شاب أسمر ملتحي يقف أمام متجر محترق يبتسم تارة ويصمت تارة أخرى ويلتف حوله الناس يهمسون في صمت اقتربت من أحدهم متسائلة عنه فأخبرني أن بكري فقد شقا عمره داخل متجره الذي فاقت بضاعته المليار والتي تمثلت في الملايات والستائر والأناتيك بالإضافة إلى الكاش وأمانات زملائه. أضف إلى ذلك أن بكري يستعد لاتمام مراسم زواجه وأن كل احتياجاته داخل المحل المحترق ما جعله يدخل في حاله صدمه اسماها البعض ب(الجنون) . عزيزة مأساة أخرى أما عزيزة عبدالله فهي الأخرى لم تكن مصيبتها أقل من سابقها إذ فقدت مليار جنيه كاش كانت تضعها داخل متجر جارها بالسوق بالإضافة إلى 150 مليوناً وضعتها داخل (الطبلية) الخاصة بها والتي تحتوي على بضاعة بلغت قيمتها 50 مليوناً تمثلت في الفول السوداني والدكوة بالإضافة إلى العطور النسائية. عزيزة قالت إنها تعمل لأكثر من 20 عاماً بالسوق وأن ما فقدته هو حصاد تلك السنين لافتة إلى أنها تعول عدداً من الأطفال تركهم لها زوجها الذي غادر إلى جهة غير معلومة، والتقطت قفاز الحديث جارتها مصرية هارون التي فقدت عطور نسائية بقيمة 5 ملايين ظلت تصرف من عملها على أطفالها الخمسة الذين هجرهم والدهم دون أن يسأل عنهم وهم بمراحل دراسية مختلفة، كذلك الحال للحاجة سعدية حامد التي تجاورهما في المكان منذ 13 عاماً تعمل على ذات التجارة وفقدت بضاعة بقيمة 130 مليون جنيه. نحيب النساء صوت نحيبها لفت أنظار الكثيرين الذين كانوا منهمكين بإخراج الأنقاض إلا أنهم التفتوا إلى تلك المرأة التي جاءت تنوح على محل أبناء عمومتها وزبائنها الذي قضت النار على كل ما بداخله من عطور وكريمات، فتحية أين لفتت إلى أنها لم تسمع بالحريق يوم أمس وجاءت اليوم(أمس) لتتفقد زبائنها لكنها تفاجأت بحجم المأساة التي أوجعت قلبها، وانطبق ذات الحال مع ليلي جبارة التي لم تتوقف أدمعها بسبب احتراق محل زبونها مبارك عيساوي الذي كان غاضباً ورفض الحديث إلينا.. ليلى أكدت أنها تأتي لشراء العطور والكريمات من مبارك منذ سنوات بعيدة وما حدث أمر جلل لا يمكن تحمله. الترزية هنا كان يكمن الوجع الحقيقي لأناس بسطاء كل ما يملكونه من الدنيا مكنة خياطة تعمل على تفصيل الستائر والملايات، احترقت كما احترقت معها أحلامهم بحياة كريمة، عثمان عمر المعروف ب(أبوالليل) قال إن خسارته بلغت 880 بالإضافه إلى 350 (كاش) ، وأبدى عدد من زملائه استيائهم من تأخر رجال المطافئ لافتين إلى أن خراطيش المياه كانت أقصر من أن تلحق ببقية المتاجر، في الوقت الذي أشار فيه الترزي محمدعثمان إلى خسارته التي بلغت أكثر من 15 مليون جنيه. شيكات وأمانات من جهة أخرى قال أحمد محمد الحسن صاحب محل عطور وكريمات إنه قام بإخراج الخزنة التي تحتوي علي مبالغ كبيرة إلا أنه فقد عدداً كبيراً من الشيكات بالإضافة إلى أمانات تخص زملاءه بالسوق بالإضافة إلى البضاعة التي لم يسلم منها شيء والتي بلغت قيمتها مليار جنيه، في الوقت الذي يعمل فيه التجار على إخراج الأنقاض من داخل المتاجر ظلت بعض النسوة يبحثن بداخلها لإخراج ما يمكن إخراجه من ثم بيعه بسعر زهيد (على عينك ياتاجر) ولم تفلح معهن محاولات رجال الشرطة لإبعادهن من أمام الأنقاض، أما تجار الخضار واللحوم فهم الأكثر ضرراً إذ بدأت النيران تلتهم أماكنهم واحداً تلو الآخر في قسوة لم توقفها رجاءات مياه المطافئ المنهمرة بغزارة.