الحكم المحلى يعتبر مستوىُ أصيلا من مستويات الحكم فى السودان وفقا للدستور وقاعدة لاشراك المواطنين فى ممارسة السلطة لادارة شئونهم المحلية الامر الذى وضع كل من الولايات والمحليات امام تحدً حقيقى وتطلعات ورغبات المواطنين المتزايدة للمشاركة فى السلطة ,واشواقهم لتحقيق العدالة فى قسمة الثروة وتوفير الخدمات الضرورية وتحقيق التنمية. المجلس الاعلى للحكم اللامركزى قاد حراكا ً واسعا خلال الفترة الماضية لتقييم تجربة الحكم اللامركزى وخاصة تحليل الوضع الراهن للحكم المحلى بالولايات عبر مؤتمرات وورش عمل ولقاءات ضمت خبراء ومختصين فى مجال الحكم المحلى بجانب المعنيين بهذا الامر ومطلوبات نجاح التجربة للمرحلة القادمة. ويتفق الخبراء والمختصين فى مجال الحكم المحلى على ان هناك مجموعة من المقومات الأساسية التتى يجب توفرها حتى يتحقق النجاح المطلوب والتى منها أن تخول لوحدات الحكم المحلى سلطات كافية تمكنها من ادارة الشئون المحلية(فى اطار السياسات الكلية للدولة )-وان تتوفر لوحدة الحكم المحلى الموارد المالية الكافية والموارد البشرية المؤهلة والمدربة لتمكين المجلس المحلى من ممارسة سلطاته بكفاءة وفاعلية فى ادارة الشئون المحلية للمواطنين 'وأن تكون لوحدة الحكم المحلى هيئة حاكمة منتخبة (المجلس التشريعى المحلى ) تمثل سكان المحلية وان تكون له شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة وسلطة فرض الضرائب وان يتمتع بدرجة مناسبة من الاستقلالية فى ممارسة سلطاتة (دون تدخلات مخلة من مستويات السلطة الاعلى ) 'وان تكون لكل وحدة من وحدات الحكم رقعة جغرافية مناسبة تتميز بتجانس سكانى تحتوى على موارد طبيعية مناسبة تمارس فيها السلطات . مقرر المجلس الاعلى للحكم اللامركزى السيد صلاح الدين بابكر استعرض فى دراسته حول الحكم المحلى المفاهيم ومعايير التقييم( تقييم تجربة الحكم المحلى فى السودان للفترة 2005_2011م) استعرض فيها ابرز نقاط الضعف فى نظام الحكم المحلى الحالى وقال انه بتطبيق الدستور الانتقالى لعام2005 م لم يعد هناك نظاما موحدا للحكم المحلى بالسودان بل اصبحت هناك عدة انظمة للحكم المحلى تختلف من ولاية لاخرى من حيث السلطات والهياكل والموارد المالية والمسميات 'عدم التوازن بين السلطات المخولة للمحليات والموارد المالية المتاحة 'ضعف الموارد المالية للمحليات حيث اشارت الدراسة انة من بين 178 محلية بالسودان هناك محليتان فقط (محلية الخرطوم _محلية ام درمان )تكفى ايراداتها السنوية لتغطية تكلفة المرتبات فيها 'ضعف المشاركة الشعبية فى الحكم المحلى (فى كل الولايات الشمالية لايوجد مجلس تشريعى منتخب حتى الآن)' النقص الكبير فى القوى العاملة فى غالبية محليات السودان ' بالرغم من النجاحات الكبيرة التى حققها المعتمدون فى مجالات العمل السياسى والامنى والدعوى فى المرحلة السابقة الا ان الدراسة قد اوضحت بالارقام التكلفة العليا لمخصصات المعتمدين 'المحليات دورها ضعيف فى الخدمات والتنمية فيما عدا محليات ولاية الخرطوم وبعض محليات عواصمالولايات 'الدور السياسى السالب للمحليات بوضعها الحالى فى ظل تصاعد الرسوم والضرائب وتردى الخدمات وضعف التنمية فى بعض المحليات, الانفلات الكبير فى انشاء المحليات ''تصاعد فئات الضرائب والرسوم بالمحليات فى ظل عدم وجود الخدمات والتنمية . مقررالمجلس الاعلى للحكم اللامركزى تطرق ايضا للوضع الراهن للحكم المحلى وقال ان الحكم المحلى ورد فى الدستور بانة مستوى من مستويات الحكم فى السودان وكسلطة حصرية للولايات حيث اصبحت الولايات مسئولة عنه تشريعا وتنظيما وتخطيطا كما ان الدستور لم يحدد سلطات واختصاصات الحكم المحلى ولم يشر الى الموارد المالية وترك امر تحديدها للولايات كما اصبحت الخدمة المدنية بما فيها الحكم المحلى شأنا ولائيا . كما استعرض سيادتة الوضع القانونى للحكم المحلى وقال ان كل الولايات الشمالية قد اصدرت قوانينها للحكم المحلى منذ عام 2006م _لم يعد هناك نظاما موحدا للحكم المحلى فى السودان _لم يتم اجراء انتخابات المجالس التشريعية للمحليات فى اغلب الولايات مشيرا الا ان سلطات الحكم المحلى موزعة بين الوالى ووزير الحكم المحلى والمعتمد _ الفصل بين الجهازين التشريعى والتنفيذى بالمحلية انعكس سلبا على الاداء بالمحليات _ قبضة صارمة لوزارة المالية على المصروفات وزيادة فى ربط ايرادات المحليات _ تركيز السلطات فى يد المعتمد كانت خصما على دورة التنسيقى بين الادارات العامه بالمحلية _كثير من النصوص القانونية التى تحكم قسمة الايرادات بين الولاية والمحليات لم تنفذ . وحول تقييم تجربة المعتمد فى الحكم المحلى قال السيد صلاح بابكر ان من عناصر القوة فى التجربة ان المعتمد قد استطاع ان يلعب دورة السياسى والامنى بصورة جيدة بالاضافة الى دورة الايجابى فى مجال العقيدة والدعوة ورعاية المنظمات السياسية كما ان هناك مبادرات مقدرة وانجازات كبيرة لبعض المعتمدين فى مجال الخدمات والتنمية المحلية مشيرا الى انه من ابرز جوانب الضعف فى التجربة تركيز السلطات فى يد المعتمد المر الذى اضعف دور المجلس وقلل فرص المشاركة فى اتخاذ القرار كما انها كانت خصما على تطبيق مبادىء الحكم الرشيد بجانب التكلفة العالية والمتصاعدة لمرتبات ومخصصات المعتمدين . وقدمت الدراسة عدة مؤشرات فى سبيل نجاح الحكم المحلى منها ضرورة إصدار قانون إطارى للحكم المحلى بكل الولايات,وان نظام الحكم المحلى القادم يجب ان يشجع المحليات على الاستثمار وتنمية الموارد الذاتية بدلا من الاعتماد على الدعم الولائى ,اعادة النظر فى هيكل الحكم المحلى الذى اصبح يزداد ترهلا, تقوية نظام الحكم المحلى ليكون مستوى من مستويات المشاركة الفعلية فى السلطة