الحكم على (داعش) الآن ليس عدلاً...!! * الماسونية والشيعية هما الخطر الداهم على المجتمع، والشيوعية (عليها رحمة الله) * القانون لا يقترب من المسؤولين... بسبب (الحصانة) كل القوانين السودانية بعدت (عن قصد)عن الشريعة الإسلامية * هذه خفايا اللقاء الذي جمعت فيه بين "منصور خالد" و"سيد قطب" حوار- عماد الحلاوي الشيخ "صادق عبد الله عبد الماجد" المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، يعرفه كل السودانيين بمختلف أجيالهم وأعمارهم، متواضع، كريم، زاهد، غيور على دينه ووطنه، جرئ لا يهادن في الحق، اجتماعي من الطراز الأول، يخدمك في بيته بنفسه، ويحيطك برعايته، رجل بذل كل حياته لإقامة مجتمع الطهر والنقاء، وبلوغ مقاصد المشروع الإسلامي... رغم ضعف جسمه الآن، إلا أنه لم ينقطع عن العمل العام ولم تلن عزيمته. تخرّج الشيخ صادق في جامعة الملك فؤاد بمصر قسم الحقوق وانتخب مراقباً عاماً للإخوان المسلمين في السودان في الفترة من(1991 – 2008). (المجهر) جلست إليه في هذا الحوار، فحدثها عن رؤيته في حركة (داعش)، وخفايا اللقاء الذي رتب له بين "منصور خالد" و"سيد قطب"، وتفاصيل المواجهة الأخيرة والخطيرة بينهم وعن التحلل والتقوي بالحصانات، ورؤيته في القوانين السودانية ومدى توافقها مع الشريعة الإسلامية، وتجربته الصحافية... وأسرار حلّ الحزب الشيوعي، فإلى مضابط الحوار:- • ما المقصود بالحركة الإسلامية؟ - اسم فضفاض تدخل تحته مجموعات عديدة كالمتصوفة والجماعات الإسلامية بمختلف أسمائها، إذا قصدنا بالحركة الإسلامية الحركة الواعية التي طرحت برامجها لتغيير أوضاع المسلمين في الساحة كلها، والتي يمكن حصرها في حركة الإخوان المسلمين الأم، وما انبثق عنها من أفرع في السودان أو غير السودان. - الحركة الإسلامية كانت آلة تغيير جذري في المجتمع، وعند غياب هذه الآلية الإسلامية، كان السودان نهباً لتدين طائفي يتجسد في الطائفتين: الأنصار والختمية، وبعض الطوائف الصغيرة الأخرى، لكن بعد دخول الحركة المباركة السودان بدأت نقاط التغيير تبرز في مواضع مختلفة، بالطبع في البداية لم تجد قبولاً ووجدت معارضة، وهذا أمر طبيعي، لا بد أن يحدث صراع بين القديم والجديد، وهذا ما حدث لجماعة الإخوان في النصف الثاني من الأربعينيات من القرن الماضي، هذا الوضع لم يسلم من كيد أعداء الإسلام من الشيوعيين والطائفيين، ولكنها لم تعبأ لهذا، ومضت في الطريق إلى الدرجة التي جعلت الشيوعيين يتحالفون مع الطائفيين لمواجهة الإسلاميين. ورغم هذا أخذت الحركة تقتحم المواقع المختلفة وانتشرت في أوساط الطلاب والمزارعين والعمال واستقطبت الشباب المثقف بوجه خاص، وفي مثل هذا الوضع الذي يضم أشتاتاً من طبائع التفكير حدث ما يحدث لكل الجماعات من خلافات لكنها لم تخرج عن دائرة الإسلام. • هل (داعش) وليدة الحركة الإسلامية العالمية؟ - الحديث عن (داعش) لن يأتي حاملاً كل الحقيقة، فهناك تقلبات كثيرة، مما يجعل الحكم عليها ليس فيه عدل ... فأنا لست حريصاً في الحديث عنها الآن، وأرجح تركه حتى تظهر الحقائق المدفونة والمطمورة. * علاقتك بالدكتور "الترابي" كيف تسير الآن؟ -خلافاتي مع "الترابي" ذات جذور بعيدة، وهي ليست خلافات جعلت بيننا قطيعة على المستوى الاجتماعي، فالخلافات السياسية بين السودانيين لا تتحول إلى خلافات شخصية. * معرفتك بالدكتور "حسن الترابي" كيف تمت؟ - "الترابي" حتى تخرجه في جامعة الخرطوم لم ينضم لجماعة الإخوان المسلمين، سافر لفرنسا وتأثر بالثورة الفرنسية وأفكارها، وعندما عاد في عام (1962)، وصادف أن كان هنالك مؤتمر في العيلفون للإخوان ظهر "الترابي"، وكان أول دكتوراة تضمّها الجماعة، ومنذ ذلك الوقت لمع نجمه. * ولكن كيف التقيته وأنت لم تدرس بجامعة الخرطوم؟ -عندما كنت أعود من مصر في إجازاتي كنت ألتقي به، وهو في بداياته وسط الجماعة. * أنت يا شيخ "صادق" متهم بأنّك وراء حلّ الحزب الشيوعي.. حدثنا عن خفايا ذلك الحدث؟ - بحكم أنني كنت أسكن في حي (ود نوباوي) بأم درمان، بالقرب من معهد المعلمين العالي (كلية التربية) حالياً، في صباح إحدى الأيام حضر إلي بالمنزل عدد من الإخوان (الطلبة)، وقالوا لي: (أمس أقيمت ندوة في هذه الكلية عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبيته)، وفي هذه الندوة وقف طالب اسمه "شوقي" وقال عبارة قبيحة تشبه الشيوعيين. وكانت هنالك دار لجبهة الميثاق في شارع العرضة، فذهبنا إلى هناك وأخبرنا جميع الإخوان، فجاءوا إلى كلية التربية، في الأول ما وجدوا الاستجابة المتوقعة فخرجوا إلى دار اتحاد طلاب الجامعة الإسلامية، وبدأ عددهم يزيد في شكل مظاهرة محدودة، وعندما وصلوا للاتحاد خرج طلاب الإسلامية معهم حتى وصلوا للمحطة الوسطى، واختلطوا بالمواطنين والمسألة كبرت، في ذلك اليوم اتفقوا أن يتلاقوا في دار الخريجين مساءً، تصادف حضورهم مع خطبة للسيد "إسماعيل الأزهري"، اقتحموا المكان والهتافات كانت عالية ضد الشيوعيين، و"أزهري" من فوق أعلنها: (سنحلّ الحزب الشيوعي)... وصدر القرار بطرد الشيوعيين من البرلمان وحل الحزب، وخرج النواب الشيوعيون وكانوا حوالي (11) نائباً. * وماذا فعل الشيوعيون بعد ذلك؟ - خططوا لانقلاب عسكري، و كانت لهم اليد الطولى في انقلاب "نميري"، لذلك أيّدوه بكل ما يملكوا من قوة، وأصبحوا أعضاء في مجلسه العسكري. * في فترة "نميري" سجنت يا شيخ أكثر من مرة... حدثنا عن فترة سجنك؟ - بعد يومين من تولى "نميري" للحكم تم اعتقالي من منزلي، وأعتقد جازماً أن الذي اعتقلنا ليس "نميري"، وإنّما انتقاماً من الشيوعيين الذين أسهم الإخوان في حلّ حزبهم وطردهم من البرلمان. نقلت إلى سجن كوبر وهناك وجدت من الإخوان "عبد الرحيم حمدي"، و"توفيق طه" و"عبد الرحيم علي" و"عبد الجليل النذير الكاروري"، و"ربيع حسن أحمد"، بعد ذلك التحق بنا "نصر الدين السيد"، وبدأ عدد الإخوان هناك يتزايد. • حدثنا يا شيخ عن المعاملة داخل السجن؟ - أولاً في أيامنا لم يكن هناك شخص لم يسجن، فالسجن في السودان يختلف عن السجون في كل الدول العربية، فالسجين يجد المعاملة الحسنة، ولا تمتهن كرامته، فالسودانية موجودة في كل فرد من أفراد السجن (سجيناً وسجاناً)، وما لمسته في السجون السودانية أتمنى أن تأخذ به السجون العربية. • نعود بك يا شيخ إلى أيام مصر والتي ذهبت إليها طلباً للعلم...لماذا تحولت من دراسة الآداب إلى دراسة الحقوق رغم إتمامك لعام كامل بها؟ - التحقت بكلية الآداب في بداية دراستي الجامعية شغفاً في دراسة الأدب العربي والتبحر في لغة القرآن، مع تقديري لكل أساتذتي بها، لم تكن البدايات تلبي أشواقي في الدراسة بهذه الكلية. وأذكر أن كتاباً عنوانه (شذور الذهب)، هو ما أسهم في تغيير مسار دراستي من الآداب إلى دراسة الحقوق..وهذا الكتاب والذي كان يدرسنا إياه المرحوم الدكتور "شوقي ضيف"، قد أعاد إلى ذاكرتي مشهد طلاب معهد أم درمان العلمي، والذي كان طلابه يشبهون إلى حد بعيد (الدراويش)، حيث يحمل الواحد منهم شيئاً يسمى «الجَّلاس»، وهي مجموعة علوم في مطبوع واحد... وقد جعلتني اللغة العالية والمعقدة لكتاب (شذور الذهب) أخشى على نفسي من (الدروشة)، فكان أن تحولت لكلية الحقوق، وحصلت على درجة الليسانس وكان تخرجي في العام 1954م. • وهل مارست المحاماة بعد التخرج؟ - لم أرتدِ روب المحاماة في حياتي. • وماذا عملت عقب التخرج؟ - أنا لم أتقلد أي وظيفة حكومية بالسودان وفي بداية حياتي عملت معلماً بمدرسة الأحفاد الثانوية بنين (مدرسة خاصة) لمدة خمس سنوات. • وأنت الدارس للقانون ... ما رؤيتك حول القوانين السودانية؟ - طوال السنوات الماضية اعتكفت على دراسة القوانين السودانية، ولفت نظري بعدها المتعمد عن الشريعة الإسلامية، وكلها مأخوذة من القوانين الغربية والهندية وتم تزيينها بالعادات والأعراف السودانية. • يرى البعض أن هذه القوانين حصنت المسؤولين وحمتهم من أن يطالهم القانون في قضايا الفساد... ما تعليقكم على الحصانة؟ - فساد المسؤولين المالي أصبح الآن واقعاً...والقانون يتردد في الوصول إليهم بسبب الحصانة ... وأطالب برفع الحصانة عن الجميع وترك الأمر مفتوحاً للرقابة الشعبية والصحافية والقانونية من أجل مصلحة الوطن والمواطنين. • حدثنا أولاً عن خفايا لقائك بالإمام "حسن البنا" وجمعك بين الإمام "سيد قطب" و"منصور خالد"؟ - في إحدى محاضرات الإمام "حسن البنا" التي أقيمت بمدينة "حلوان" في حديقة تسمى الحديقة اليابانية في سينما حلوان الملحقة بها، مع شباب الإخوان، دعاني "الشربيني" لحضورها، وكنت شديد الحرص على حضور تلك المحاضرات، والتي كان يؤمها معظم قادة الإخوان المسلمين في ذلك الزمان، ومنهم "سيد قطب" عليه رحمة الله و"عبد البديع صقر" و"يوسف طلعت" و"الهضيبي" وغيرهم، طلب مني "الشربيني" أن ألقي قصيدة في حضرة الإمام "البنا"، وقد حظيت القصيدة بإعجاب الموجودين بمن فيهم الشيخ. وأذكر أنه سأل عما إذا كان هناك من يرغب بسؤاله من الحضور، فكان أن قمت وحدثته بحاجتنا في السودان لمثل هذا الكلام، وأنني أتمنى أن يزور السودان، وبعد انتهاء المحاضرة بدأنا في مغادرة المكان وكان الشيخ قد بدأ هو كذلك يغادر المنبر، فإذا بي أسمع صوتاً ينادي: الأخ السوداني، الأخ السوداني، وكنت أسير ومعي مجموعة من الحضور فعدت إليه، فوضع يده على كتفي وسرنا معا فسألني عن أصولي ومكان سكني في الخرطوم وكشف لي عن رغبته في زيارة السودان ومعظم الدول العربية. • ماذا تقول القصيدة؟ حبل من الله يهوانا ونهواه وينصر الله من يرعى سجاياه الله أكبر ما زلنا نرددها رغم الطغاة ومن يكفر هديناه • نعود بك إلى اللقاء الذي رتبت له بين "سيد قطب" و"منصور خالد" حدثنا عن خفاياه يا شيخ؟ - الدكتور "منصور خالد" اأعرفه منذ سكنا معاً بحي أبوروف بأم درمان، فمعرفتي به متأصلة، وأعرفه كرجل عام له إسهاماته الأدبية. - وعن اللقاء الذي رتبت له للقاء "سيد قطب" يعود إلى أن لمنصور قريباً يدعى "محمد عثمان العوض" في مصر، وحدثني "العوض"عن رغبته في العودة في إجازة للسودان، وأوصانا باستقبال "منصور" في بيت السودان وعمل برنامج سياحة له. وبالفعل حضر "منصور" وكنت أيام الجامعة أسمع عنه وعن أنه شاعر وكاتب مميز، وسألته عمن يرغب في مقابلته من أدباء مصر خاصة وأنه أديب ومهتم بهذا الشأن، وحدثته عن أن "العقاد" و"زكي مبارك" و"الزيات" و"عبد العزيز البشرى" و"أحمد أمين" و"سيد قطب" وغيرهم. - فهاتفت شيخ "سيد" وحدثته بوجود ضيف من السودان يحرص على اللقاء به، وبالفعل ذهبنا إليه عقب صلاة المغرب على ما أذكر وبدأ "منصور" معه الحديث، وكنت صامتاً ولم أتحدث سوى بسؤال واحد لتوجيه مسار الحوار، وأذكر أنه من ضمن الأسئلة التي طرحها "منصور" سؤاله عما إذا كان قد انضم للإخوان المسلمين، فأجاب "قطب"بطلب أن يقرأ مقدمة كتاب (العدالة الاجتماعية في الإسلام)، والتي يقول فيها إلى الفتية الذين أراهم في خاطري قادمين وأراهم بعين الحقيقة والواقع قائمين. - ولما كان "منصور" ذكياً تمدد النقاش مع "قطب" وكان حواراً ثرياً ومفيداً، وخرج "منصور" من اللقاء متأثراً كثيراً بسيد قطب. • أخيراً شيخ "صادق"... ما هي الأخطار الفكرية التي تحيط بالمجتمع السوداني الآن؟ - الفكر الماسوني والشيعية هما الخطر الداهم الآن، والشيوعية (رحمة الله عليها)، ومن أهداف الماسونية تفكيك أواصر المجتمع وتمزيقها بطريقة هينة ناعمة. وأدواتها في تنفيذ ذلك كثيرة: الفضائيات والصور الخليعة والمخدرات التي تدخل عن طريق بعض السفارات وتوزع في أوساط الشباب- والخمور كل ذلك من أدوات الماسونية، كذلك تحاول الماسونية التقرب إلى الدولة واختراقها عن طريق بعض موظفيها الكبار ثم العمل سراً على إحداث التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني، وبذلك يصبح اختراق الشعب بكل فصائله، واختراق الدولة بكل مؤسساتها أمراً يضع كل هذا تحت قبضة عملاء اليهود والصهيونية العالمية، ومن منطلق هذا الضعف تستطيع الصهيونية العالمية الهيمنة على اقتصاد وأموال ومقدرات السودان، فللماسونية أعوان على مستوى عالٍ في مختلف أبواب المجتمع والحكومة.