تقرير (smc) انفض بمثلما انعقد المجلس الانتقالي للحركة الشعبية وكان الناتج الإجمالي لجلسات المجلس التي استمرت ثلاثة أيام حسوماً وبجلسات تطول لتصل الى رقم قياسي يصل الى قرابة الستة عشر ساعة يومياً كان الناتج ضحلاً ومحبطاً للكثيرين ودون سقف طموحات أقل الحادبين تفاؤلاً . وقد انعقد المجلس الذي انتزع لنفسه صلاحيات المؤتمر العام كأعلى جهة سياسية بالحركة وكانت تتناهى الى سماع المؤتمرين بمبني (هوم ان وى) بجوبا أصوات نيران صديقة وأخرى معادية . وكانت حزمة من المشاكل تمسك بتلابيب المنصة التي لم يغادرها الفريق سلفاكير ميارديت رئيس الحركة أبداً وهذا الاجتماع منوط به تعبيد الطريق للمؤتمر الثاني للحركة في مايو المقبل. وكانت قضية أبيي الساخنة حاضرة وبقوة في اجتماعات المجلس الانتقالي بجانب ملفات جديدة لا تنفك بحال من برنامج الحركة الشعبية للفترة الانتقالية مثل الاستفتاء وحق تقرير المصير والانتخابات وتحديات التنمية وغير ذلك. مدبجاً بتجربة فاقت العقدين انحسرت أغلب شعارات ومدمجاً بتجربة في النضال وفي الحكم وضعت الحركة وجهاً لوجه أمام عيدها الفضي جاء انعقاد المجلس الانتقالي ليداوي بعض جراحات الحركة خصوصاً وأنه أول انعقاد من نوعه بعد انجلاء أزمة الشريكين. وكان واضحاً إن بعض الحرائق هنا وهناك تنذر بأكثر من حريق من شأنه ان يعمق جراحات الحركة فليس بغائب عن الذهن الصراع الذي ينذر بمواجهات ساخنة تتعدى العنف الكلامي الى قعقعة السلاح ولغة البنادق ما بين الأجنحة المحسوبة على قبيلة النوير بالحركة . ويتخوف كثيرون ان يندلع صراع مسلح ذى ثلاث شعب ما بين رياك مشار في جواب والقائد النويرى للقلق فاولينو ماتيب وحاكم ولاية الوحدة النفطية (المتعب) تعبان دينق. ثم إن ملف جيش الرب والذي ترعى جوبا منذ مدة مفاوضات شاقة بينه والحكومة اليوغندية قبل ان يكلل باتفاق هش . ملف لا يزال مفتوحاً خصوصاً بعد ان حمل تقرير فريق المراقبة بالجنوب برئاسة الجنرال ويلسون وعضوية خبراء (6) دول أفريقية حمل الحركة الشعبية كافة أوزار جيش الرب . فقد فضح التقرير وبجلاء ان كافة التهم المنسوبة لجيش الرب حيال عمليات القتل والتصفيات الجسدية لمدنيين أبرياء في ولايتي الاستوائية هي بالأصل جرائم من تنفيذ وتدبير وإخراج جنود تابعون للجيش الشعبي الجناح المسلح للحركة الشعبية. وهي اتهامات لن تقلل من فداحتها تصريحات منسوبة للدكتور رياك مشار والذي حمل تنظيماً جديداً يسمى نفسه (لا وحدة) مسؤولية ما جرى. وهذه الاتهامات وغيرها تصب في مصداقية المؤتمر الوطني وهو يلفت انتباه الحركة الشعبية لإصلاح اعوجاج رقبتها وتصحيح الأوضاع المتردية لحقوق الإنسان بالجنوب والوضع الديمقراطي الذي تخفى لافتاته البراقة إنتهاكات للحريات وتكبيل لكل الاطياف السياسية بالجنوب من العمل وتكميم الأفواه وأعمال الخطف والقتل على الهوية ومضايقة النشاط الدينى. وفي غضون ذلك كانت الحركة تغالط نفسها وتعاكس مبادئها وهي تطحن قبيلة المسيرية على تخوم أبيي المحسوبة تاريخياً وجغرافياً بولاية كردفان متذرعة بتقرير للخبراء الذين تجاوزوا التفويض الممنوح لهم فصاروا بمثابة (من لا يملك وأعطى من لا يستحق). ثمة لا جديد في ما خرج به اجتماع المجلس الانتقالي للحركة سوى أنه كرس قبضة أولاد قرنق على الحركة فقد تمت مباركة القرار السياسي بفصل العضوين تيلارا دينق وأليو أجانق من عضوية الحركة لعدم الانضباط الحزبي. وبمثلما انعقد المجلس الانتقالي فقد انفض بدون أي جديد مفيد ما خلا مضغ مفردات معادة مكررة وممجوجة ماعادت تحمل من قوة وحرارة مضامينها عند المواطن الجنوبي شيئاً. وبهذا الانفضاض المخيب للآمال يكون المجلس الانتقالي قد وضع المؤتمر الثاني للحركة على سطح صفيح ساخن لا يقل سخونة عن حرارة الأجواء في شهر مايو حيث ذروة الصيف السوداني ومما يؤسف له ان المؤتمر العام الثاني القادم ليس مطعماً ضد أمراض الصيف السياسي السودانى ولا محصناً ضد امراض الطفولة الست.