القبلية نرفضها فى العلن ونمارسها فى الخفاء وفى لحظات مدمرة—وحاسمة للطرف الاخر –والقتال على اشده ،اذا بشخص عابر يصرخ الى احدهم بان هذا من قبيلة(-------) وصديقنا الذى كان على مقربة من انهاء القتال لصالحه –يفر هاربا فى مشهد عجيب. وذلك المشهد نفسه –تكرر باحداث درامية –وكان بطله النبى موسى الاسرائيلى –وموسى يمر بالشارع ليجد شخصان يتقاتلان احدهم اسرائيلى مثله –والاخر مصرى فاذا بموسى يساعد الذى من شيعته على الذى من عدوه ويقتله ليفر بعدها الى ارض مدين---والكتاب المقدس يقص علينا هذه القصة. وايام حرب داحس والغبراء—حرب كانت بسبب سباق جياد –كانت العرب تقود حربا مقدسة –وسر التقديس انها حرب قبلية فالعرب ايامها يقدسون قبائلهم.والقاسم المشترك اننا نتقاتل من اجل البقر وهم من اجل فرس. وفى العام 1936تتحول الحرب الاهلية فى اسبانيا الى حرب قبلية وقتها كان السفاح الماكر الجنرال (فرانكو ) هو بطلها الذى ذبح ونّكل ووضع يده على كل شئ حتى نتائج كرة القدم. وتظل الحروب القبلية تتكرر بشكلها الكارثى والمأساوى عبر التاريخ-والدول تفشل فى ان تجد لها سياسات واضحة لانهائها –والقبائل كذلك تفشل فى اقامة الدولة –والتاريخ يحدثنا عن ذلك. وسوريا الان –يحولها الاسد المستأسد الى طوائف وقبائل تتقاتل فيما بينها وتتناحر –ويحدث ان القبلية تفتك بالدولة وتجعل جذورها تتعفن ،ثم لن تلبث طويلا حتى تنزوى وتصبح كأعجازنخل منقعر. ومسؤلين كبار فى دول عديدة يتبنون سياسة اطفاء الحرائق وهذه السياسة تقوم على الترقيع والتوزيع وارضاء زعماء القبائل بالمناصب والجاه ومثل هذه الاشياء تزيد واقعنا (فرتكة). فجنوب السودان الان يشهد واقعا لم يشهده من قبل--- وعندما كان العدو واحد ومشترك والهدف كذلك واحد وهو تحرير واقامة السودان الجديد على اسسس جديدة بعيدا عن القبلية التى اودت الى تفكك اوصال الدولة السودانية انذاك –كان الكل يشارك فى هذه العملية –ولكن بعد الاستقلال اصبح الكل يرى الوطن كعكة لابد من اقتسامها وطبيعيا كلما كبرت الكعكة كلما تكتلت القبائل تحت لواء القبلية . والقبلية متجزرة فى اعماق الكل وتحتاج الى ان يتبنى الجميع سياسة ان الوطن متنوع وهذا التنوع يحتاج الى ادارة رشيدة تستطيع ان تدير هذا التنوع وتصهره فى قالب الوطنية –فولائنا لقبائلنا الان اقوى من ولائنا لوطننا . ويحدث ان الكل يصرخ بأن القبلية متفشية فى جنوب السودان وبل اصبحت كالهواء الذى نتنفسه –وصراخ هؤلاء الكبار يفسّر بأنهم ضد القبلية فى العلن -----ويحدث ان يمارسها هؤلاء فى الخفاء بل ويتلذذون بها. والقبلية مثل العادة السرية –الكل يعرف بان العادة السرية مضرة بالصحة العقلية والنفسية والجسدية ---لكن الكل يمارسها وبتلذذ.وتصبح هذه اضحوكة شامته وقصة يحكى بها الكل. والقبلية اليوم هى التى تفكك الدول وتجعلها واهنة وضعيفة –وتجعلها مثل اوراق التوت التى لن تحمى العورة من الانكشاف اجلا او عاجلا—ونشرح لنقول ان القبائل القوية----وذات النفوذ يمكنها ان تسيطر على موارد الدولة وتحتكر المناصب القيادية فيها ومن ثم تثور القبائل الاخرى المنافسة لها وتصبح الدولة مثل انثى الكلب يطاردها كل الذكور و---و -----ويمكنك ان تكمل الباقى . والواجب يحتم علينا ان نفكك ولائنا لقبائلنا لصالح ولائنا للوطن –لاننا ابناؤه واحباؤه وان لم نفكك ولائنا لصالح الوطن فاننا نخرّب وطننا بايدينا وايدى الاخرين . ونشير الى ان الوطن فى مرحلة مفصلية من تاريخه الحديث وفى لحظة تاريخية لتحويل عقودمن والنضال والموت الى لحظات من بث الامل ووالعيش فى استقرار وسلام داخلى بين مكونات الشعب المختلفة- ونقول ان هذا لن يتحقق الا بتحويل ولاء القبيلة الى ولاء للوطن----- ونصرخ ان كان لصراخنا معنى -----ونعيد الصراخ والكل يصرخ معنا بأن القبلية مرض نرفضها ويجب ان نحاربها ---ثم ما نلبث ان نمارسها فى الخفاء!!!! ونحن لانجد غير ان نكتب لنذكر بعضا من قومنا ان الوطن فى حاجة ماسة الى التصالح مع النفس –وفى حوجة الى السلام الداخلى ---والى التكاتف ---فمرحلة الحرب انتهت وتنتظر الجميع معركة السلام والبناء –فكم سالت دماء وتخضبت هذه الارض بها فمن مات لم يمت من اجل قبيلته بل من اجل الوطن ومن يعيش الان يجب ان يعش من اجل الوطن لا من اجل القبيلة . [email protected]