لقد سوّدنا صفحات الصحف على مدى أكثر من ثماني سنوات وناشدنا المسؤولين والخيِّرين بلا توقف، غير أن مخاوفنا ازدادت لأن مشكلاتنا بفضل التراكم باتت أكثر تعقيداً وتنوعاً فلا عجب نحن نعيش في منطقة تتقاسم قراها المحن بدرجات متفاوتة كما ارتبطت متاعبها ومشكلاتها بالمشروع الذي بلغ به الحال أن أصبح مزارعوه نهباً للجوع والمرض وترويع الدائنين، فلقد تكرّس الإهمال في جميع أقسامه وبنياته وتضاءل الأمل في علاجه مع تصاعد مشكلاته وتجذُّرها، فالتدهور الذي طال مشروع الجزيرة ابتداءً من منطقتنا وقضى على الزرع والضرع وهكذا الحال في أطراف المشروع وانعكس ذلك بصورة بادية وملموسة على مجمل الحياة الاجتماعية للمزارعين كما أن العمل في المشروع في ظل هذا الإهمال بات معادياً للحياة فلقد حصد داء الطحال أرواح المزارعين ويتّم الأطفال وترمّلت النساء بسبب غياب المكافحة لمرض البلهارسيا وترشيد الأبناء جرّاء كلفة التعليم العالية في ظل انتشار حالات العوز والمسكنة لأن الا ستثمار في الزراعة في منطقتنا تحديداً يعدُّ ضرباً من المغامرة حيث العطش الذي يتكرر كل عام في فترة محددة وتعدُّ الأهم لأطوار المحصول فالمشكلات التي يشكو منها مزارعو الجزيرة في تفاتيش وأقسام لم ترَ جائحة العطش من قبل نراها نحن عادية ولم تغب عنا في أي من المواسم وإن غابت فإن الغرق سينتشر دماره، فالمزارع هنا بلا أمل ويجهل النتائج ويكدُّ بلا طائل، فالخراب الذي حاق بمرافق المشروع يحشد الفشل الكثير من قبل الإدارة كما أن اتحاد المزارعين الذي هو بالطبع ممثل للمزارع ومسؤول عنه ليس لديه رؤية اجتماعية تضمن للمزارع معالجة وضعه الاجتماعي الناجم عن الخسائر المتكررة حفاظاً على استمراره حيث إنه لا يقوى على تحمُّل نكبات متتالية طالما أنه لا يصرف من لا شيء ولعل ذلك اتضح جلياً بعد أن أصبح المزارعون هم أكبر المشترين للذرة بسبب عجزهم عن إنتاج قوتهم. سيد الرئيس: أهلك في منطقة الماطوري قرى الزيادية وأم سنيطة تحديداً يتدحرجون نحو الانهيار بسرعة رهيبة حيث إن أغلبهم محتاج وعاجز بل هم الضحايا لما يعنيه مشروع الجزيرة بل هم الأكثر خوفاً لما يكشف عنه المستقبل من مشكلات لا سيما بعد فشل النهضة الزراعية في تجاوز الواقع الحالي للمشروع وخابت الآمال في أثر النهضة الزراعية في حياة المزارعين بعد الارتفاع الكبير في مدخلات الإنتاج من أسمدة وغيره. فنحن لا نكذب المتعافي ولا نصدقه في رؤيته لتطوير المشروع خاصة وأن الأفكار والمحاولات للتطوير والحل الجذري لمشكلات الزراعة عموماً. مجمل القول إن محنة مشروع الجزيرة تجلّت في تفتيش أم سنيطة الذي تعاني قراه من نقص مياه الشرب بعد جفاف بعض الترع تماماً، فالحال بلغ مبلغاً لا يوصف، فنحن أخي الرئيس، في انتظارك ونعلم أنك تتألم لما نعانيه من قسوة العيش فهم يأملون فيك وأنت أهل للأمل والرجاء أن تنفض عنهم غبار الجمود وتبعث الحياة فيهم من جديد، فالأهل والعشيرة والأحبّة في قرية الزيادية ما انفكوا يحيون بين مطرقة العطش وسندان الغرق من مده ليس بالقصيرة، خلّفت الكثير من المآسي والمحن وما يجد تبيانه أن منطقة الماطوري بعثت في عهد الإنقاذ وأحياها الدكتور نافع ع لي نافع بتوفير الإمداد الكهربائي للمنطقة قاطبة وتبقّت قرية أم زريبة الصغيرة التي توقف العمل فيها، فهي تنتظر اكتمال مشروع الإنارة . أخي الرئيس، كل المرجو تزويدنا بالأسباب المناسبة للتغلُّب على الفقر قاهر الأرواح وصانع كل شيء مخيف والبيئة المناسبة لكل الشرور والآثام لك التحية والتجلة. كما أسلفنا حالنا حاز على شفقة الكثيرين الذي وفقهم الله للعب دور عظيم في حياتنا ولم يكتفوا بمجرد المساهمة والمشاركة في صنع الحلول فحسب، بل تحمسوا لنقلنا من المعاناة إلى رحاب الحلول المستقرة ما استطاعوا فلا يسعنا في هذا المقام إلا أن نزجي الشكر مدراراً للدكتور أحمد السنوسي القائم بأعمال الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية «مكتب السودان» التي قامت بكفالة ما يزيد على العشرين يتيماً بقرية الزيادية كفالة كاملة علاوة على صيانة مدارس الأساس وفوق ذلك التزامه بتوفير الإجلاس لمرحلتي الأساس والثانوي فنحن نثق في أنهم إذا وعدوا أوفوا حيث إننا ناشدنا غيرهم فاستجابوا هم دون نداء منّا، فلا نملك إلا أن نشكرهم لأن ما قاموا به من صميم واجبنا نحن الذين أعجزتنا الإمكانات كما أن هناك من حملوا هم حل مشكلاتنا لدى الهيئات والمؤسسات مستنهضين أربابها بضرورة المساهمة في حل مشكلات هذه القرية التي أصبحت عاجزة وعلى رأس هذه الثلة الكريمة الدكتور أحمد دولة وكريمته الأستاذة معزة أحمد دولة لمتابعتها مع الأستاذ مصطفى مؤيد مسؤول الملف الاجتماعي بسوداتل، فله ولهذه الشركة العظيمة جزيل الشكر وفائق الثناء وعلى الصعيد ذاته يعمل الدكتور الرفيق محمد صديق الحسن مدير الخدمات ببنك السودان مسخراً علاقاته مع حكومة ولاية الجزيرة فهو ناجح دون ريب لأنه اختار الاستاذة نعيمة الترابي وزيرة التربية بالولاية.