إحباط تهريب (29) ألف رأس بنقو و(46) ألف حبة ترامادول بشندي    صلاح يفتح النار: شخص يريد رحيلي.. وليفربول تخلى عني    تحذير علمي: السمنة تُسرّع تراكم علامات الزهايمر في الدم بنسبة 95%    بكري المدني يكتب: كردفان-لا شيء يدعو للقلق!!    بيل غيتس يحذر : ملايين الأطفال قد يموتون بنهاية هذا العام    السودان.. احتجاز مدنيين في 6 مناطق بأمر الميليشيا    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    المريخ يستضيف كيجالي وعينه على الانتصار    الجزيرة تقسو على الجامعة في دوري الدامر    الرابطة السليم يكسب شكواه ضد الأمير دنقلا    بالصورة.. سيدة أعمال سودانية تشعل ثورة من الغضب داخل مواقع التواصل بعد تعذيبها لخادماتها الجنوب سودانيات بالقاهرة والسبب مجوهرات ذهبية    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    شاهد بالصور.. بحضور عدد من المطربين أبرزهم محمد بشير.. الفنانة أفراح عصام تفتتح محلها التجاري الجديد بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سودانية تظهر ب"تشيرت" المنتخب الوطني وتهدي لاعبي صقور الجديان أجمل "زغرودة" وزوجها يحمسها: (أبشري بالخير)    بعدما لقطتها كاميرات القناة الناقلة للمباراة.. شاهد ماذا قالت مشجعة صقور الجديان الحسناء عن لقطة إنهيارها بالبكاء: (راسنا مرفوع وما دموع انكسار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة ريماز ميرغني تخطف الأضواء وتبهر الحاضرين في "جرتق" زواجها    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة ريماز ميرغني تخطف الأضواء وتبهر الحاضرين في "جرتق" زواجها    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تكريم الفنان النور الجيلاني بمنطقة الكدرو    خسارة المنتخب الوطني بهدفين نظيفين من المنتخب العراقي    سلطة الطيران المدني تعلن عن فتح مسارين جويين جديدين بالسودان    أطباء بلا حدود: أكثر من 1.5 مليون سوداني فروا من الحرب إلى مصر    للمرة الأولى.. السعودية تواجه نفس الخصوم في كأس العالم    فوائد النعناع واستخداماته العلاجية.. تعرّف عليها    ترامب .."لا أريد الجوائز... أريد إنقاذ الأرواح"    السكري وصحة الفم.. علاقة متبادلة    السودان يندّد بالمذبحة الجديدة    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    نتيجة قرعة كأس العالم 2026.. تعرف على طريق المنتخبات العربية في المونديال    بالصورة.. الفنانة أفراح عصام تفتح النار على مطربة شهيرة عقب نهاية حفل زفاف ريماز ميرغني: من عرفتك نحنا بنسجل في البرنامج وانتي في محاكم الآداب وقبلها المخدرات مع (….) وتبقي فنانه شيك كيف وانتي مكفتة ومطرودة!!    "يارحمن" تعيد الفنانة نانسي عجاج إلى القمة.. أغنية تهز مشاعر السودانيين    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    كامل إدريس يوجه برفع كفاءة قطاع التعدين    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    فيلم ملكة القطن السوداني يحصد جائزة الجمهور    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور المثقفين في ثورة ديسمبر
د. حيدر إبراهيم علي
نشر في الراكوبة يوم 08 - 03 - 2021

هذا الشعار اللينيني أثبت صحته عن الثورة الروسية عام 1917م، كذلك بالنسبة لكل ثورات القرن الماضي في الصين وفيتنام وكوبا. فالنظرية الثورية هي البوصلة أو خارطة الطريق التي توجه مسار الثورة في طريقها الصحيح وتمكن الثورة من تجنب الأخطاء والنكسات لأن الرؤية تكون واضحة وموضوعية تفهم الواقع جيداً وتستشرف المستقبل بصفاء. كانت ثورات السودان المتعاقبة ذات طابع شعبوي عفوي يفتقد القوى الاجتماعية موحدة الرؤية وتقوده جبهات تتفق حول حد أدنى فضفاض قد ينتهي بإسقاط النظام السابق أو البائد ثم لا تجيب بعد ذلك على سؤال: ما العمل؟
الإشكالية وليس المشكلة في الحالة السودانية هي أن العقل السوداني أو العقلية السودانية الصوفية الإلهامية المستندة على الكشف والرؤيا ترفض بل تحتقر كل أشكال التنظير والعقلانية الجافة. فنحن نردد في النقاش العادي عبارة: "دا واحد منظراتي ساكت!" وكأن التنظير عيب أو سبة ويقول المثل السوداني: "السواي ما حداث!" وهذه برقماتية شعبية تكملها ثقافة السوق: أمسك لي وأقطع ليك! وهناك الكثيرون يرددون عند قراءة تحليل للوضع الراهن القول: المثقفين ديل قاعدين ينظروا بس ورونا نعمل شنو؟ وهذا موقف كسول وجاهل لأنه من المفروض على من قرأ التحليل أن يفكر بنفسه في الحلول على ضوء الحقائق التي قدمها الكاتب أو المعلق. وهذا نوع من تقسيم العمل الفكري أن تجد المحلل أو المنظر ثم يكمل شخص مجتهد وعملي البحث معه عن حلول أو آليات للخروج من الأزمة أو التخطيط.
