أقدم هنا بعض ما كتبه بعض النقاد والصحافيين عن الشاعر والناقد محمد محمد علي. وأناشد ايضاً المسؤولين وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية ووزارة الثقافة ومجمع اللغة العربية، أن يلتفتوا لهذا الاستاذ الذي عرفته المحافل الادبية في السودان والوطن العربي منافحاً عن قيم الاصالة، والوعي.. وأن يكرموه خاصة وقد حلت الذكري الاربعين لرحيله.. ومن بين الذين كتبوا عنه الاستاذ ابراهيم محمد ابراهيم (الحياة 24 سبتمبر 2006م العدد 1228)، 36 عاماً على رحيل الشاعر والناقد محمد محمد علي. في اليوم الثامن والعشرين من سبتمبر 1970 وبينما البلاد تهتز لوفاة رائد الأمة العربية جمال عبد الناصر والعواصم العربية تختلج بالبكاء والحسرة، في تلك اللحظات الرهيبة نعى الناعي في الخرطوم للأمة العربية شاعراً من أكبر شعراء السودان، وناقداً فذاً اهتزت له المنابر وأعمدة الصحف. وهو قبل كل هذا وذلك رجل وطني أصيل قاوم الاستعمار، وهو في قمة مجده وجبروته، وانتقد كل الاوضاع الفاسدة بعد ذهاب المستعمرين ذلكم من أجل العلم وعاش يطلب العلم من المهد إلى اللحد. لقد كان محمد من أقوى الاصوات التي كانت تنادي بذهاب الاستعمار، وباستقلال هذه البلاد وذلك في جميع المراحل التي مرت بها القضية السودانية: سر إلى سبيل المجد خلفك أمة كالنار تزأر في صباح عاصف لقد كان محمد محمد علي رجلاً ثائراً رافضاً متمرداً، وكان أكثر ما يكون رفضاً وثورة وتمرداً على التقاليد البالية والافكار الموروثة، ولقد كان طوال حياته داعية للتحرر والثورة، ولعل الشخص المتأمل لأفكاره واشعاره يحس بهذه الثورة واضحة في معظم آثاره خاصة كتابه (من جيل إلى جيل) فهو عبارة عن مجموعة من المقالات نشرها في الصحف السودانية في الفترة ما بين عامي 45-1946م، وتلك بالطبع كانت فترة حاسمة في تاريخ بلادنا، وكان الصراع دائراً فيها بين القديم والجديد.. في كل شئ:- في الأدب وفي العادات والتقاليد الخ.... وفي قصيدته رفاعة تحدث عن تعليم الفتاة، وعن نهضتها، ويطلب منها أن ترتقي سلم العلم وأن تمزق الحجب وتخرج إلى العالم الخارجي كما يهاجم الذين يرفضون تعليم المرأة، والذين يقفون في طريقها: بقعة زانها الجلال ودوى ذكرها في مسامع النسيان هيأت للفتاة وثبة خير في زمان أتعس به من زمان إلى آخر القصيدة وقد اتفق محمد محمد علي مع خليل فرح فكلاهما كان رجلاً فناناً وكلاهما كان داعية للتجديد وكلاهما كان نصيراً للمرأة. وكتب البروفيسور عون الشريف قاسم - عليه رحمة الله - في تقديمه لكتاب محمد محمد علي شاعراً - دراسة تحليلية نقدية (رسالة ماجستير قدمت في جامعة الخرطوم أعدتها دكتورة فاطمة القاسم شداد (رحمة الله عليها) (وكما تبين للقارئ الكريم فان الدكتورة فاطمة قد بذلت في هذا الكتاب جهداً عظيماً في جمع المادة من المصادر المكتوبة والمسموعة، واردفت ذلك بعمل ميداني دؤوب اتصلت فيه بأسرة الشاعر وأصدقائه وزملائه، وكان عملاً تسجيلياً شاملاً لشخصية ادبية فذة لم تجد من العناية والاهتمام ما تستحقه حتى انبرت لهذه المهمة الدكتورة فاطمة جزاها الله عن الأدب عامة وعن الشاعر خاصة جزاء المحسنين، وجعل ذلك نوراً في قبرها وشفاعة لها عند بارئها. ولم يكن كل هذا الجهد مجرد رصد وصفي لشعر الشاعر بل تخلل ذلك تحليل موضوعي لمظاهر الابداع في أدبه وشعره والتزمت فيه الدراسة بالمنهج العلمي الصارم في دراسة الادب فجاء عملها دراسة مستوعبة لحياة محمد محمد علي ولأدبه وفنه وهو في جملته اضافة حقيقية للدرس الادبي في مجاله كما هو اضافة للمكتبة السودانية التي تفتقر لمثل هذا العمل العلمي الرائد. يقول د. محمد سعد محمد سالم عميد كلية التربية - جامعة الخرطوم في 1995 بأن محمد محمد علي كان أحد اعضاء هيئة التدريس بهذه الكلية، وقد التحق بهذه المؤسسة منذ قيام معهد المعلمين العالي، وكان ذلك في العام 1963 وأختير لبعثة دراسية لمصر لنيل درجة الماجستير فتحصل عليها بتفوق. وقد كانت للراحل صولات وجولات في شتى الميادين العلمية والأدبية. كان شاعراً فذاً وناقداً حصيفاً واديباً بارعاً ومعلماً ممتازاً، لم يقف نشاطه على قاعات المحاضرات، وانما كانت له مساجلات ادبية ونقدية شهدت بذلك مؤلفات ومجلات وصحف ذلك العهد، ولقد اعطى بلا حدود فخلف علماً غزيراً وأدباً وفيراً ونقداً هادفاً.