بينما تتجه مداولات مجلس حكماء جنوب كردفان نحو مناقشة بنود حول المشورة الشعبية والأوراق التي أعدها (فريق) من جامعة الخرطوم يقوده البروفسير الكرسني أختار الفريق عبد العزيز آدم الحلو نائب الوالي ورئيس الحركة الشعبية مباغتاً حليفة في السلطة المؤتمر الوطني وشريكه في القيادة أحمد هارون بما يشبه الانقلاب على الشراكة قبل الانتخابات التي تم تأجيلها (عشان خاطر) الحركة الشعبية ومن أجل روح الشراكة حتى إبريل القادم وشن عبد العزيز الحلو هجوماً ضارباً على تدابير أمنية دفعت بها القيادة العامة للقوات المسلحة للمنطقة واعتبر الحلو تلك التدابير بمثابة خروج عن نصوص الاتفاقية وتحديداً فصول الترتيبات الأمنية والعسكرية واعتبر الحلو أي محاولة لإقامة الانتخابات التشريعية ولمنصب الوالي وإجراء عملية المشورة الشعبية في مناخ كالذي تعيشه ولاية جنوب كردفان ضرباً من المستحيل. اتّجهت أنظار من في القاعة الأنيقة لأمانة حكومة الولاية نحو المنصة وتوقعت القوى السياسية المشاركة في مجلس الحكماء أن تصبح المنابر ساحة للعراك اللفظي بين الشريكين وحينها كان أمام أحمد هارون فرصة التصويب نحو مرمى الحركة الشعبية لتسجيل عدة أهداف بعد أن فعلها عبد العزيز آدم الحلو وباغت هارون بموقف جديد للحركة الشعبية ما كان معهوداً أو متوقعاً.. بدأت الهمهمة وسط قيادات المؤتمر الوطني لكن أحمد هارون اختار تأجيل المواجهة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لجلسة مغلقة أمام أجهزة الإعلام وفي اليوم الثاني لجلسات مجلس الحكماء ليمضي البرنامج ولكن الجميع ينتظر جلسة المواجهة وقد غادر أحمد هارون كادوقلي بصورة مفاجئة للخرطوم وأحدثت المغادرة ردود أفعال مختلفة وتخرصات عن استعانة مولانا بوفد من الحكومة الاتحادية للرد على عبد العزيز الحلو وهناك من جزم بأن يوم الجمعة هو الفصل بين الجد واللعب وأن انهيار الشراكة أصبح مسألة وقت.. توقع البعض أن يستعين الوالي بكبار ضباط هيئة القيادة أو خبراء نيفاشا ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث فاجأ الجميع بتقديم اللواء (م) عبد الرحمن أرباب مرسال وهو ضابط متقاعد كان معتمداً لمحلية أبيي لأمد قصير وتم إعفاؤه ليقدم ورقة عن مفاهيم الأمن القومي وعلاقة الأمن بالاقتصاد والتنمية الاجتماعية كأن هارون قد صب مياهاً باردة على نيران مشتعلة تتمدد ألسنتها لتحرق مزيداً من المناطق وما بين السياسية والعسكرية والقانونية قدم أحمد هارون محاضرة ودرساً مجانياً لأعضاء مجلس الحكماء عن ملابسات حشد الجيش لقوات في ولاية أصبحت حدودية تهدد الجزء الغربي منها حركات دارفور المتمردة وفي الجنوب تحشد الحركة الشعبية ثلاث فرق على الحدود ولا يعرف نواياها ثم حدد هارون منطقة وقف إطلاق النار بموجب اتفاقية نيفاشا وهي جنوب كردفان قبل دمج غربها إضافة لمحلية لقاوة وخرج الجميع من قاعة مداولات مجلس الحكماء وهم أكثر قناعة بأن مفاجأة عبد العزيز الحلو والكمين الذي نصبه لهارون قد أثمر في غير صالح الحركة الشعبية التي نفخت في (كير) الخلاف ولكن كل الأهداف ولجت شبكة واحدة..