حقق الشباب السوداني ثورة مجيدة وفريدة أيضاً لأنها تجاوزت القوى الحزبية التقليدية الطائفية والعقائدية معاً لذلك واجهت مشكلة الاستمرار السلس وواجهت الأزمات المثقلة وتم تعطيل الحكومة الانتقالية الأولى. رفعت قوى الثورة شعارات جيدة ولكنها لم تحولها إلى فكر سياسي أو نظرية جديدة. وذلك لأن السياسة السودانية ابتلعت الفكر تماماً واستمرت منذ الاستقلال سياسة بلا رأس أي فكر. شباب الثورة في حاجة إلى تثقيف متعمق وهذه مهمة المثقفين الوطنيين ومنظمات المجتمع المدني التي عليها أن تخرج من مستنقع سمكرة الوعي إلى هندسة الوعي.
وقبل الحديث عن مكونات أي نظرية ثورية فالشباب مطالب بتمتين الاصطفاف المدني والعمل على وحدة القوى الثورية وتجاوز كل الانقسامات والانشقاقات التي أضعفت قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين. كما أن المكون المدني في الحكومة ومجلس السيادة يحتاج للدعم والتضامن من أجل تأكيد شعار مدنية ووقف كل محاولات التغول على صلاحيات السلطة التنفيذية، وتحديد سلطات كل جهة أي كيان بدقة وحسم خاصة مع إضعاف فكرة الحاضنة السياسية والتنازع حولها.
هذه الخلفية العملية ضرورية قبل أن يشرع الثوار في تصور نظرية ثورية لحركتهم ولجانهم. تحتاج مثل هذه النظرية إلى أسس فكرية ومرجعية قائمة على العقلانية والحرية وقيم الإنتاج واحترام العمل والوقت، وحقوق الإنسان وقبول الآخر، والدولة الحديثة القائمة على مبادئ المواطنة وليس العقيدة أو المعتقدات عموماً كآليات للتمييز والامتيازات، نبذ كل أشكال العنصرية والقبلية والجهوية والطائفية. ولا بد أن تتضمن النظرية الدعوة لتعليم عصري يخدم التنمية والتقدم، كذلك الدعوة لثقافة وطنية وإنسانية في نفس الوقت والاهتمام بالإبداع والابتكار والاختراع وإطلاق الخيال. شعار العدالة والسلام وأن يكون الوطن خالياً من الأسلحة والميليشيات وضرورة وجود جيش قومي موحد غير عدواني وفي خدمة الشعب وحابي للديمقراطية.
من المفترض أن تكون القوى الثورية بعد قرابة العامين أن تكون قد اكتسبت قدراً من الفكر والسلوك الثوري أفضل من البدايات الأولى. لذلك نفترض أنها قد دخلت الآن مرحلة جديدة ذات متطلبات وتوقعات مختلفة تماماً. لم تعد المسيرات والمليونيات كافية للتعبير عن روح الثورة ومستقبلها، وأن تنتقل وسائل تجلياتها من الأرجل والحناجر إلى الرأس والعقل، أتوقع أن يشكل الشباب في الأحياء حلقات للقراءة والحوار والتفكر والتأمل، وأن يعقدوا لقاءات دورية راتبة تكون محضورة وحيوية تطرح خلالها القضايا اليومية والرؤى ويتم تدوينها وتوثيقها ولا تكون شفاهية. ويقود التراكم الكيفي لمخرجات مثل هذه اللقاءات إلى وضع أسس تنظير وفكر الثورة السودانية أو النموذج السوداني للثورة والنهضة والتقدم أو المشروع القومي السوداني الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.