عند بزوغ فجر الإنقاذ كان يس محمد نور وإخوانه مسيطرين على النقابة العامة للموانئ البحرية وقد استلمها الإسلاميون منذ العام 1986 باعتبارها إحدى أهم نقابتين خارج الخرطوم هي ونقابة عمال مشروع الجزيرة من اليساريين الذين كان شقيق الفريق صلاح قوش عبد العظيم من قياداتهم النقابية، وللمفارقة كان عبد العظيم ويس صديقين حميمين كونهما من أبناء حي ديم كوريا مربع «2» ببورتسودان، لكن تلك الصداقة أو التعايش صُعب على نور أن يجسدها مع قيادات المعارضة والحركة الشعبية بالمجلس الوطني «2005 مارس 2010» إذ كان عدوهم اللدود وكان كل خصوم المؤتمر الوطني يهابونه ويتحاشون مقابلته في بهو البرلمان وعلي رأس هولاء ياسر عرمان الذي كان رئيسًا للجنة الإعلام وبحكم موقعه كان يجلس تحت المنصة الرئيسة مع رؤساء اللجان ولكن كانت أي مداخلة له تقابل بنقطة نظام من يس، ثم فُصل عرمان بعد غيابه لدورة كاملة وأعيد تعيينه مرة أخرى، ومن حسن حظ يس وبحكم جلوس النواب وفقًا للحروف الأبجدية جلس عرمان على مقربه منه، وللمفارقة كان كل المجاورين ليسوا بمؤتمر وطني، فعن يمينه يعقوب «حزب أمة» ويوهانس أكول شقيق د. لام «حزب يوساب» وعن شماله يحيى الحسين «بعثي» يليه ثلاثة رجال حركة شعبية يحيى صالح من أقرباء وزير الدفاع ثم ياسر جعفر وأخيرًا عرمان، ولأن جعفر كثير الغياب كان عرمان يجلس مكانه وبذلك قرَّب المسافة بينه وبين يس، وكانت تدور بينهما ملاسنات وفي أي وقت يتحدث عرمان كان يس يتصدّى له، ووصل الصدام قمته في جلسة طارئه عُقدت لمناقشة قرار الجنائية في حق رأس الدولة، فخرج عرمان عن عمد عن المقصد، وقال بكل سخرية: «بدل تناقشوا الموضوع دا هناك قبائل سودانية الزنا يشكل جزء من ثقافاتها لماذا لا تسمحوا لهم» فتصدى له يس وبقوة وضرب الطاولة بيده وقال دا كلام فارغ وطالب بسحبه من مضابط المجلس وهاج النواب وأيدوا يس ووصف عرمان يس بقليل الأدب ورد له يس الوصف وزاده في القول: «زنا يا تافه معنا حرائر بالمجلس أسكت» ومن وقتها ظل عرمان يتهيب يس حتى جاء يوم وكان الأخير يحمل مسدسًا ورأته عضو من نواب الحركة جلست بجواره صدفة وعلق عرمان وقتها للإعلام معتبرًا الأمر تهديدًا للسلم ولاتفاقية السلام وتقدم بشكوى لرئيس البرلمان الذي جمع الوطني والحركة في مكتبه واقترح إما تشكيل لجنة تقصٍ أو المباعدة بين الرجلين، وقبلت الحركة المقترح الثاني والذي جاء من مصلحة يس فيما يبدو حيث وجد في مجلسه الجديد وتحته مباشرة قياديي المعارضة الشيوعي سليمان حامد وفاروق أبوعيسى وبينهما ممر فوجد ضالته فيهما، ففي إحدى الجلسات كان أبوعيسى يكيل الاتهامات للحكومة وفيما يبدو أن يس تحدث إليه بصوت خافت فالتفت أبوعيسي نحوه وصاح مفزوعًا موجهًا حديثه لرئيس الجلسة «إنت جبت لي المشكلة دا بي هنا»، وضجَّت القاعة بالضحك، وطلب منه رئيس الجلسة مواصلة حديثه إلا أنه «حرد» ورفض مواصلة الحديث، وقال ليس «ورقك الكنت بترسلو لي داك بوديهو للرئيس» وروى البرلماني صديق مساعد من أصدقاء يس أن يس كان يرسل ورقًا مدونًا فيه اسمه رباعيًا عبر حاجب المجلس لفاروق يكتب له «الشيوعي الانقلابي الذي لا علاقة له بحقوق الإنسان». وكان نواب الوطني يتفاءلون بيس كونه يشوش ويربك خصومهم وكان له موقف مشهود مع سليمان حامد بحضور النائب صديق الهندي وآخرين رواه لي أحد النواب قبل عدة سنوات إذ صافح يس سليمان وانسحب الأخير غاضبًا وشاكيًا من غطرسة «ناس» المؤتمر الوطني، وقيل إن يس قال له لحظة مصافحته: «أهلا يا سلي مان» والتي تعني في الإنجليزية الرجل السخيف. كما له موقف مع يحيى صالح «حركة شعبية» فعند بداية البرلمان في «2005» كان مقررًا أن تحتضن النيل الأزرق أعياد الدفاع الشعبي واعتبر يحيى ذلك استفزازًا للشعب وتصدى له يس وفضحه مذكرًا النواب بأن يحيى وهو من الدمازين حاول الهروب من المدينة عندما هاجمها الجيش الشعبي في 1997 وكان يس وقتها منسقًا للدفاع الشعبي هناك، وقال: تصدينا لهم ونام يحيى آمنًا مع أهله. ومقت يس للحركة الشعبية وذيولها أنه مجاهد ومن الإخوان الذين ساهموا في نجاح قيام الإنقاذ وكان يسهم في إخراج المصلين ببورتسودان ضد حكم الصادق المهدي، وعمل في مكتب فئات الحركة الإسلامية مع الراحل مجذوب الخليفة ونافع علي نافع مسؤولاً عن دائرة التعبئة باللجنة السياسية للإنقاذ التي كان يرأسها العميد عثمان أحمد وشارك في متحركات الجهاد في الاستوائية والنيل الأزرق وكسلا وكان أميرًا للمجاهدين ومنسقًا للدفاع الشعبي بالبحر الأحمر وبالنيل الأزرق ومنسقًا بالمركز العام حتى عُيِّن معتمدًا لعطبرة «2003 2005» وهو من أسسها ثم جاء البرلمان وبعده عمل بوطني الخرطوم لفترة واختفى بعدها.