قابلت صديقاً يقوم بتشغيل محطة محروقات كوكيل لإحدى الشركات العاملة في مجال تسويق البنزين والديزل للجمهور... وسألته عن أحواله فرد علي بكثير من الإحباط واليأس بأنه يفكر بإلغاء التوكيل والابتعاد عن هذا المجال... وسألته لماذا تفكر في ذلك والمحطة التي تقوم بتشغيلها في موقع استراتيجي وأشاهد بها دائماً عدداً كبيراً من السيارات... فقال لي بأن الهامش الربحي الذي يمنح لهم أصبح ضعيفاً للغاية وغير مجزٍ بالنسبة لهم... ولأنني لست ملماً وليست لدي الخبرة في هذا المجال فقد توالت أسئلتي عليه لكي أفهم ما هي قضيته وقضية جميع وكلاء محطات بيع المحروقات. خلاصة القضية وحسب - فهمي الشخصي- أن الهامش الربحي الممنوح للوكلاء ظل ثابتاً منذ فترة طويلة دون تغيير بالرغم من أنه قد تمت مرتين زيادة سعر البنزين والديزل... فالوكيل يُمنَح على كل جالون بنزين مباع 11 (أحد عشر) قرشاً وعلى كل جالون ديزل مباع 9 (تسعة قروش)... وهذه الأرقام ظلت ثابتة منذ أن كان سعر البنزين 6 (ستة) جنيهات والديزل 4,5 (أربعة جنيهات وخمسين قرشاً)... والآن بالرغم من أن الزيادة الأخيرة قد وصلت بالأسعار إلى ما يعادل الضعف إلا أن الهامش الربحي الممنوح لهم ظل كما هو. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الهامش الربحي الممنوح يختلف من شركة إلى أخرى إلا أن القضية المشتركة بينهم جميعاً هي أنه لم يتم إجراء أي تعديل بالرغم من زيادة أسعار المحروقات لمرتين. وهنا سيتبادر إلى ذهن القارئ السؤال الذي تبادر إلى ذهني عندما كنت أناقش صديقي: مقابل ماذا يمنح الهامش الربحي؟ يغطي الهامش الربحي الممنوح للوكيل رواتب وأجور واستحقاقات العاملين بالمحطة وصيانة الخدمات المصاحبة كمغسلة السيارات وإصلاح الإطارات وتكلفة التبخر حيث أن البنزين به فاقد كبير في السودان أثناء التعبئة والتفريغ والتخزين بسبب ارتفاع درجة الحرارة وهذه يتحملها الوكيل بالإضافة إلى صافي الربح الخاص به. في تقديري أن القضية المطروحة عادلة وتستحق الاهتمام من قبل وزارة الطاقة وشركات التسويق الداخلي للبنزين والديزل... فالوكيل في النهاية مستهلك سوداني يتأثر بهذه الزيادات المستمرة بمعدلات صاروخية لأسعار السلع والخدمات حيث تنعكس مباشرةً على تكلفة تشغيل المحطة... وإذا لم تقابلها زيادة في دخله فهذا يعني تآكل هامشه الربحي وانعدام جدوى تشغيله للمحطة حيث أنه من المستحيل أن يصرف الوكيل كل ما يمنح له بدون عائد ربحي له في تشغيل المحطة... لذلك أعتقد أن الأخوة بوزارة الطاقة مطالبون بالضغط على الشركات لمعالجة الأمر بوضع نسبة محددة من سعر البيع للهامش الربحي الممنوح للوكلاء لتفادي إشكالية زيادة الأسعار... وفي تقديري أن النسبة المعقولة التي يمكن أن تغطي تكاليف تشغيل المحطة وتترك هامشاً ربحياً للوكيل يجب أن تكون في حدود 5% من سعر بيع الجالون لكي ندفع الوكلاء لتقديم خدمة محترمة للمستهلكين في محطات جذابة نظيفة ومرتبة وبواسطة عمالة جاذبة في تعاملها... علماً بأن النسبة الحالية إلى السعر الحالي تبلغ 0,88% بالنسبة لجالون البنزين و1,11% بالنسبة للديزل... وهذه نسبة ضئيلة للغاية.