في صباح العشرين من يوليو، تجمع الحزن اشكالا والوانا وغطى بوجهه الكئيب قرية اللعوتة غرب الدويم ، حيث فقد ثلاثة ابناء من عائلة واحدة في يوم واحد … ابتلعهم حفير القرية وترك لذويهم الحزن والأسى . مشهد لا تجده في خيال الافلام ، حين جاءت نهال الصغيرة مهرولة تحمل ملابس أحمد لأمه « أحمد أحمد أحمد متمتمة هاكي ديل هدومو ، خشى الحفير وما طلع » فما كان من أمه في لحظة اللاوعي إلا أن ركضت نحو الحفير القاتل وتتبعها جموع الأهل ألقت بنفسها في الحفير غير مبالية علها تنجد فلذة كبدها ، إلا أن عناية الخالق انقذتها . وتأتي أم أحمد الآخر وكانت أسماء الاطفال الثلاثة الذين ابتلعهم الحفير أحمد ، « أحمد عبدالله محمد مكي ابن عمي ، و أحمد علي بخيت ابن عمتي ، وأحمد محمد سليمان ابن عمي » وبعدها تجمع كل اهل قرية اللعوتة الواقعة غرب مدينة الدويم علي بعد 17 كيلو تجمعوا حول الحفير القاتل . حصد الحفير … أرواح اليافعين وفى نصف ساعة من البحث داخله كاد أن يهلك ثلاثة من الشباب. عثر على أحمد عبدالله ، بل نقل جثمانه ، وكان المنظر لا يوصف من هوله سقطت أمه مغشيا عليها ، انكب عليه عم بابكر الذي خرج من بيته دون ان يكترث لجلبابه، وهنا بلغت القلوب الحناجر، الكل متوقع أن يكون ابنه التالي ، وبعد صبر وطول بحث تم اخراج الجثمان الثاني والذي كان ل أحمد محمد وازداد الحزن والألم وضج المكان بالعويل والصراخ ، وما بين مصدق ومكذب وممني نفسه ان يعودوا للحياة يعودوا بصخبهم الطفولي المعتاد ، لكنها اقدار مكتوبة . ظل البحث مستمرا عن أحمد علي بخيت ، أكبرهم سنا الذي دفعته النخوة لانقاذ إخوانه يحثهم علي العودة كيما يواصلوا معه الحياة محاولا إنقاذهم من الغرق في براثن الحفير … فكان مصيره أن يكون رفيقهم في الجنة إن شاء الله ، عثر عليه وهو يحمل ملابسه في يده فسقطت أمه مغشيا عليها وازداد الصراخ والعويل وسط جموع الأهل حملوا جميعهم إلى المستشفى وأصبحت الفاجعة أكبر بحتمية وفاة الثلاثة وغيبوبة الأمهات . هم اهلهم بمواراتهم الثرى إلا أن شرطة حماية الأسرة والطفل تدخلت واكملت إجراءات الطب الشرعي وبعدها قبروا ليلا . لكن حفير الموت ظل جاثماً على قلوبنا تاركاً مساحة من الألم لا تُمحى ومن يدري أن يكون القادم افظع واشد إيلاما لاسيما وأن هذه البركة القاتلة تتوسط القرية وبالقرب منها ثلاث مدارس للأساس بنين و بنات والمدرسة الثانوية وروضة الأطفال ، وهذا الحفير ظل محل نزاع بين أهل القرية و أهله لفترة من الزمن وحصل فيها ما حصل ، والحصاد أنه لازال موجودا وينتظر أن يقتل المزيد اما بداخله أو في النزاع عليه. آثرنا الصمت طيلة الفترة الماضية حتى لا نخسر أحدا من الأهل إلا ان الوضع الآن مختلف تماما . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لان تُنقض الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من إزهاق نفس مؤمنة». هذا واجب يمليه علينا الشرع قبل كل شيء. وبعد كل هذا الألم ، اترك عدة رسائل أولاها لأهل الحفير ان أزيلوه قبل ان تهلك ارواح اخرى ، ورسالة الي والي الولاية الدكتور عبد الحميد موسى كاشا بتولي ومتابعة إزالة الحفير ، ورسالة الي شرطة حماية الأسرة والطفل للمسارعة في حماية الأطفال ، و إزالة الحفير .