في إطار الآلية العليا للمعالجة الاقتصادية تسعى ولاية الخرطوم لتطوير صناعة الخبز بتشدين المعرض المزمع عقده يومي الجمعة والسبت بالساحة الخضراء تحت رعاية الدكتور عبد الرحمن الخضر وإشراف المهندس صديق محمد علي الشيخ وزير المالية، وتكمن أهمية تطوير هذه الصناعة لكونها تعالج أحد أهم ركائز الحياة التي يُسد بها الرمق، إذ أن المعالجات الاقتصادية الأخيرة أفرزت تشوهاً غير مسبوقاً في صناعة الخبز في البلاد مما عزى بالتجار وأصحاب المخابز التلاعب بهذه الصناعة وتقليل الأوزان وتطفيف المكيال وممارسة الجشع غير المبرر. وعادت الصفوف تصطف مرة أخرى بحثاً عن الخبز. في حين أصبح حجم الرغيفة الواحدة لا يشبع صغيراً ذا عامين في حين كانت الرغيف الواحدة تقسم إلى نصفين بين الطلبة حتى حين قريب من الزمن. إن توجه حكومة الخرطوم لتطوير هذه الصناعة عبر السعات الكبيرة بإدخال المصانع ذات الجودة العالية والكفاءة الكبيرة حيز التنفيذ الفوري والفعال حتماً ستعيد التوازن بين اتحاد أصحاب المخابز الذي يسعى إلى زيادة أسعاره تقليل عدده. ولا شك إن هذه المصانع ستقلل من تكلفة الإنتاج حيث تبلغ انتاجية المصنع (مليون رغيفة في اليوم) خبزاً صحياً معافاً من بروميدا البوتاسيوم وخلافه من بعض الممارسات غير الصحية التي تصاحب عملة التصنيع البلدي بالأيدي العاملة التي تدخل في جميع مراحل التصنيع حتى إدخاله في النار وبعد خروجه منها. ومن المظاهر السيئة التي تصاحب عملية الخبز والتي نراها بأم أعيننا الحالة المزرية لمن يقومون بالصناعة من تعرق على الأرغف والمشي في مكان وضعها، ويعلم هؤلاء مدى الجبرية التي منحتها له الحقوق في أن نعيش ونشتري هذا الخبز برغم الحالية المزرية التي هي عليه، (لا يرتقي البتة إلى مستوى الآدمية). ولقد شهدت الخرطوم في السنوات الماضية فوضى في صناعة الخبز مما جعل بعض أصحاب النفوس الضعيفة من أصحاب المخابز استخدام مادة البوتاسيوم المسرطنة مما عزى بالسلطات الولائية لتنفيذ حملات التفتيش على المخابز من نيابة حماية المستهلك والجهات ذات الصلة بهذا الأمر ونتج عنها ايقاف العديد من المخابز والأشخاص لاتهامهم باستخدام هذه المادة والتي أكدها المعمل الجنائي والذي استجلب خصيصاً للكشف عن هذه المادة المروعة شديدة الانفجار والالتهاب. وصدرت بحقهم أحكام رادعة كان لها الأثر الطيب في كبح جماح أصحاب النفوس الضعيفة والمريضة لترك هذا التلاعب بصحة المواطنين. ولكن وجد بعض هؤلاء ضالتهم بالمتجارة في الدقيق مرة أخرى وخاصة في الحصة التي تمنحها شركات الدقيقة المصنعة له (سيقا، ويتا وهلمجرا) ببيع الحصة في الأسواق بزعم أنها تربح أكثر من إنتاجها كخبز وبالتالي يتم افراغ المخابز من الدقيق بدعوى أن الحكومة لم توفره للمخابز ليصب الناس جام غضبهم على الحكومة. إن توجه حكومة ولاية الخرطوم لتطوير هذه الصناعة يسحب البساط من ممارسي هذه الطريقة العشوائية ويغلق الأبواب أمام فوضى التلاعب بهذه الصناعة الاستراتيجية وفي تقديري أن حكومة ولاية الخرطوم القيام بتطويرها لهذه المهنة سيثبت أسعار الخبز (4 بجنيه) بوزن 70كلجم وهذا يطمئن المواطن وهو أكبر رصيد للحكومة في طمأنة الواطنين الذين بدأوا يخشون الزيادة في كل شيء حتى الخبز الذي يسد به الرمق. ونظراً لما سبق فعلى الحكومة أن تقوم بتوزيع هذه المصانع على أطراف الولاية لتقوم هي بعملية الإشراف والمراقبة وصولاً للوفرة والجودة ويمكن إدخال سيارات البركة التي وفرتها حكومة الولاية توزيع هذه السلعة عبر الحارات والأحياء. وعلى المحليات أن توقف عمليات التصديق العشوائي للمخابز البلدية والآلية وحسم مسألة (كل من هب ودب فتح سور منزله وجعله مخبزاً) وهنا تجد المحلة نفسها أمام الأمر الواقع لتقوم بالتصديق له دون أي معاير للصحة والسلامة، وحسب معرفتنا بصاحب مخبز قبل سنوات كان يقود عربة كارو واليوم يتحدث بالمليارات. بالله أخبرونا هل الخبز العادي يحقق مثل هذه الأرباح؟ إذ ليس بمقدور أي شخص مزاولة هذه المهنة خارج السودان إلا عبر الخارطة التي وضعتها الحكومة عبر المسح السكاني والتي تحدد مدى احتياج الفئة السكانية لتلك الخدمة وفي من يقدمها.. ولكن للأسف أن المحليات كانت تصدق من أجل الجباية وجني المال دون التقيد بأدنى الشروط المتفق عليها عالمياً. وحتى تفتح المحليات المجال لهذه الشركات ذات السعات الكبيرة يتوجب عليها مراجعة التصاديق للمخابز المصدقة مسبقاً والتي لم تلتزم بالمعايير والمقاييس وإجراءات السلامة وقد تعاهد أصحاب المخابز مع ولاية الخرطوم الالتزام بالمبادئ التي طرحها الوالي خلال ورشة تطوير صناعة الخبز التي عقدتها وزارة المالية لتطوير هذه السلعة الاستراتيجية. وفي الختام يتسنى لنا أن نشكر أولاً ولاية الخرطوم لهذا النهج القويم الذي تسير عليه في تطوير منشآت ومرافق ومصالح المواطن في إدخل الولاية أنماط الحياة العالمية بل وحتى تستمد الولايات الأخرى من تجارب الولاية الرائدة الأم، وحتى تعود للمواطن الثقة في من يطعمون أطفاله في المدارس وفي الأماكن المختلفة (وكفاية تلاعب بأرواح البشر يا هؤلاء وإياكم أعني).