■الشاهد في الأمر، أنه فيما تبذل حركة تحرير السودان جهودا حثيثة بحثاً عن مخرجٍ للأفق المسدود للعملية السلمية فى السودان بصفة عامة ودارفور بصفةٍ خاصة، تظل الحكومة السودانية تبذل جهداً كبيراً فى الإتجاه المعاكس للسلام. فهي تتحين كل الفرص فى العمل على تقوية ترسانتها العسكرية إستعداداً للحرب. إضافةً إلى قناعتها الأصيلة في حسم الصراع في دارفور بقوة السلاح فإنها وجدت في الآونة الأخيرة ضالتها فى التقارب مع دول الإتحاد الأوروبى التى تشعر بحاجة ماسة إلى وقف الهجرة غير الشرعية إلى دولها من خلال الصحراء وعبر البحر المتوسط و تنطلق من دولة ليبيا علي وجه التحديد. هذا الوضع اعتبرته الحكومة سانحة لجمع الأموال والموارد لتوجيهها إلى غرض تحسين و تقوية ترسانتها العسكرية وإعادة بناء قدرات وتسليح مليشيا الجنجويد التي حولتها إلى ما يُعرف بقوات الدعم السريع حيث زادت عددها وعتادها ليتم نشرها (تحت حجة محاربة الهجرة غير الشرعية) فى أوسع نطاق شملت مناطق التعدين ومناطق قبائل أخرى لإستيطان الوافدين الجدد والإنخراط في الاتجار بالبشر وتوغل فى عمق حدود دول الجوار مثل ليبيا، فيما يُشكل كل ذلك إبتزازاً واضحاً للإتحاد الأوروبي وإنتهاك مبادئه وقيمه وتعارض لمرامي برنامجه (المتمثل في وقف الهجرة) فإن الحكومة تعتبره حافزاً مالياً وتشجيعاً سياسياً وإعترافاً وشرعنةً دولية لهذه المليشيات لتتمادي من دون رادع فى إرتكاب الجرائم. ■من ناحيةٍ أخرى تواصل الحكومة في إستراتيجية تقوية هذه للمليشيات مكافأة لها عبر توطين المجموعات القبلية التي تنتسب إليها وهو ما يتنافى مع مبدأ وقف العدائيات التي تُنادى بها الحركات بغرض إفساح المجال لإستئناف التفاوض وإحتواء الوضع الإنساني المأساوي والإنخراط فى العملية السلمية. هذا هو ما يجري الآن فبعد أقل من أربع وعشرين ساعة من إعلان حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة في الثالث من مايو الجارى وقفاً للعدائيات قامت الحكومة بإرتكاب خروقات وإنتهاكات واسعة تُشكل إمتداداً لخطة الإبادة الجماعية في مناطق مختلفة شملت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بما فيها توسيع رقعة التهجير القسري وتوطين قبائل من القادمين الجدد فى أراضى قبائل أخرى والإستمرار في إكمال ما بدأته من قبل فى إنشاء مرافق خدمات مثل تشييد آبار و بناء قرى نموذجية والتي انحصرت فى مناطق الإستيطان دون مناطق القبائل الأخرى مستغلة في ذلك الأموال التي تضخها دولة قطر عبر صناديق تنمية تحت ستار إتفاقية الدوحة التي أُعلن موتها بالفاشر نهاية 2016. ■ في ظل هذه السياسات أصبحت الجرائم ضد الإنسانية مثل القتل والإغتصاب والإختطاف والنهب والتشريد علي نمط عنصري ومصادرة الحريات وتمكين قبائل على حساب أخرى جزءً أساسياً من النشاط اليومي للحكومة وبكل أسف كل ذلك يجري تحت صمت المجتمع الدولي وضعف البعثة الأممية الأفريقية وغياب الرقابة الدولية والمنظمات الإنسانية الفاعلة فى الإقليم و مستفيدا بذلك من الدعم المالي الدولي بسبب الرفع الجزئي للعقوبات. ■ فضلا عن ما تقدم، تقوم