(المكان اذا لم يكن مكانة لا يُعوّل عليه) محيي الدين بن عربي قال يحيى حقي تعليقاً، على هروب »حامد«، بطل رواية زينب لمحمد حسين هيكل، من مسرح الأحداث: »لم أر مؤلفاً يقطع دابر البطل هكذا، كما فعل هيكل«. ولو كان يحيى حقي بيننا، يعيش أيام الانقاذ المتغيرات »يوماً مطرقة، ويوماً سندان«، لقال: لم أر نظاماً يقطع دابر ابطاله هكذا، مثل نظام الانقاذ، فمن خلال »ونسة« إمتدت بعيد منتصف الليل، كنا مجموعة من الاصدقاء، نحصي أسماء أبطال، كانوا في مسرح الأحداث، في نظام الانقاذ، ثم أسدل عليهم الستار، لاذوا بالفرار، أم أجبروا على مغادرة المسرح، لا أحد يدري بالضبط. »حامد« في رواية هيكل، أُغلقت الأبواب في وجهه، بعد زواج محبوبته، فكتب رسالة لأهله، وهرب. وأبطال رواية »زينب«، ليسوا محض خيال، بقليل من التربص، يمكن مضاهاتهم بشخصيات في الواقع، حتى أن »حامد« قال نقاد، إنه »هيكل« نفسه.. شحماً ولحماً ورؤى. وأن الرواية لون من ألوان الترجمة الذاتية. وفي تقديري أن هيكل، إمعاناً في الهروب من جلد حامد، حجب اسمه عن العمل الروائي، فجاءت رواية زينب بتوقيع »فلاح مصري«. وحسب دراسة المقارنة التي عقدها الناقد المصري، د. أحمد درويش، في روايتي »زينب« لهيكل و»جولي« لروسو، تطابق ومقابلة: »زينب« و»هلويز«، تشتركان في حرفّي النهاية« في الاسم الفرنسي »الياء والزاي«، وفي حرفيّ البداية في الاسم العربي »الزاي والياء«، وإذا تصورنا إختلاف طريقة الكتابة من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين، فاننا في الواقع نجد أن موضع الحرفين ثابت في الاسمين العربي والإنجليزي. بل إن محمد حسين هيكل إحتذى حذو جان جاك روسو، حتى في عنوان الرواية وتوقيع المؤلف، فجاء العنوانان كالآتي: »زينب.. مناظر وأخلاق - بقلم فلاح مصري«، »»جولي أو هلويز الجديدة«.. بقلم مواطن من جنيف«. كلاهما هيكل وروسو، لم يوقع باسمه الحقيقي على العمل الأدبي، إحتمى الأول ب »فلاح مصري«، وتخفى الآخر خلف »مواطن من جنيف. وحسب درويش، فإن كلا الرجلين، ما أراد لاسمه أن يقترن ب (قصة حب). فالأول كان سياسياً ومحامياً مشهوراً والآخر مفكراً ومنظراً شهيراً. »الإسلاميون« في السودان، لم يوقعوا بإسمهم الحقيقي على بيان الانقاذ الأول، وأكتفوا بتوقيع »ضباط ثوار«، يبدو أن الإسلاميين، بإعتبارهم سياسيين معروفين ومرموقين ما أرادوا الظهور في »قصة انقلاب«، فاكتفوا بتوقيع »ضباط ثوار«. رواية »جولي« لروسو، ظهرت في القرن الثامن عشر الميلادي، كجنس روائي جديد، وطبعت في فترة زمنية وجيزة أكثر من خمسين طبعة، مع أن أكثر الروايات نجاحاً في زمانها، لم تزد على أربع طبعات. ورواية »زينب« لهيكل، كما يرى معظم النقاد - أول رواية بالمعنى الفني الحقيقي في الأدب العربي، »نشرت عام 1914م«، وفتحت الباب لجنس الرواية، لينافس جنس الشعر، في الأدب العربي. والانقاذ - حسب الرواة - سبقت الربيع العربي بنيف وعشرين عاماً، وفتحت للاسلاميين في البلاد العربية، الباب للوصول إلى السلطة. اعتمد روسو وهيكل إسلوب »الرسائل«، في إثراء العمل الفني وبنائه، واعتمدت الانقاذ اسلوب »المذكرات«، في اثراء العمل السياسي والبناء اليومي. ترى أين أبطال روسو: جولي دي اتونج، وهلويز، وابيلا، وفولبير وسان يرو؟! وأين أبطال هيكل: حامد وزينب وابراهيم وعزيزة وحسن؟! وأين أبطال الانقاذ: عثمان أحمد حسن و......... و.......... أين سبدرات وقوش و.....و....... والقائمة تطول؟!.