عجبت لوالي غرب دارفور الذي اعتبر ( الرش باللبن ) مدعاة لاراقة الدماء ، الوالي الهجا بحسب زميلنا اسامة عبدالماجد طرف الغراء ( آخر لحظة ) قال في هجائه لأحد تجار ولايته الذي قيل إنه تطاول على شخص الرئيس والوالي نفسه وأحد معتمدي الولاية ودفاعه عن الرئيس ، قال بعد أن قرظ الرئيس ومدحه كثيرا ( البرش الرئيس باللبن بنرشو بالدم ) ، ومصدر عجبي هنا أن اللبن والرش باللبن يعتبر عند السودانيين مصدر خير ومبعث تفاؤل ، ولديهم في هذا الاعتقاد عادة متأصلة عند الزواج حيث يرشف كل من العريس والعروس رشفة من اناء مملوء باللبن يتم تحضيره خصيصا لهذه اللحظة ( التاريخية ) ، ليرش ويبخ كل منهما الآخر بما ملأ به فمه من لبن بداعي جلب الفأل الحسن ولتكون حياة العريسين كلها بيضاء مثل اللبن الحليب، كما أن مفسري الأحلام يجمعون على تفسير رؤية من حلم بتعاطي الحليب على أنها دلالة على الحصاد الوفير والسرور والخير الكثير والغنى والصحة والعافية ، ولو كان هذا الوالي قد قال كما يقول العامة عند الدفاع عن حبيب لديهم ( البرشو بالموية بنرشو بالدم ) ، لاستقام عندنا قوله ولما أثار تعجبنا ، وعطفا على حكاية والينا مع اللبن نحكي حكاية وال آخر مع هذا اللبن ... يحكى أن مجاعةً أصابت إحدى القرى فطلب الوالي من أهل القرية طلبًا غريبًا في محاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع ..الوالي أخبر رعاياه بأنه سيضع قِدرًا كبيرًا في وسط القرية وأن على كل رجل وامرأة أن يصب في هذا القِدر كوبًا من اللبن شريطة أن يضع كل واحد كوبه لوحده من غير أن يشاهده أحد من أهل القرية ، هرع الناس لتلبية طلب الوالي وقد تخفى كل منهم بالليل وسكب ما في الكوب الذي يخصه دون أن يشعر به أحد ، وفي الصباح عندما فتح الوالي القدر وجده وقد امتلأ بالماء عن آخره .. أين اللبن ولماذا وضع كل واحد من الرعية الماء بدلاً من اللبن؟ ..الخلاصة هي أن كل واحد من الرعية قال في نفسه إن وضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية ، وكل منهم اعتمد على غيره وكل منهم فكر بالطريقة نفسها التي فكر بها أخوه و ظن أنه هو الوحيد الذي سكب ماءً بدلاً من اللبن فكانت النتيجة أن عم الجوع هذه القرية ومات الكثيرون من أهلها حين لم يجدوا مايعينهم وقت الأزمات. الصحافة