قلت للرجل الواقف على اعتاب العام :أعطني نورا استضيء به في هذا الغيب المجهول فانني حائر فقال لي : إتجه الى الله فانه سيهديك سواء السبيل. ايها الحائر في بيداء الحياة: إلى متى التيه والضلال وبيدك المصباح المنير!أيها الحيارى والمتعبون الذين التبست عليهم المسالك فضلوا السبيل وتنكبوا الطريق المستقيم!أجيبو دعاء العليم الخبير (ياعبادي الذين أسرفوا على انفسهم لاتقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم. وأنيبوا الى ربكم واسلموا له ) وترقبوا بعد ذلك طمأنينة النفس وحسن الجزاء وراحة الضمير. أيها الاخ العاتي المتعب الرازح تحت أعباء الخطايا والذنوب اياك أعني واليك أوجه القول: ان باب ربك واسع فسيح غير محجوب وبكاء العاصين أحب إليه من دعاء الطائفين.. جلسة من جلسات المناجاة في السحر وقطرة من دموع الاسف والندم وكلمة الاستغفار والانابة يمحو بها الله زلتك ويعلي درجتك وتكون عنده من المقربين، وكل بني أدم خطاء وخير الخطائين التوابون (ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين).. ما أقرب ربك إليك وأنت لاتدرك قربه ! وما أحبك إلى مولاك وأنت لاتقدر حبه! وما أعظم رحمته بك وانت مع ذلك من الغافلين! انه يقول في حديثه القدسي: انا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب الي شبر تقربت اليه ذراعاً وان تقرب الي ذراعاً تقربت اليه باعاً وإن اتني يمشي اتيته هرولة. ومن عرف حق الوقت فقد أدرك قيمة الحياة فالوقت هو الحياة وحين تطوي عجلة الزمن عاماً من أعوام حياتنا لنستقبل عاما اخر نقف على مفترق الطريق.. وما أحوجنا في هذه اللحظة الفارقة أن نحاسب أنفسنا على الماضي وعلى المستقبل من قبل أن تاتي ساعة الحساب وانها لاتية على الماضي فنندم على الأخطاء ونستقبل العثرات ونقوم ونستدرك مافات وفي الأجل بقية وفي الوقت فسحة لهذا الاستدراك.. وعلى المستقبل فنعد له عدته من القلب المنقى والسريرة الطيبة والعمل الصالح والعزيمه الماضيه السباقة إلى الخيرات والمؤمن أبداً بين مخافتين بين عاجل قد مضى لايدري ماالله صانع فيه.. وبين أجل قد بقي لايدري ما الله قاض فيه فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ، ومن دنياه لاخرته ، ومن الشبيبه قبل الهرم ، ومن الحياة قبل الموت.. وما من يوم ينشق فجره الا وينادي ابن ادم : أناخلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود منى فإني لا أعود الى يوم القيامة.. لقد حاولت أن أكتب بمناسبة السنة الجديدة في ذكريات الهجرة وقصص الهجرة وعيد الهجرة وكيف نحتفل بالهجرة فوجدتني مسوقا الى غير ذلك كله ..... الى مناجاة الأعزاء الذين أهملوا حق الوقت وغفلوا عن سر الحياة ولم يتدبروا حكمة الابتلاء الذي وجدنا من أجله .. رايتني مسوقا الى مناجاة هؤلاء الإخوة الأعزاء بهذه الكلمات لعلنا نستطيع أن ننزع يدنا من قيود الشيطان ونسير مع كتاب الرحمن في موكب المغفره والرضوان فتكون غرة المحرم الحرام صفحه بيضاء نقية مشرقة في سجل الحياة بعد أن سودت الذنوب كثيراً من الصفحات يبدلها الله بالتوبه الصادقة حسنات مباركات { وهو الذي يقبل التوية عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ماتفعلون} .. ويستجيب الذين امنوا وعملو الصالحات ويزيدهم من فضله .. ما أعظم رقابة الله على عباده .. { ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس له نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد . اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد. مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } .. { أم يحسبون أنا لانسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لدينا يكتبون }.. وما أدق الحساب يوم الجزاء.. { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره }... المصدر: مجلة (الاخوان المسلمين)العدد767غرة المحرم 1368 هجري الموافق 2/11-ا948ميلادي