مديحة عبدالله ** تشير بيانات مستقلة لوجود أكثر من (2) مليون قطعة سلاح غير مقننة في أيدى أفراد ومجموعات قبلية في البلاد، (90%) منها في إقليم دارفور، وأوضح مقرر اللجنة العليا لجمع السلاح والسيارات المهربة لقناة إسكاي نيوز الأسبوع الماضي أنه قد تم جمع (300) ألف قطعة سلاح خلال فترة الجمع الطوعي، وأن اللجنة تعمل في الوقت الحالي على تكثيف التوعية الإعلامية للمجتمع قبل الانتقال إلى مرحلة الجمع القسري في الفترة المقبلة. معلومات تكشف حالة السيولة الأمنية، والفوضى في امتلاك السلاح، وهو وضع سيسود لفترة طويلة حتى يتم وضع حد للنزاعات بشكل جذري، ويسود القانون، ويتم الالتزام به، والاحتكام إليه شأن كل المجتمعات المستقرة، ما زال الطريق أمامنا طويلًا، فجمع السلاح ليس نزهة في بلد يسود فيه منطق القوة ونزع الحقوق بالعنف والاستهانة بالحكومة والقانون، وتلك تركة تاريخية تعمقت فترة الانقاذ المظلمة وبالتالي فأن التعامل معها كإجراء فني، أو بالقسر، لن يفضى إلا إلى أوضاع تزيد من النزاعات والانقسام الاثني والجهوي لذلك لا بد من وضعها في إطارها الاجتماعي والسياسي الصحيح، في مسار عملية تحقيق السلام بمنظور ثقافي واجتماعي يراعي مطالب المجتمعات المحلية، والتركيبة السكانية والاقتصادية والثقافية، فمحاولة فرض السلام باتفاقيات باءت بالفشل طيلة تاريخنا السياسي الحديث، لأسباب عدة منها تغييب رؤية المجتمعات المحلية، أو في أفضل الأحوال الاعتماد على أفكار وآراء من يدعون أنهم يمثلونها بينما تدفع المجتمعات ثمن القرارات المتعسفة والمرتجلة ويكفى الإشارة هنا إلى تلك المتعلقة بنزع الأراضي وإغلاق وفتح المعابر… الخ. المجتمع هو صاحب الحق الأول في رسم السياسات ووضع القوانين تلك التي تخاطب احتياجاته وتقر حقوقه، وظاهرة انتشار السلاح نجمت من الغبن الاجتماعي والشعور بضياع الحقوق وغياب الحكومات، لذلك لا بد من مواجهة ذلك بطرق علمية وعملية وحقوقية، وأعتقد أن الجامعات الإقليمية يمكن أن تقوم بدور رائد لو قامت بإجراء الدراسات حول الظاهرة للوقوف على أسبابها الحقيقة ومن ثم كيفية التعاطي معها بطرق تعيد الشرعية للقوانين والمؤسسات بما لا يتعارض وحقوق المجتمعات والمواطنين كأفراد. ________ الميدان الوسوم السلاح غير المقنن السيارات المهربة دارفور