ضد التيار هيثم كابو (أغاني وأغاني) .. هل من عودة تاني ؟ * قلنا في شهر رمضان المعظم من العام الماضي عبر حلقتين حملتا عنوان (اختفاء ضحكة قدور وغياب فرفور) إن ثياب الحزن السوداء التي تلفحت بها الشاشة هذا العام لفقدان برنامج (أغاني وأغاني) بريقه السنوي مردها إلى أن (إطلالة السر قدور) لم تعد برنامجاً تلفزيونياً بقدر ما أنها أصبحت (طقساً رمضانياً)، لذا فإنه عندما يفقد البرنامج الدهشة، ويخاصم التجديد، ويرمي بنفسه في محرقة التكرار والعادية، يترك خلفه حزمة من التساؤلات المنطقية!. * التساؤلات المهمة التي طرحناها العام الماضي ونتوقف عندها الآن وأسرة البرنامج تدخل الأستديو لتسجيل نسخة جديدة: لماذا فقد البرنامج بريقه بعد كل هذه السنوات؟.. ما السر في غياب خيوط الدهشة التي كان الشفيع عبد العزيز يرمي بها فتغزل بين يدي السر؟.. هل كانت الأغنيات هي التي تجذب الناس فينفضون أياديهم عن موائد الإفطار مسرعين نحو البرنامج، وكيف يمكن أن يحدث ذلك وهؤلاء الفنانون أنفسهم موجودون بمعظم القنوات – بما فيها النيل الأزرق – في إطلالات متشابهة ومكررة؟.. فأين غابت الوصفة السحرية لأغاني وأغاني الذي بات عنواناً للعادية؟؟. * كانت للبرنامج في السابق نكهة خاصة فقدها تماماً، وطعم مغاير تخلى عنه، فغزت الرتابة مفاصله، لحزمة من الأسباب أهمها: * أولاً : تحويل السر قدور من (حكواتي يسرد قصص ويضخ معلومات) إلى (مذيع يربط تقديم الأغنيات في دقائق معدودات)، مع العلم بأن كلمة سر نجاح البرنامج تمثلت في خفة ظل قدور، فالرجل يفتح خزائن المعلومات بصورة مدهشة ويسردها بتشويق ممتع، وتلقائيته تمثل (حلاوة جلسته وملح إطلالته). بتقليص مساحة الحديث خسر البرنامج عفوية قدور التي هي مفتاح الولوج لأفئدة الناس، فالرجل من مخاصمي التكلف الزائد الذي بات سمة لمقدمي معظم البرامج .. يمتلك ناصية الحديث ويعرف من أين يؤكل كتف الحكي المشوق.. يشدك برفق فتسلمه نفسك طائعاً مختاراً وتتبعه مثل الأرنب لا تسأله أبداً أين..؟؟ (كما تقول سعاد الصباح.. كما أن الرجل صاحب السهل الممتنع تم تجريده من التشبيهات التي تصل الى سدرة منتهى البلاغة، ولا زلت أذكر قبل سبعة أعوام وفي الحلقة التي حل عليها ضيفاً الفنان الراحل زيدان ابراهيم شبّه صعوبة اقتحام العندليب الأسمر للساحة الفنية وإيجاد موطئ قدم في ذاك الزمن بقوله: "إن بداية زيدان إبراهيم كانت أشبه بطيار يقود طائرة ويحلق بها حول المطار للهبوط، وفي كل مرة يتلقى إشارة بصعوبة الهبوط فالأجواء غير مساعدة.. الضبابية سيدة الموقف.. الرؤية غير واضحة.. المهبط لا يسمح باستقبال طائرة جديدة، ولكن زيدان ظل يحلق ويحلق بعزيمة فولاذية منتظراً فرصة للهبوط، وعندما وجدها بعد طول عناء هبط على المدرج بطريقة ساحرة ليثبت للجميع أنه كابتن طيران حقيقي". * ثانياً: كل من كان يتابع (أغاني وأغاني) في السنوات الماضيات يلحظ أن أسرة البرنامج (الشفيع عبد العزيز – قدور والمخرج مجدي عوض صديق) نجحوا في خلق حالة استثنائية تواصلت من خلالها أجيال مختلفة، فدائما ما تجد نفسك أمام أربعة أجيال مختلفة (جيل يمثله مقدم البرنامج – يليه جيل الفنان أو الشاعر والملحن "ضيف الحلقة" عندما كان البرنامج يجتهد في استقطاب ضيوف – جيل المغنين الذين شاركوا بالبرنامج منذ بدأياته مثل فرفور وعصام محمد نور ورفاقهما – جيل المواهب الصاعدة من برنامج نجوم الغد مثل "ريماز، شريف، فضل أيوب وصولاً إلي فهيمة وأحمد مأمون، لتتواصل هذه الأجيال مع بعضها البعض راسمة لوحة باذخة الجمال عندما يحلل قدور تجربة الفنان الضيف الذي يغني شباب البرنامج برفقته، بينما يقود سعد الدين الطيب وإسماعيل عبد الجبار وعوض أحمودي الأوركسترا !. * ثالثاً: إهمال تجويد الغناء، والتنافس في (الشو والتقليعات وغرابة الأزياء)..! * رابعاً: محاولات طه سليمان الماسخة لإثارة الجدل العام الماضي خصمت من البرنامح وتحولت إلى نغمة سخط وتبرم ففشل مخطط الوجود عن طريق جذب الانتباه ولفت النظر، فغياب طه هذا العام فرصة للتركيز على الغناء وإعادة صياغة الأزياء. * خامساً: تكرار الأغاني وضعف المواضيع المطروحة وترك المساحة للمغنين ليردد كل منهم ما يشاء من أغنيات حتى ولو لم يكن يملك القدرة على أداء تلك الأعمال أثر سلباً؛ و(دونكم ما لحق بمهرجان الكاشف وأغنيات الكابلي التي رددها عاصم البنا بطريقة ماسخة وضعيفة الأداء). أنفاس متقطعة * العازف الماهر عوض أحمودي يثبت سنوياً أن الابتسامات العريضة لا تصنع عازفاً ماهراً، وأجمل ما في أحمودي (بديع النقرة) و(لذيذ النقزة)..! * عندما غاب أحمودي في بعض الحلقات وظهر أحمد المك رأينا أنامل تمسك ريشة وتعزف على أوتار العود بينما لم نسمع صوتاً للعود البتة، فعاد أحمودي لنيتقن أن (العود عوض) وإن كان (العود أحمد)..! * غابت العام الماضي (ضحكة السر) وكأنما البرنامج ليس فيه ما يسعد أو يسر؛ ونأمل أن نسمع هذا العام بليغ الحكاوي وبديع الأغنيات وجلجلة الضحكات. نفس أخير * العاقل من اتعظ بنسخة العام الماضي..! هيثم كابو