العميد بحري عبد الرحمن فرح مدير جهاز الأمن في الديمقراطية الثالثة ورئيس منبر السلام العادل السابق ورئيس مجلس شورى هذا المنبر قال في حوار أجرته معه صحيفة «آخر لحظة»: «كنت أستبعد نجاح الإسلاميين في انقلاب قبل 1989م، لأنهم حلفوا اسم الله وخيانة اسم الله ليست بالسهلة، وكنت أتوقع أن لهم إسلام ودين كما يدّعون.. وفي ذات الحوار قال أيضاً إن الروح المعنوية للجيش قبل انقلاب 1989م كانت منخفضة وأسبابها ما كان يُكتب في الصحافة الشيوعية التي كانت تسمي قرنق بالزعيم والمواطن والثائر وليس الخائن.. ونقول للسيِّد عبد الرحمن فرح القيادي بمنبر السلام العادل إن ما كانت تفعله الصحافة الشيوعية حسب شهادتك عليها كان مفسدة أكبر من حنث اليمين الذي يمكن أن يُكفَّر عنه، ومن القواعد الفقهية أن المفسدة الأكبر يمكن أن تُدفع بمفسدة أصغر وإذا كان من الممكن إسكات وإغلاق باب حرية الفوضى التي كانت تمارسها الصحافة الشيوعية، فإن عجز القادرين على التمام يبقى هنا تشجيعاً للفساد الوطني الذي كانت تمارسه الصحافة الشيوعية، كيف يتقاعس القادرون على التغيير وهم يرون حريات الديمقراطية الثالثة تُمجّد جون قرنق الذي استمر يحارب النظام الديمقراطي؟ إن ديمقراطية تستفيد منها الصحافة الشيوعية لصالح أجندتها المعادية للوطن والمواطن والموالية لجون قرنق وعرمان ليست جديرة بالاستمرار، ولذلك كان لا بد من إعادة صياغتها بحركة تغيير تأتي في المقام الأول لصالح رفع معنويات الجيش التي انخفضت بما كانت تكتبه الصحافة الشيوعية، ليسترد كل المناطق «السودانية وقتها» بعد احتلالها بواسطة الجيش الشعبي الذي كان قائده قرنق يتمتع بالتمجيد والتعظيم في الصحافة الشيوعية، فهو قد كان الزعيم والثائر والمواطن ولو كان حيّاً الآن لما كان مواطناً بل وحتى في حياته لم يشعر بانتمائه للكيان السوداني، لقد كان طليعة للمشروع التآمري الغربي الصهيوني ضد السودان، لكن هل كانت الصحافة الشيوعية تريد أن تستفيد مادياً من أموال الحركة الشعبية الطائلة؟أم تريد أن تتشفّى من نميري وتستلذ بالشماتة عليه؟ أم أن الأمر كان تعبيراً عن كرهها للجيش منذ مذبحة بيت الضيافة التي سقط فيها عشرات الضباط بنيران الانقلاب الشيوعي في لحظة يأس من فشله؟! هل كان السيد عبد الرحمن فرح الذي انضم إلى منبر السلام العادل وأصبح زعيمه ثم رئيس جهازه التشريعي يريد استمرار ديمقراطية شائهة تجعل من الجيش الشعبي بقيادة قرنق ثائراً ومن قرنق زعيماً إضافة إلى مشكلة اقتصاد الندرة التي صورتها صفوف السلع الضرورية، لأن الجبهة الإسلامية «حلفت اسم الله»؟! إن الحركة الإسلامية كان أمامها مفسدتان هما الحنث عن اليمين واستمرار الديمقراطية التي جعلت فيها الصحافة الشيوعية عدو الجيش والوطن جون قرنق زعيماً وثائراً ومناضلاً وليس خائناً.. إن الأحداث هذه الأيام ساخنة جداً في مناخ فوز مرشح الإسلاميين في مصر الدكتور محمد مرسي، وكذلك مفاوضات أديس أبابا بين السودان وإسرائيل السوداء في إفريقيا أي دولة جنوب السودان، ولكن بعد إسقاط حكم الحركة الشعبية لن تكون إسرائيل سوداء كما الآن حتى ولو كان هناك تطبيع وهذا هو الاحتمال الغالب، ولكن رغم هذا المناخ إلا أن حوار العميد عبد الرحمن فرح الذي ذكر فيه «حلف الإسلاميين» والصحافة الشيوعية جعلنا نعطي التعليق عليه الأولوية. وقد جاءت سلسلة حلقات الحوار الذي أجرته الصحفية هبة محمود بمناسبة اقترابنا من يوم الذكرى الثالثة والعشرين لحركة تغيير «30 يونيو 1989م» التي أعادت الاحترم والتقدير للجيش بعد أن انخفضت روحه المعنوية بالصحافة الشيوعية التي كانت تسمي عدوها بالزعيم والثائر والمواطن وليس الخائن كما ذكَّرنا العميد عبد الرحمن فرح.. وهو يمتعنا بوقائع حوار رائع وممتع ومفيد، حقاً بكل هذه القيم الثلاث.. وما يجدر ذكره هنا هو أن السيد الصادق المهدي يبرر سقوط الديمقراطية الثالثة في يده بأنه كان يثق في الإسلاميين الذين «حلفوا اسم الله» لكن هل كان لا يتوقع انقلاب تقوده جهة أخرى كما توقع عبد الرحمن فرح؟