بالطبع ليس من السهل الاجابة علي التساؤل فقضية تقرير مصير الجنوب السوداني تفصلنا عنها حوالي خمسة أشهر وهي فترة وان بدت قصيرة وضيقة الا انها – في عالم السياسة- يمكن أن تشهد متغيرات هائلة. وما من شك أن كل من يدعي الان سواء من قادة الحركة الشعبية أو بعض مؤيديها أن مواطني الجنوب قد حزموا أمرهم علي اختيار الانفصال ليس سوي راجم بالغيب أو صاحب غرض كما يفعل أمين عام الحركة ووزير سلام الجنوب باقان أموم الذي بات يتجول ويغشي المحافل الاقليمية والدولية طالباً الاعتراف المسبق بدولة جنوبية قادمة. باقان يؤدي دور ربما لا يدرك هو نفسه أنه مطلوب منه تأديته. ان الاستفتاء المرتقب في الواقع قابل للافتراضين الوحدة أو الانفصال ولكن من المفروغ منه أن المشاورات الجارية الان بين الوطني والحركة والهدؤ النسبي للاوضاع الأمنية في الجنوب ربما بدأ يرسم صورة جديدة لوحدة السودان. فقد رأينا كيف بدأت بعض المؤشرات الوحدوية تلوح في الافق سواء عبر القوافل أو الانشطة الاجتماعية أو التفاهمات السياسية بين كافة المكونات في الشمال وفي الجنوب فحين يكون الامر متعلقاً بشأن قومي استراتيجي مثل أمر وحدة السودان فان من الصعب أن يتجه الناس نحو انفصال يعلمون أنه سوف يفتح مساراً جديداً لمنازعات ومشاكل وقضايا مزمنة. ولعلنا نشير فقط الي مثال واحد وهو قضية الحدود التي تحتاج الي وقت كافي والي اجراءات وتنازلات وتسويات هذا بخلاف قضية النفط وكيفية تصديره والاتفاق حوله. وبعدها تأتي قضايا الجنسبة ومعالجة أوضاع مواطني كل اقليم دون أضرار. هذه القضايا تستهين بها الحركة في كثير من الاحيان ولكنها قضايا معقدة وشائكة وضررها علي مواطني الجنوب اكبر. ان الامانة السياسية كانت تقتضي أن تعمل قيادة الحركة علي تنبيه المواطنين في الجنوب وتوعيتهم بما سوف يترتب علي الانفصال وان لم تشأ أن تفعل فان عليها الوقوف موقف الحياد بدلاً عن أن (تسرق ألسنتهم) وتدعي أنهم يريدون الانفصال لقد ظهرت الان وبدأت تعلوا أصوات تدعو للوحدة من داخل قيادة الحركه سواء في الجنوب كما قال جيمس واني أو في قطاع الشمال كما قال د. محمد يوسف ووليد حامد أو علي مستوي القوي السياسية الجنوبية مثل حزب (سانو) الذي دعا صراحة وبقوة للوحدة- بل ان سلاطين القبائل الجنوبية المدركين لما سوف يترتب علي الانفصال من مشاكل قبلية مهلكة نادوا بالوحدة وطالبوا بها. اذن باتت الان كفة الوحدة تمضي باتجاه الترجيح أو علي الاقل بدأ يخفت صوت الانفصال واذا ما أضفنا الي ذلك الحراك الجاري من القوي السياسية الاخري واستعجال قادة الحركة في تعبيرهم عن الانفصال مبكراً فان النتيجة – كما سبق وأن قال نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه وكرر ذلك مراراً- ستكون لصالح الوحدة ومن المؤكد أن علينا أن تنتظر ونري!!