- ضجت قاعات العرض بمدينة (كان) تلك المدينة الفرنسية الساحلية الفاتنة والتي تحتضن سنوياً أحد أضخم المهرجانات العالمية للسينما وأشهرها على الإطلاق وتكون بمثابة قِبلة وحلم لكل السينمائيين ممثلين كانو أو فرق عمل الأفلام (مخرجين- مصورين- كتاب سيناريو إلخ)، ضجت قاعات العرض بالتصفيق الحار والتهليل، ووقف جمهور النقاد والممثلين وجميع المشاركين إجلالاً عندما أعلن مقدم برنامج المهرجان اختيار الممثل السوداني (زول كده مننا) لجائزة أفضل ممثل عن الدور الذي لعبه في الفيلم الروائي السوداني (أحلام زول)، الذي يتناول قضية (طموح جيل) تتقاذفه أمواج (البطالة) و(ضيق ذات يد الحكومة)، وهو فيلم إنتاج سوداني متكامل. - تقدم الممثل (زول كده) بكل ثقة والابتسامة لا تبارح شفتيه وهو يمشي الخيلاء مزهواً بالنصر الكبير الذي تحقق على يديه والحلم الذي طالما سرح مستيقظاً يتمناه، وتبلور أخيراً على شكل جائزة (السعفة الذهبية). - صعد على خشبة المسرح تصحبه إحدى فاتنات مدينة (كان) وتضع يدها اليسرى أعلى كتفيه كأنها (تزيل غباراً وهمياً) عن بذلته الفخمة ماركة (أرماني).. وتشير إلى الطريق بيمناها والابتسامة لا تفارق شفتيها وهو يحني رأسه يمنةً ويسرى محيياً الجموع التي تبارت في تهنئته وأهدته التمنيات بالتوفيق والسداد، وتقدم يصافح الممثل العالمي الكبير (SOME ONE) والذي كان مقدماً لفقرات برنامج الحفل، وهو بدوره سوف يقوم بتسليمه الجائزة التي فاز بها وهي عبارة عن (تمثال ذهبي صغير يحمل بين يديه أحلام من فاز بتلك الجائزة)، ووسط فرحة (طاقم عمل الفيلم السوداني) الذي حصد أكثر من جائزة وتلك الجائزة ليست آخرها، حيث فاز بجائزة (أفضل سيناريو- وأفضل تصوير- وأفضل إخراج) حمل الممثل الشاب (زول) التمثال ونظر إليه ملياً إلى أن خفتت أصوات الجمهور (تدريجياً) بانتظار الكلمة التي سيلقيها (الرابح الأكبر)، ثم نظر إلى الجموع مبتسماً وقال: كنت أعرف أنني سوف أعود إلى دياري بتلك الجائزة ولو اضطر بي الأمر إلى قتل أحدهم فأنا أعشق الذهب..!! (هاجت القاعه ضحكاً.. ثم بدأت الأصوات تخفت في تدرج جميل إلى أن عم الصمت مرة أخرى)، فأردف قائلاً: الفضل بعد الله سبحانه يعود إلى أمي التي تدثرني بدعواتها، وزملائي بالفيلم وجميع طاقم العمل وكل من ضحى براحته من أجل إنجاح هذا الفيلم، أهدي هذه الجائزة إلى جميع السودانيين داخل السودان وخارجه فهي بمثابة أمل طال انتظاره، وفرحة لا تضاهيها فرحة ومفخرة لهم.. والشكر من بعد هؤلاء إلى حكومتنا المبجلة والتي طالما وقفت وراء السينما والسينمائيين ممثلةًَ في وزارة الثقافة التي كانت دوماً سنداً وعوناً ل«جهاز الإنتاج السينمائي»، فقد قدمته هديةً «ملفوظة» للتلفزيون القومي والذي بدوره أسهم بشكل كبير في تطويرها من حيث الأجهزة والمعدات وتدريب الفنيين وإجازة الميزانيات المفتوحة لإنتاج هذا الزخم الكبير من الأعمال السينمائية الناجحه، فالتحية لهم أجمعين). - بعد أن القى الممثل السوداني الشاب (زول) تلك الكلمة (القصيرة)، صافح مقدم البرنامج مرة أخرى وهم بالنزول على درجات مسرح الحفل، فتعثرت إحدى قدميه واختل توازنه فسقط من ذلك العلو المنخفض وهو مذهول مما يحدث، وطار التمثال من يده في الهواء ليسقط على رأسه ثم يرتد إلى الأرض مهشماً إلى (قطع صغيرة)، فيصرخ الممثل السوداني (الجااااااااااايزة). - لترد على صراخه أصابع والدته وهي تغرزها في صدره كي يستيقظ.. وهي تصيح ساخطة: الساعة 12 وإنت لسه نايم ؟ وكمان بتحلم؟.. قوم شوف ليك شغلة الله يهديك، شغلتك الأخير منها بيع الترمس دي.. قوم قامك بلا!! قال ممثل قال..!! - ليستيقظ صديقنا الممثل الشاب السوداني من حلمه الجميل على واقع (مغاير ومختلف) تماماً، فيتمتم ساخطاً: هسي ده وقتك ياحَجَّة؟ لا قادرين نشتغل بالجد ولا في الحلم؟! - رسالة شوق: طال علينا غيابكم والله يا غاليين إنتو كان شفتو العلينا.. نحن مشتاقين والله مشتاقين..!! - والرسالة موجهة إلى جهاز الإنتاج السينمائي (بوزارة الثقافة سابقاً)، وب(التلفزيون القومي حالياً).. - أحزننا غيابكم عن مهرجان دبي السينمائي.. وكل من هب ودب قد شارك بالمهرجان.. حتى الدول التي يعتمد اقتصادها على التحاويل المرسلة من (عمالة مواطنيها) بالخارج والخليج كان لها وجود.. إلا السودان.. حتى متى.. و(الوجعة تحرق في الحشا)؟! - دعوة: إلى جميع شركات الاتصالات (زين- إم تي إن- سوداني) وشركات القطاع الخاص والقنوات الفضائية الخاصة (أنقذوا السينما)، كونوا شراكات فيما بينكم وأقيموا مسابقات لاختيار قصة وسيناريو واختاروا فريقاً للعمل ولو استدعى الأمر أن تجلبوا بعض المساعدة من أهل الخبرة بالخارج. واصنعوا لنا بعض (السينما).. فقد أعلنت الحكومة عجزها!! - تحية في اتجاه مغاير: التحية إلى البطل (كاكي) وهو يلهث وراء الذهبيات هنا وهناك.. وهو الوحيد (المِبِرد البطن)..!!