاسرته. والكثيرون يمتلكون صالوناً او حافلة او قلاباً استغلوها تجارياً، وكثيرون امتلكوا اراضي سكنية شيدوا عليها السكن او زراعية استثمروها، والبعض اشترى من مدخراته وابورات المياه والانارة لاستعمالها في الزراعة او التراكتورات لاستثمارها في الريف، هذا بخلاف استجلاب المعدات الالكترونية التي تجعل من المنزل السوداني وحده حضارة ومدنية.. الاستفادة من امتيازات المغتربين التي تمنحها الدولة للمغترب.. الاستفادة من بيع المدخرات من العملة الصعبة الاجنبية في سوق العملة الحرة لتحقيق المزيد من الفائدة بعيداً عن السعر الرسمي.. والبعض اكتسب خبرة عملية مع منظمات دولية واقليمية وفي نفس الوقت كان ذلك مكسباً وسمعة طيبة للسودان.. التعرف على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية بدول المهجر.. المساهمة في الاعمال الوطنية التي شملت دعم المجهود الحربي، دعم قوافل السلام، دعم خدمات التعليم العالي، دعم القناة الفضائية، دعم صالة مطار الخرطوم، دعم ترعتي كنانة والرهد.. وفي الختام يجب على الدولة أن تقوم برسم سياسة لخلق فرص عمل أكبر لامتصاص العمالة الموجودة في البلد. ü رسالة ماجستير