سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التمرد بدارفور « مرارة « ولدّت مرارات أخرى !!! تقتيل وإعاقة وشريد ونزوح ولجوء وثأرات قبلية وإشانة سمعة وطن هي أهم الإفرازات
5182 قتيل حصيلة المواجهات القبلية بجنوب دارفور في الفترة من اكتوبر 2004م الى ديسمبر 2010
التمرد الذي ضرب اقليم دارفور منذ صيف العام 2003م ظلّ هو الحدث الذي كان له مابعده من أحداث مرتبطة ارتباطا وثيقا ان تباعدت المسافات بينها. وقد مرت النزاعات المسلحة بين المجموعات السكانية في ارفور بمرحلتين رئيسيتين في تطورها وهي النزاعات البسيطة التي تحدث بين القبائل والمجموعات السكانية من فترة الى أخرى وتقوم الادارات الأهلية المحلية بحسمها بنظام « الجودية وفض النزاعات الأهلية» والنزاعات المتأججة التي تكون واسعة النطاق والجغرافيا وطويلة الازمان والآماد ، وهذه يتم حسمها بنظام الجودية وفض النزاعات الأهلية بواسطة محكمين من قبائل أخرى ليست طرفا في النزاعات وهو النظام الذي يعرف بمؤتمرات الصلح والمصالحات حيثتقوم برعايته الجهات الرسمية المختصة بتسوية هذه النزاعات ولكن ومن المؤسف أن هذه النزاعات منذ صيف العام 2003م أخذت طابعا جديدا ومغايرا تمثل في شكل أجتماع مسلح في مواجهة الدولة بعد أن كان مجرد مواجهات ذات طابع مهني « مزارعين رعاة» أو ذات طابع أثنى « قبيلة أو قبيلة « ... وهذا التطور كان محصلته أرقام وحقائق فاقت التوقعات أما آثاره فقد تلظى بها كل السودان وليس دارفور لوحدها. من التمرد ضد الدولة الى المجتمع: من أخطر افرازات التمرد بولايات دارفور أنه أسهم تأجيج وتطوير النزاعات القبلية ذات الطابع المهني البسيط الى نزاعات متعددة الأطراف حيث قامت أطراف النزاع بأستمالة القبائل الى جانبها حيث استخدمت معها كل أدوات التطويع الاغرائي والارهابي ، ولعل مكمن الخطر في ذلك أن هذه الاستمالات أسهمت في بروز ظاهرة الثأرات القبلية ، كما أدى لتصنيف قبائل بعينها توالي الحكومة وقبائل اخرى بعينها توالي المتمردين وقد أسهم ذلك في تهتك النسيج الاجتماعي الدارفوري. وكانت المحصلة النهائية أن التمرد نجح من الناحية النظرية في نقل أهدافه واجندته التي وظفها لمواجهة الدولة بالشكل المسلح الذي تجسد في الكثير من العمليات التي قام بها والتي حسمتها الدولة بأذرعها العسكرية والشرطية والأمنية الى المجتمع فتحول المجتمع الدارفوري الى مع أو ضد الحكومة أو الى مع أو ضد الحركات المتمردة ... جنوب دارفور والمواجهات القبلية : ولاية جنوب دارفور بشكلها القديم وقبل اعادة تقسيمها الى ولايتين (( جنوب دارفور وشرق دارفور)) هي الآن وبفعل افرازات التمرد الخطيرة أكثر ولايات دارفور تعرضا للمواجهات القبلية حيث بلغت حصيلة القتلى في المواجهات القبلية 5182 قتيلا خلال الفترة ما بين أكتوبر 2004م الى ديسمبر 2010م وجملة متبقي ديات قتلى الصراعات القبلية هي 216/129/72 فقط اثنين وسبعون مليون ومائة تسعة وعشرون الف ومائتان وستة عشر جنيه ، وهذا المبلغ لا يتضمن جملة الخسائر والتعويضات. فان كان هذا العدد من القتلى هو فقط حصيلة المواجهات القبلية المتسب فيها تمرد دارفور فكم سيكون بقية القتلى الذي قتلوا في التمرد أو بسببه في أنحاء دارفور المختلفة؟ ان هناك أعداد مسجلة وغير مسجلة مورس ضدها التقتيل والاعاقة والتشريدوالنزوح واللجوء. مرارة ولّدت مرارات : التمرد بدارفور « مرارة « ولّدت مرارات أخرى أكثر فظاعة وأكثر ايلاما وقد تولدت نتيجة ذلك أزمات لعل أبرزها اشانة سمعة السودان في المحافل الدولية والدبلوماسية والقانونية والاعلامية ، حيث قامت ضد السودان حملات بسبب أو بدون أسباب نتيجة التداعيات المؤسفة التي شهدها اقليم دارفور لقرابة العشر سنوات ، حتى وجهت للسودان اتهامات وضعت بعض المسؤولين في لائحة الأتهام واصدار أوامر توقيفهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية والتي اتخذ الأعلام الدولي موقفاً بشكل عام لهذه المحكمة ضد السودان وهذا أمر طبيعي ما دام الأعلام الدولي قد روج للصور السالبة عن السودان على خلفية التمرد في دارفور ، وقد أسهم الاعلام الصهيوني بشكل مكثف في تشويه صورة السودان وانتشرت المواقع الالكترونية التي تتبالى على مأساة دارفور ، فبررت هذه المواقع تعاطفها مع أهل دارفور بأنهم أقلية عرقية ودينية تتعرض للابادة على تعرضت الأقلية اليهودية في المانيا للابادة والاضطهاد وقد نجحت هذه الحملة الاعلامية في التأثير على مجلس الأمن الدولي فأصدر عددا من القرارات انتهت الى ملف قضية دارفور الى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والذي وجه لوائح أتهام الى عدد من المسؤولين السودانيين في أوقات متفاوتة : رئيس الجمهورية عمر حسن أحمد البشير. وزير الدولة بالداخلية الأسبق مولانا أحمد محمد هارون. القائد بالدفاع الشعبي علي كويشب وزير الدفاع الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين. رجعونا يا ود أمي : من الآثار الخطيرة لتمرد دارفور ظاهرة النزوح واللجوء والتي أدت لتفكك وتوزع الأسر وفقدانها لسبل كسب عيشها ومآويها ومزارعها ومراعيها ولعلّ ما هزني هو صورة المرأة الطاعنة في السن (( 80 سنة تقريبا )) والتي التقيناها في زيارة لمعسكر مورتي للنازحين بولاية غرب دارفور في خريف العام 2004م وكنا في معية زيارة وزير الدولة للداخلية الأسبق مولانا أحمد محمد هارون حيث استوقفت تلك النازحة وزير الدولة للشؤون الأنسانية وقتها محمد يوسف عبد الله وتحدثت معه بلهجة محلية قائلة له (( يا ود أمي رجعونا لبيوتنا )) ... ففي حديثها أكثر من دلالة وأكثر من معنى ... فهي فقدت كل شئ ولكن لها حنين لوطنها الصغير وهذا وحده يكفي ...