عندما تم تعيين علي محمود والياً على ولاية جنوب دارفور كان نصيبه من التهانئ بالصحف السيارة كبيراً جداً مما يؤكد بأنه مقبول لدى الجميع من أهله وعشيرته واصدقائه وزملائه، فلقرابة الشهر كانت التهانئ مستمرة. الآن وضمن التشكيل الوزاري الأخير تم تعيينه وزيراً لمالية السودان. وكما هو معروف فإن وزارة المالية هي أم الوزارات وهي التي تضع الميزانية وتوزع (القروش) على الوزارات الأخرى والولايات، اي بمعنى آخر هي الوزارة القابضة على المال تعرف كيف تتحصل عليه وكيف توزعه وتتحسب وهي تضع الموازنة على الأشياء المتوقعة لكي تضعها في الحسبان أو في الاعتبار كما أنها تسعى بكل السبل لتأتي الموازنة بدون عجز وأن تنخفض نسبة الاستدانة من الجهاز المصرفي. وزير المالية علي محمود جاء لوزارة المالية من جنوب دارفور بعد أن كان مهموماً بقضية دارفور وضرورة حلها.. جاء ليستريح قليلاً ولكنه وللأسف الشديد وجد أمامه مشكلة كبرى تتعلق بالمواطن .. وجد أزمة السكر وكيف أن هذه السلعة قد تربعت واحتلت المرتبة الأولى في قائمة السلع الأكثر ارتفاعاً .. فالسكر لا غنى للمواطن عنه وإذا استغنى عنه فحدث ولا حرج حيث تكثر الأمراض والشكوى بألم الصداع. فالوزير بدلاً من أن يستريح قليلاً بات يبحث عن الحلول والمخارج حتى يعود السكر إلى ما كان عليه. اقول هذا وفي الخاطر تلك الطرفة التي سردتها في مساحة أخرى عن مشاكل هيئة الموانئ البحرية قبيل مجيء الإنقاذ حيث حجزت جل سفننا في الموانئ الأوربية بعد أن عجزت الدولة عن سداد مديونيتها التي قاربت (45) مليون دولار وعندما جاءت الإنقاذ كانت أول مشكلة واجهتها هي مشكلة السفن المحجوزة ومديونيتها. وقد حكى لنا مدير الموانئ محمد نواري في حوار سابق معه بأن رئيس الجمهورية عمر البشير قال لهم بطرفة (والله «قربنا» نحن في الإنقاذ «نغير» راينا، مع مديونية الموانئ الواجهتنا من اليوم الأول). فالتجار سيدي الوزير هم وراء الأزمة وأن الاحتكار لفئة بعينها دون الأخرى هو الذي فاقم من الأزمة وجعل الأسعار تزداد يوماً بعد يوم فكما قلت في مساحة سابقة فإن وزارة المالية عندما قررت منح تصاديق السكر لعدد (20) تاجراً كان بهدف خفض الأسعار، فحسن النية كان متوفرا إلا أن التجار باتوا يكدسونه وهم يعرفون جيداً متى يخرجونه خاصة وأنهم يعلمون تماماً مدى ارتباط المواطن السوداني بهذه السلعة إذ أن المواطن يمكن أن يستغنى عن اشياء وسلع كثيرة إلا هذه السلعة، الآن رطل السكر بالولايات وصل (2) من الجنيهات أي سعر الجوال زنة(100) رطلاً بحوالى (200) جنيه. فسياسة الاحتكار تضر ولا تنفع فعليكم بالرجوع عن هذا القرار أو إغراق السوق بالسكر المستورد حتى تعود الأسعار إلى وضعها الطبيعي. فنحن وبحمد الله نمتلك (5) مصانع ومصنعان اثنان في طريقهما لدائرة الانتاج وهما مصنع سكر النيل الأبيض ومصنع سكر النيل الأزرق بالإضافة إلى المصانع الكثيرة الخاصة بالسكر والتي اكدتها منظومة السكر التي كانت وزارة الصناعة قد أعلنتها في وقت سابق .. فما دام الأمر عند فئة بعينها من التجار فإنه لا يهم إذا دخلت هذه المصانع ام لا، فالأسعار ستظل كما هي وسيظل التجار يكدسون في المخازن ما يشاءون لذا فلابد من التراجع من الاحتكار وتوسيع دائرة ومراكز السكر وفتح باب الاستيراد على مصراعيه فالوفرة ستؤدي إلى انخفاض الأسعار وحينها سيخرج التجار المخزون ويبيعونه بأبخس الأثمان في ظل الوفرة والإغراق. فالمواطن سادتي قال الرووب لكنه صابر صبر ايوب رغم أن للصبر حدودا!!