الفترة القادمة حبلى بإرهاصات المستقبل.. على سبيل المثال.. مع نهاية هذا الشهر تنتهي المرحلة الأولى من إجراءات الانتخابات بنشر السجل الانتخابي النهائي.. وتبدأ عملية الترشيح في كافة المقاعد الدستورية.. وبالتحديد رئاسة الجمهورية وولاة الولايات (إلى أن يوقف ذلك التعديل الدستوري المقترح)، ونواب البرلمان والمجالس التشريعية الولائية. ولا يتوقع في هذه الترشيحات أية مفاجآت.. فحزب المؤتمر الوطني يخوض معركة محسومة في اتجاه واحد.. لكن الجديد الذي ينتظره الناس.. هو اكتشاف الموقف الحقيقي لبعض الأحزاب التي ظلت تدهن الهواء بلون الغبار الكثيف الذي يحجب الرؤية. على سبيل المثال حزب المؤتمر الشعبي.. حسب تصريحات منسوبة لقادته.. شارك الشعبي بحماس في المرحلة الأولى من الانتخابات (السجل الانتخابي).. لكنه في انتظار توفر شروط إكمال بقية الجولات.. والواضح أن الشروط التي طلبها الشعبي لم تتحقق.. وما تبقى من الزمن حتى نهاية فترة الترشيحات ستحدد إما أن يتنازل الشعبي من شروطه.. أو تستجيب لها الحكومة.. مطلب الشعبي غير واضح.. فتصريحات الأستاذ كمال عمر المتواترة متحركة دائماً وتبدو كأنما الشعبي لا يملك رؤية واضحة أو أن كمال عمر هو الذي لا يملك رؤية واضحة لنظرة الشعبي للمستقبل. الأرجح أن الشعبي يطالب باتفاق على (ما بعد الانتخابات) ويراهن على موافقة المؤتمر الوطني على تكوين حكومة انتقالية أو قومية بدل الانتخابات.. ولحسن الحظ لن يحتاج الشعب السوداني للانتظار كثيراً للتأكيد من وجود مثل هذا الاتفاق.. لأن فترة الترشيحات ستكشف من يركب القطار.. ومن ينتظر في المحطة ليرفع كفيه بإشارة الوداع. وفي قائمة الانتظار أيضاً حزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) الذي يتزعمه مولانا محمد عثمان الميرغني.. ويبدو أنه حسم موقفه وموافقته على دخول الانتخابات بلا شروط.. وعبارة بلا شروط أقصد بها فقط الجانب السياسي.. فغالباً شروط الاتحادي (مقدور عليها) لأنها شروط (رقمية!!!).. غالباً – والله أعلم- سيتحرك قطار الانتخابات بعد محطة الترشيحات وعلى متنه ثلاثة أحزاب رئيسية هي الوطني والشعبي والاتحادي.. وحزمة من الأحزاب الأخرى (لا أقصد التقليل من قدرها.. لكني أعني أن موافقتها كانت مضمونة فهي ليست في محل جدال).. وبما أن كل هذه الأحزاب تدخل الانتخابات بما يشبه التحالف الضمني.. فستكون المباراة ودية إلى أبعد مدى للدرجة التي سيكون فيها أكبر تحدٍ أن تجد الانتخابات جمهوراً للمشاركة في التصويت.. فحتى جمهور حزب المؤتمر الوطني لن يتكبد مشاق الذهاب إلى صناديق الاقتراع وهو يعلم أن النتيجة في جيبه بلا منافسة.. لكن مع ذلك هناك مفاجأة كبرى..!! سأفسدها عليكم بالكشف عنها الآن.. المفاجأة الكبرى.. هي مباشرة بعد انتهاء فترة الترشيحات.. إذ إن صحيفة "التيار" ستعلن لقرائها النتيجة النهائية للانتخابات وبدقة.. الذين يتقدمون للترشيح.. هم بالضبط من اُتفق على فوزهم بالمقاعد.. تنتهي المعركة الانتخابية بنهاية الترشيحات.. وتستمر بقية المباراة بلا جمهور..!! التيار