محاولات البعض للتبشير بضرورة اِدخال جميع مكونات الطيف السوداني في بالونة واحدة ، حتمية اِتفاق كامل قوس قزح السياسة في السودان علي برنامج واحد ، يضعه شرطا لتسليم السلطة لتصبح مدنية ، هوعبث يتنافى مع طبيعة وسنن الكون ، منذ بدء الخليقة أبى وعارض اِبليس دعوة رب العباد ولم يسجد لادم كما سجدت سائر الملائكة. في تأريخ أمة السودان أيضا تحضرنا أمثلة ، فيها يبدو جليا خطل وخطأ محاولة حشر الاطياف السياسية الي بيت طاعة يقيمه الحاكم أو الفرعون ، الاتحاد الاشتراكي ودعوة تكامل السودان مع مصر وليبيا ، ثم القفز علي اتفاقية أديس أبابا لعام 1972م وتعديلها من قبل نميري ، أطلقت الرؤية الاحادية انيانيا (تو) وحربا زادت شراسة علي ما كانت عليه قبل عام الاتفاقية ، غياب الرأي البديل المعارض أسهم في استبداد النميري برأيه ولسان حاله يقول (ما أُريكم الا ما أرى) ، المشروع الحضارى سقط في التجربة حين فصل الجنوب عن الشمال ، لم يسعف السيد الصادق المهدي ليقف معارضا في مواجهة ذلك الرأي المتخلف ، لم يفتح الله عليه بقول كلمة تدعم ضرورة وحدة السودان ولو بتأجيل تطبيق قوانين سبتمبر 1983م ، الحجة كانت جاهزة في ضرورة المحافظة علي تواصل الارحام بين الدينكا والفور وبقية قبائل السودان ، ولم لا وبين تلك القبائل جاءت المصاهرة التي أنجبت السيدة/ أويت دينق ديت أو (مقبولة) كما الاسم الذي عرفت به مذ أطلقه عليها الامام المهدي – عليهم جميعا رحمة الله ، أنجبت له السيد عبد الرحمن المهدي ومن بعده أحفادا رفعوا شعار (السودان للسودانيين). حشد مركب الاتفاق الاطاري بالمعارضين لا يمثل حكمة جمع الشمل ، هي دعوة لاتتسق مع العقل السوى الذي يقبل أكثرمن طريقة حل لمسألة رياضية واحدة وأكثر من رأي لفتوى دينية واحدة ، تعدد مسارات الحلول ينبئ عن ثراء الحكمة ، الاصرار علي جلب الناس لمورد واحد أو حشرهم في سفينة واحدة لا يعني الابحار بمنجاة ، لا يخلو من بين الركاب من يريد خرق السفينة ، بعضهم ربما خرقها شفقة ورحمة بأهل السفينة ، حرصه علي حلال أصحاب السفينة لكي لا يغتصبها منهم ملك ظالم ، البعض يخرق السفينة حسدا من عنده وليغرق أهلها . خيرا فعلت قوى الحرية والتغيير المركزي بتحديد أطراف الاتفاق الاطاري ، أصحاب السفينة لا بد من أن يكونوا علي قلب رجل واحد ، جلب أصحاب الاراء المتعددة لا يجعل الابحار سهلا لبلوغ الجودي لترسو السفينة عنده ، كما في ممارسات الشعوب الاخري حولنا في الهند أو بريطانيا ، أصحاب البرامج البديلة هم مشروع حكومة تقف تحت الطلب ، لا تطرق المعارضة الابواب لتسمح لها الحكومة بالجلوس وتقاسمها مقاعد ادارة الدولة ، المحاصصة وقسمة السلطة والثروة ثقافة أتت بها الانقاذ لتثبيت وتمكين (أخوان) بعينهم في وضع تمكيني ثابت في دولاب الحكم ، تحرك المؤلفة جيوبهم من الحركات المسلحة وأطراف الاتفاقات بحسب توافر خانة شاغرة في بيت الطاعة منصات الحكم أو المجلس الوطني . علي الكتلة الديمقراطية وأحزاب البعث والشيوعي وغيرها ، أن تطرح برامجها البديلة كمشروع حكومة ظل ، تبشر برؤاها الشعب السوداني وتزين مواقفها ، عند اخفاق أطراف الاتفاق الاطاري في رفع اسم السودان من قائمة المقاطعة الدولية ، فشلهم في استقطاب كبرى الشركات العالمية للاستثمار في مختلف المجالات بالسودان ، استمرار السكوت علي احتلال حلايب وشلاتين وأبو رمادة ، الاخفاق في ادخال نظام العقود الموثقة والدفع بموجب الاعتمادات المستندية في التجارة مع مصر ، حينها فقط تتحرك المعارضة البديلة من خلف الظل لتطرح نفسها للشعب السوداني ليفوضها الحكم. يبقي خيار جمع الطيف الحزبي السوداني بأحزابه المختلفة المتناحرة وحركاته المسلحة المتعددة مصادر تمويلها ، جمعها كلها في عباءة واحدة ، عبث يسير عكس طبيعة الاشياء والكون بانسه وجنه .