منذ خطاب البرهان في الرابع من يوليو الجاري، والانظار تتوجه نحو مرحلة مابعد انسحاب العسكر من المشهد السياسي، وكيفية البحث عن صيغة توافقية تجمع القوى المدنية على طاولة الحوار الوطني. وقتها بدت المهمة عصية أمام الآلية الثلاثية في ظل حالة التنافر بين معظم هذه القوى، غير ان ما تعتريه مرحلة الانتقال من حالة موات امر يتطلب معه جراحة عاجلة. وفيما ذهبت التوقعات نحو استمرار الحوار عقب عطلة عيد الأضحى المبارك الا ان الآلية آثرت الغياب على نحو مفاجئ من المشهد السياسي السوداني الامر الذي فتح الباب أمام جملة من التساؤلات حول الغياب، فلماذا غابت الآلية الثلاثية على هذا النحو المباغت؟ وما هي السيناريوهات المحتملة بعد الغياب؟ هل تعتبر الآلية العسكر ركائز الحوار الأساسية ودونهم لا تستقيم العملية السياسية؟ ماهي احتمالات قيام منبر وطني للحوار؟ وفيما تتلخص خيارات إسقاط الإنقلاب وماهي إمكانية نجاحها في حال فشل الحوار؟ الغاء
حالة من الاصطراع بين القوى المدنية والعسكر أعقاب قرارات ال25 من اكتوبر الماضي، جعلت المهمة أمام الآلية الثلاثية اكثر تعقيدا، ففيما ترحب القوى المؤيدة للانقلاب بمجهودات الآلية، رفضت في المقابل قوى الثورة مجتمعة اي حوار يضمن وجود العسكر، وفي ظل حالة الشد والجذب منذ تشكيل الآلية خرج البرهان في خطاب اربك المشهد حين اعلن انسحابهم من الحوار. وعقب مضى ساعات على الخطاب اعلنت الالية الثلاثية المشتركة على نحو مفاجئ الغاء الحوار المباشر الذي ابتدرته في يونيو الماضي دون ذكر مببرات للالغاء، قبل ان تكتفي بالاشارة الى مواصلتها الانخراط مع جميع المكونات التي شاركت في الجلسات السابقة، لتقديم افضل السبل للمضي قدما لتسهيل التوصل الى حل سياسي للازمة الراهنة. حلول بديلة واعتبر كثير من المتابعين ان الغاء الآلية للحوار وانخراطها مع المكونات في جلسات منفصلة، محاولة للبحث عن حلول بديلة ترفع عنها الحرج، سيما في ظل رفض قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي الجلوس للقوى التي شاركت الإنقاذ حتى سقوطها واتت خطوة الالغاء عقب دعوة وزارة الخارجية الامريكية جميع الاطراف في البلاد العودة الى الانخراط في الحوار لايجاد حل يدعم تقدم السودان نحو حكم يقوده المدنيون والديمقراطية وانتخابات حرة ونزيهة. وبرر البرهان انسحابهم لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية والمكونات الوطنية الأخرى للجلوس لتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تتولى إكمال متطلبات المرحلة الانتقالية. تحت الطاولة ومنذ يناير الماضي تسعى الالية الثلاثية لتجسير الهوة بين الفرقاء السودانيين والتوصل الى اتفاق ينهي الازمة السياسية عقب قرارات عبدالفتاح البرهان في ال25 من اكتوبر الماضي. ووفق تقارير اعلامية فإن فولكر يمضي إجازته في موطنة ألمانيا فيما يتواجد ود لبات في ليبيا، دون الإشارة إلى حديث عن عودة لاستئناف الحوار، غير انه وبحسب المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة فإن الآلية الثلاثية لم تختفي وإنما ترتب وتمهد للكثير من الخطوات، مؤكدا ل " الراكوبة" ان حل الآلية يحتاج إلى قرار رسمي من الأممالمتحدة، وتابع: الآلية لم تختفي هي موجودة وترتب لاشياء تقوم بها والدليل على ذلك زيارة فلوكر للجنينة ومن ثم زيارة السفير البريطاني للبرهان في قندتو، على اعتبار ان بريطانيا تعتبر إحدى دول مجموعة الترويكا، و اضاف: الآلية تعمل تحت الطاولة وقد اثمر عن ذلك العمل لقاء مجموعة المركزي مع التوافق الوطني، واستدرك " هؤلاء لم ييأسو ولن ييأسون". ضرورة العسكر في مقابل ذلك يرى كثير من المراقبين ان عمل الآلية صمم على ضرورة وجود العسكر، وهو ما جعل عملها أعقاب خطاب البرهان يتوقف. وكانت الآلية الثلاثية في يونيو الماضي ابتدات أولى جلسات الحوار المباشر مع القوى المدنية بالسلام روتانا، الذي قاطعته قوى الثورة مجتمعة، قبل أن تعلق الآلية جلسات الحوار لاحقا عقب مباحثات بين المكون العسكري ومركزية التغيير تحت رعاية سعودية أمريكية. وعلي الرغم من إعلان كثير من القوى مقاطعة الحوار الا ان الآلية تمسكت بموعده المضروب، لتاتي لاحقا وتوكد على أن اي حوار في ظل غياب قوى اساسية لن يكون مجديا. وفي حديثه ل " الراكوبة" يرى المحلل السياسي خالد البشير ان غياب الآلية الثلاثية على نحو مفاجئ من المشهد السياسي السوداني امر يضع الكثير من علامات الاستفهام، ويوكد على أن الحوار تم تصميمه على وجود العسكر، موكدا ان خروجهم اربك الآلية والقوى السياسية على حد سواء، ما جعلهم في حالة ترتيب أوراق. وتوقع البشير بقاء الوضع بشكله الحالي دون اعلان انسحاب الآلية بشكل مباشر على أن تلتزم البعثة الاممية بمهامها المنوط بها، سيما في ظل وجود ارهاصات بتشكيل حكومة مرتقبة من قبل البرهان يتم الترتيب لها، وتابع: الان يتم تشكيل حكومة فضلا عن وجود تقارب بين مركزي التغيير والتوافق الوطني، مايعني عدم ضرورة الآلية الثلاثية حاليا