الحكومة فى الوقت الراهن بحراكٍ مكثف من أجل تسويق الكذبة التي عرفت بحوار *الوثبة* للمجتمع الدولي والإقليمي بهدف تغبيش الرؤية حتى يتسنى لها الإستمرار في إرتكاب المزيد من الجرائم فى الإقليم. إزاء هذا الوضع المأزوم الذي يجري وفى ظل الصمت الدولي، تود حركة تحرير السودان أن تُعبر عن موقفها في الآتى:- 1- ضرورة إيجاد مشروع جديد وفاعل للسلام فى السودان وعلى وجهٍ عاجل. مشروع يُخاطب جذور الأزمة السياسية في دارفور وربطها بالأزمة القومية وذلك عن طريق توسيع مظلة منبر التفاوض لتشمل الإتحاد الأوروبي ودول الجوار ذات التأثير الأمني علي دار فور للمساهمة مع الدول والمنظمات المشاركة في العملية السلمية. 2- فضلاً عن ما يُمكن أن يلعبه الإتحاد الأوروبي من دورٍ فاعلٍ في تقوية وتعزيز مشروع سلام السودان فإن مشاركته سوف تتيح فرصة حقيقية لمعالجة موضوع الهجرة غير الشرعية الذي يُؤرق الإتحاد بشكلٍ أكثر جدية وقدرة يؤهلها من تقويض فرص تلاعب الحكومة بالموضوع ويحد من الإبتزاز الذي تمارسه الحكومة عليها. فمن الخطأ الإعتماد على الحكومة طالما هى السبب الرئيسى فى الأزمة السياسية والإقتصادية والإجتماعية فى المنطقة والتي قادت إلى ظاهرة الهجرة الجماعية إلى أوروبا. من المؤكد أن المعالجات المطروحة الآن لن توقف الهجرة لأنها لم ترتبط بقضايا الأمن والسلام والإستقرار فى السودان وفى ظل غياب أطراف أخرى فاعلة مثل حركة تحرير السودان بما لديها من إرتباطات إجتماعية قوية في الساحة الجغرافية التي يتحرك فيها المهاجرون غير الشرعيين. 3 - بذات القدر ترى الحركة أن الإقدام علي رفع العقوبات الأمريكية عن السودان بإعتبار أنها خطوة غير موفقة لأنها فقط تعمل على تقوية فرص الحكومة في إستخدام تلك الموارد من أجل الإستمرار في إرتكاب المزيد من الإنتهاكات وممارسة الإبادة الجماعية ولذلك يجب ربط رفع تلك العقوبات بالزوال الكامل للأسباب التي دفعت بفرضها والمتمثلة في حروب الإبادة التي تشنها الحكومة علي المدنيين ورعاية الإرهاب الدولي. 4 - لذلك تدعو الحركة حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى ضرورة إشراك كل الأطراف الوطنية وفي مقدمتها حركة تحرير السودان في مراقبة ما يجري على الأرض فى دارفور بصفة خاصة والسودان بصفةٍ عامة على أن يتم التقييم لتحديد وقت رفعها بشرط إنهاء الحروب والتجريد الكامل لمليشيات الجنجويد (الدعم السريع ) من السلاح وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1556 وتحقيق السلام وعودة النازحين واللاجئين وتحسين حقوق الإنسان والحريات. ■ أخيراً تُؤكد حركة تحرير السودان إلتزامها بمبدأ التفاوض فى تحقيق السلام العادل والدائمٍ عبر عملية وقف العدائيات كمدخل للتفاوض السياسي الذي يُخاطب كافة خصوصيات الأقاليم المهمشة المتأثرة بالحرب وجذور الأزمة السياسية والإنتقال بها إلى عملية الحوار القومي الشامل والمفضي إلى مؤتمرٍ دستوري بمشاركة كافة القوى السياسية تحت مظلة الإتحاد الأفريقى وبحضور الأطراف الدولية الأساسية فى إستقرار السودان. منى اركو مناوى رئيس حركة تحرير السودان.