إليكم الطاهر ساتي [email protected] دول داخل دولة .. المؤسسية في بلادي..!! ** وزير الصحة يرفض خصخصة مؤسسة الإمدادات الطبية،عبر مؤتمر صحفي عقده يوم الخميس الفائت.. خبر الرفض ليس مهما ولن يعرقل عملية خصخصة تلك المؤسسة، ويمكن وصف هذا الرفض بانه مجرد ( بندق في بحر) ..أوهكذا يصف مثلنا الشعبي أحاديث الذين لايستطيعون تحويل أقوالهم إلى أفعال، وهذا الوزير منهم ..لو كانت مؤسسية الدولة الراهنة تمنح سلطتي الرفض والقبول لوزير الصحة،لإستشارته في أمر خصخصة مؤسسة تتبع لوزارته.. ولكن لأنها مؤسسية فريدة من نوعها، وتديرها مراكز القوى الخفية، لم تستشر الوزير في هذا الأمر ولم تخطره بالأمر ( مجرد إخطار).. فالوزير علم - ربما من خلال الصحف أومجالس المدينة - بأن جهة ما شرعت في خصخصة إحدى المؤسسات التابعة لوزارته، فخرج للناس ضحى الخميس رافضا لتلك الخصخصة التي تجرى وراء ظهره وبغير علمه، أوكما قال سيادته.. نعم قال بالنص : ( لم يتم مشاورتنا في هذا الأمر).. تأمل يا صديق، وزير الصحة آخر من يعلم بأن الإمدادات الطبية قاب قوسين أو أدنى من الخصخصة.. قاعد ساكت، وما عارف قاعد لشنو؟.. هكذا وضع الوزير، فهل نتوقع أثرا لموقفه في هذه القضية، رافضا كان أو موافقا ؟.. بالتأكيد (لا).. أي مجرد موقف لايقدم ولايؤخر، يشبه إلى حد ما موقف جدتي في القضية الفلسطينية، بحيث لاتملك من الحيلة والقوة لمناصرة شعب فلسطين غير الدعاء.. وبما أن الدولة لم تخطر وزير الدولة بأنها شرعت في خصخصة الإمدادات الطبية، فأني إقترح له بالإعتكاف في أقرب مسجد ثم الدعاء على مدار اليوم بأن يبعد الله مؤسسته عن عملية التخصيص المرتقبة وليست الخصخصة ، وهكذا يكون سيادته إستخدم سلطته بالكامل ولن تطالبه الصحف بالإستقاله لعجزه عن إستخدام تلك السلطة..!! ** ذاك موقع وزير الصحة في إعراب جملة (مؤسسية الدولة )، أي مهمش بالحال الظاهر في حديثه، وضمير سلطاته مستتر تقديره ( ما شاوروني ).. نتجاوز نموذج حال وزير، ونقدم نموذج آخر لحال نقابة عمالية تابعة أيضا لمؤسسية الدولة السودانية.. وهي نقابة العاملين بهيئة الموانئ البحرية.. حال سلطاتها وصلاحيتها لايختلف عن حال سلطة وصلاحية وزير الصحة.. بدليل : يشهد ضحى الغد إجتماعا مهما يرأسه عبد الرحمن نورالدين، رئيس لجنة التخلص من المرافق الحكومية، لمناقشة مراحل خصخصة هيئة الموانئ البحرية، وشرف الإجتماع كل من يهمهم الأمر، وليس من بينهم نقابة العاملين بالهيئة.. أي، النقابة - كما وزير الصحة - آخر من تعلم بأن الدولة شرعت في عملية خصخصة هيئتها.. بمعنى : عندما ينتهي إجتماع الأحد، وينشر نور الدين أو غيره ما إتفقوا عليه في صحف الأثنين، عندها ستعلم نقابة عمال هيئة المواني البحرية بأن الهيئة قاب قوسين أو أدنى من الخصخصة.. وبالتأكيد، بعد ضحى الاثنين، سترفض النقابة تلك الخصخصة، أي بعد أن تقرأ خبر التخصيص - وليس الخصخصة - في الصحف، كما وزير الصحة.. ولكن هل يجدي رفضها أوقبولها؟.. بالتأكيد (لا ).. لو كانت مؤسسية الدولة تحترم رأي جهة تمثل (4800 عامل ) ، لأشركتها لجنة نور الدين في كل مراحل الخصخصة، بما فيها المرحلة التي سيناقش تفاصيلها إجتماع الغد، ولكن مؤسسية الدولة لم تحترم رأي النقابة سابقا ولن تحترمه لاحقا ، ولذلك رأي النقابة المرتقب في مقبل الأيام سيكون مجرد ( بندق في بحر )، كما رأي وزير الصحة في قضية الإمدادات الطبية.. ولذلك، نفس الإقتراح، أي على رئيس النقابة والأمين العام التوجه إلى أقرب مسجد ثم الإعتكاف والدعاء بأن يبعد الله هيئتهم عن أنياب التخصيص ، وبذلك يكون الرئيس والأمين مارسا سلطتهما النقابية بالكامل ولن تطالبهما الصحف بالإستقالة لأنهما تقاعسا في أداء واجبهما تجاه العاملين وحالا بينهم وبين مخاطر التخصيص، ومنها التشريد المرتقب ..على كل حال، هكذا حال المؤسسية في أجهزة الدولة، فالوزير يجهل أمر خصخصة مؤسسة تابعة لوزارته، والنقابة تجهل أمر خصخصة هيئة تتكسب منها رعاياها..دول داخل دولة، أوهكذا المؤسسية في الدولة السودانية..!! ............ نقلا عن السوداني