في ذكرى انقلاب أكتوبر وسطوة العسكر على مقاليد الحكم منقلبين على شراكة الفترة الانتقالية، تقفز الى الذهن كثير من الاحداث التي ارتبطت بغدر العسكر، واحداث متزامنة تشبه ما حدث في الانقلاب، مثل أحداث فض الاعتصام، امام القيادة العامة، وهذه الأحداث مترابطة ربما تنبئ بما يمكن ان يحدث غدا ولعل الأمر ربما يحتمل قليلا من التنبؤات السياسية بعين المراقب المدقق ولعل الحوار مع رئيس منظمة أسر شهداء ديسمبر فرح عباس والد الشهيد عباس فرح الذي استشهد في احداث فض الاعتصام برفقة عشرات الشهداء، يصبح فرصة كي نتحاور في موضوعات مهمة لم تجد الحلول وحتى لم تجد آذانا صاغية من حادثة فض اعتصام القيادة العامة حتى انقلاب البرهان، بالاضافة الى تداعيات المشهد السياسي الذي يتعقد يوما بعد يوم الحوار مع رئيس منظمة أسر الشهداء تناول موضوعات العدالة الغائبة وذكرى ثورة اكتوبر المجيدة وموضوعات المفقودين ومحاولات دفن الجثث مجهولة الهوية التي توجد بمشارح الخرطوم والتي تجاوزت الثلاثة آلاف جثة.. وما الى ذلك من موضوعات مهمة. قضايا متشابكة كثيرة ناقشناها مع عباس فرح وخرجنا بالحوار التالي: *بداية سيد فرح دعنا نبتدر هذا الحوار بذكرى أكتوبر الأخضر حيث الذكرى التي لاتنسى للملحمة والتي ظلت خالدة في الذاكرة السياسية؟ نعم ثورة اكتوبر هي الثورة الشعبية الاولى في افريقيا وفي العالم ذكرى 21 اكتوبر تعلن هبة شعب ضد حكم عبود حيث تحول الفريق عبود الى دكتاتور واعلن الدستور واعلن مجموعة من 25 من طلاب جامعة الخرطوم لمناقشة الاوضاع ولكن خرجت الامور عن السيطرة وقامت الاحتجاجات والمظاهرات في كل انحاء البلاد والارياف وحدثت اضرابات في عدة قطاعات منها اضراب عمال المواصلات لكن الجيش لم يطلق الرصاص بكثافة كما يفعل اليوم لكن رصاصة واحدة قتلت الطالب أحمد القرشي وكانت نقطة البداية الندوة الشهيرة في جامعة الخرطوم وكانت عود الثقاب الذي اشعل الثورة ثم اندلعت المظاهرات في كل الانحاء وبعد تشييع القرشي تجمع المتظاهرون وهتفوا الى القصر الى القصر حتى النصر وبعد اربعة ايام من هذه الاحداث القى عبود خطابا ألمح فيه على بقائه في السلطة حتى تشكل حكومة وهذه هي حال العسكر لكن الجماهير لم ترضى وواصلت في مظاهراتها وبعد اربعة ايام اخرى احتشدت الجماهير عند القصر الجمهوري واطلقت الشرطة النار على المتظاهرين فيما عرفت بحادثة القصر فكان بعدها التنازل وبعد اسبوعين اعلن عبود تنحيه واعلنت حكومة برئاسة سر الختم الخليفة استلم فيها رئاسة وزراء الفترة الانتقالية وسميت بحكومة جبهة الهيئات. *قصدت من هذا السؤال المفتاحي ان اقارب بين ثورة اكتوبر وثورة ديسمبر فكيف تراهما معا؟ الثورتان تؤكدان ان ارادة الشعوب غلابة ففي اكتوبر كانت ثلاثة اسابيع كافية لتقديم الفريق عبود السلطة للمدنيين حيث قدمت الثورة اجمل واروع نماذج التحالف حيث تحالف الشارع مع جميع التيارات السياسية في ملحمة اسقاط الجنرال في اسابيع وما اشبه الليلة بالبارحة. *كانت المرة الاولى التي يخرج فيها شعب عربي على حكومة عسكرية؟ نعم.. وقد اكدت ثوره اكتوبر ان الشعب السوداني دائما يسأم من الممارسات الدكتاتورية وسياسات تضييق الخناق واسكات الرأي الآخر والتي يبدع فيها جنرالات الحكم والتي جعلت الشعب ينتفض بعدما ذاق علقم الصبر والاحتمال رغم التنكيل والقبضة الأمنية معلنا انتصاره و اننا على يقين أن مشهد اكتوبر ماثل امامنا الآن في ثورة ديسمبر. *ألا تتفق معي ان ثورة ديسمبر المجيدة في اضعف حالاتها الى ماذا يرجع ذلك سيد فرح؟ نعم أرى عدم تحالف التيارات السياسية مع بعضها ومع الشارع وهي تفتقر الى عامل الوحدة وهذا يعمد الى اضعاف الثورة كثيرا دعونا نسعى لنعمل جميعا الى تحقيق طموحات شعبنا في السلام والعدالة. *ربما من أكبر المتاريس والتحديات هي عوده النظام البائد بكل طاقمه وقياداته الا يشكل عائقا لكم في مسألة احقاق الحق للشهداء؟ لا شك ان عودة النظام بكل طاقمه يشكل عقبة حقيقية امام التحول الديمقراطي خاصة ان المقترحات كانت ان تكون مدة الفترة الانتقالية عامين يتم خلالهما انجاز عدد من الملفات اهمها كنس وازالة آثار هذا النظام البائد لكن كنا نرى ان تتمدد الفترة الانتقالية لتكون اربع سنوات لازالة حكم المتأسلمين وذلك لان فترة العامين لم تكن كافية لانجاز المهام خاصة المتعلقة بازالة التمكين من واقع ان النظام البائد كان قد وصل لجذور كافة المؤسسات ما يتطلب وقتا وجهدا لاستئصاله من الخدمة المدنية والاقتصاد وكافة مفاصل الدولة التي يمسك بها. *شكل موضوع العدالة الانتقالية واحدة من أكثر مطلوبات الثورة.. كيف تراها؟ لا شك ان العدالة واحدة من اهم مطلوبات ثورة ديسمبر فقد كلان شعارها الاساسي "حرية سلام وعدالة" ولهذا ما لم تتم معالجة الخراب فلن تتحقق اهداف الثورة وستظل دماء الشهداء الأكارم عائقا نحو تطلعات الشعب السوداني ما لم يتم ارساء المؤسسات العدلية واصلاحها حتى تتحقق العدالة المنشودة. *سوال جوهري هل وجد الشهداء القصاص والعدالة التي يستحقون ؟ حقيقة لم يجد الشهداء العدالة والقصاص في ظل نظام فرض نفسه وهو الجاني والمتهم في قتل شهدائنا الاكارم حيث ظل المظلة الدائمة لمسألة الافلات من العقاب في ظل الخراب الذي طال العدالة وقد رأينا كيف تم اطلاق سراح من تم الحكم عليهم بالاعدام بالتوالي في قضية الشهيد حنفي عبد الشكور والشهيد طارق والشهيد مختار و الشهيد د. بابكر فأين العدالة التي نرجوها من هؤلاء. ؟!! *ربما شكلت مسألة دفن الجثامين المجهولة واحدة من التحديات أمام أسر الشهداء والمفقودين وقد قال البعض انها محاولة لاخفاء الادلة على تورط جهات بعينها والبعض طالب بتدخل لجان دولية لحسم الأمر؟ فيما يخص الجثامين التي تجاوزت الثلاثة آلاف جثة مما يدل على وجود مجزرة ثالثة وهو اجرام ممنهج لقتل شباب السودان واصرار على من انقلبوا على النظام الديمقراطي للافلات من العقاب وتمسكهم للاسراع بعملية الدفن واستعجال دفن الجثامين مما يؤكد ان هؤلاء القتلة لا يفكرون الا في انفسهم المرتعبة الخائفة ونحن نشيد بمبادرة مفقودين ونحن معهم قلبا وقالبا والذين تمسكوا بالدفن عبر القانون واللجنة الدولية والقانون يحفظ لاسرة المفقود حقوقه كاملة. اضف الى ذلك انه لايمكن ان تتحمل الاسر دفن ابنائها دون معرفة او تشريح لانه ببساطة شديدة فيه اضاعة قانونية لحق المفقود. * البعض يرى ان انقلاب البرهان شكل عقبة اساسية امام موضوع التحول وموضوع العدالة كيف تراه ؟ نعم شكل انقلاب البرهان عقبة حقيقية نحو التحول الديمقراطي وعمد للعودة للنظام البائد بكل مؤسساته وعمد كذلك لاختطاف الثورة ووأد احلام السودانيين ولكن سيظل ثوارنا هم حراس هذه الثورة لانهم هم صناع هذه الثورة والمحافظون على مكتسباتها لانهم صناع الثورة الحقيقيون وستظل هذه الثورة مشتعلة مادام مشعلوها هم شباب شرفاء ملتزمين ومتمسكين بمبادئهم التي لن يتنازلوا عنها وستجبر كل متجبر للاذعان لها وان شاء الله الثورة مستمرة ومنتصرة بإذن الله. الحراك السياسي