ولاية جنوب كردفان تمتعت بخصوصية وضعها الجغرافي وتنوعها الثقافي والإثني، وكانت من الولايات الشمالية التي تأثرت بالحرب في الجنوب الذي تجاور عدداً من ولاياته، الولاية تسعى الآن لتجاوز آثار التخلف في التنمية واحتواء افرازات الحرب السالبة وذلك بطبيعة الحال لا يتم إلا بالتوافق بين الطرفين الموقعين على اتفاق السلام والذين تقع على عاتقهما مسؤولية الحفاظ على الأمن والاستقرار الذي تحقق بالولاية والعمل على وضع أسس راسخة للتنمية المستدامة. المركز السوداني للخدمات الصحفية التقى نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية جنوب كردفان محي الدين التوم حامد لطرح ما أشرنا إليه من قضايا وتناول مستقبل الولاية في ظل ما تبقى من خطوات يمثل استكمالها مدخلاً لنجاح أهداف ومقاصد السلام. كيف يسير تنفيذ اتفاق السلام الخاص ولاية جنوب كردفان وهل تعتقد أن ما تم حتى الآن مرضٍ بالنسبة لكم في المؤتمر الوطني والحركة الشعبية؟ المؤتمر الوطني معلوم أنه لديه اليد الطولى في اتفاقية السلام، سواء على المستوى القومي أو مستوى ولاية جنوب كردفان أو النيل الأزرق.. وهو ما يحتم عليه في أن يقوم بأدواره تجاه الاتفاقية. وما تم نحن نعتبرها خطوات واسعة لتنفيذ الاتفاق، فالاتفاقية على الصعيد الولائي تمضي بصورة جيدة، كما أن خطواتنا مع الشريك متسقة ولدينا أعمال وبرامج مشتركة مع بعضنا البعض، تعطي مؤشر على أن الاتفاق يمضي بصورة سليمة. ولدينا لجنة سياسية مشتركة لديها جسم مشترك لتنفيذ الاتفاق ببرامج عملية تطال كل محليات ومناطق الولاية. التعداد السكاني الخامس دليل على ذلك، وهو واحدة من الفقرات الهامة والأساسية في اتفاقية السلام، وللظروف الخاصة بولاية جنوب كردفان قمنا بإعادة التعداد حتى نتوافق ونخلق أرضية تنطلق منها الاتفاقية بصورة إيجابية، فالزمن للانتخابات السابقة محدد بجدول واضح في الاتفاقية، لكن للتوافق بيننا وإخوتنا في الحركة الشعبية والقوى السياسية الأخرى أجّلنا الانتخابات التشريعية والتنفيذية للولاية، بل قمنا بإعادة التعداد السكاني الخامس لسد الثغرات الموجودة وأسميناه التعداد التكميلي، كل هذا مؤشر بأن الاتفاقية في الولاية تمضي بصورة ممتازة. الاتفاقية كتاب مكتوب بيننا ولابد من أن نوفي به بمواقيته حسب الجداول المرفقة بالاتفاقية والتواريخ المحددة. ما هي الاستعدادات لقيام الانتخابات التكميلية التي تشمل المجلس التشريعي وهل تم تحديد موعد لقيامها؟ نحن الآن أجرينا الخطوة الأولى في الانتخابات وهي إجراء التعداد، وستليه الخطوات الأخرى، وأتوقع في أواخر نوفمبر أو في ديسمبر المقبل أن تبدأ الانتخابات التكميلية. المشورة الشعبية أحد الاستحقاقات الواردة في الاتفاق لكن تباينت التفسيرات حولها فما هو المفهوم الحقيقي للمشورة ؟ مفهوم المشورة حسب ما نصت عليه الاتفاقية أن هناك سؤال مفاده هل الاتفاق لبي طموحات أهل الولاية.. وتبعاً لذلك ينظر في مكمن الخلل أو العجز إن وجد، سواء في الجوانب الدستورية أو السياسية أو الثقافية أو الاجتماعية أو الثروة أو الترتيبات الأمنية، إذا اتضح أنه كان هناك شيء يستحق الإكمال فإنه يكمل دون المساس بجوهر الاتفاق، وذلك عبر المجلس التشريعي المنتخب بآلية تكون من داخله، هذا مفهوم المشورة الشعبية.. إذن هي تعامل بين المركز والولاية لمناقشة الترتيبات التي ذكرتها. كل هذا يتم عبر مراحل للتنفيذ وفق الآلية الموضوعة للوصول إلى الرؤى السلمية التي يمكن تدير أمر الولاية بصورة حسنة تخرج الولاية إلى بر الأمان. هناك حديث أن البروتوكول تحدث عن ترتيبات بين الشريكين أكثر من كونه يخاطب جماهير الولاية أو يعطي لهم حيز للتعبير عن آرائهم، كما أن البعض يتخوف أن تكون المشورة مدخل للخلاف أو التفلت؟ اتفاق جنوب كردفان حصري بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، لكنه لم يغفل حقوق المواطنين بصورة عامة. الاتفاقية تطرقت في كل أبوابها وفقراتها لحقوق المواطنين على أن يقوم المؤتمر والحركة بالتنفيذ باعتبارها القوى التي أتت باتفاق السلام دون أن يكون هناك هضم لحقوق كافة المواطنين، فهي تتحدث عن جمهور الولاية وليس جمهور المؤتمر أو الحركة، أي فهم خلاف ذلك غير سليم، ولذلك نجد في الاتفاقية أن المشورة الشعبية لكل مواطني جنوب كردفان.. صحيح أن المجلس التشريعي المنتخب الذي يقرر في هذا الشأن مفتوح لكل القوى السياسية، وطالما أنه الجسم المنتخب الذي يقرر في المشورة ويشكل الآلية المعنية ويخاطب عقول أهل الولاية. والاتفاقية لم تعط فرصة لوجود تفلت لأنها أشارت لكل الجوانب التي تهم مواطن الولاية، من حيث المواطنة والحقوق العامة والواجبات والأرض والتعليم والموارد والسلطة والثروة، كل هذه تناولتها الاتفاقية. مفهوم الاتفاقية لم يتشكل في أذهان الكثيرين خاصة فيما يتعلق بالمشورة الشعبية، فإلى أي مدي يمكن أن تسهم الورش التي من المفترض أن تعقد في تعزيز المفاهيم ؟ هذه الورش التي تسبق المشورة مهمتها تثقيف مواطني الولاية وإحاطتهم بفهم ومعنى المشورة، والورش ستكون على مستوى المحليات والمناطق والقرى الكبيرة. التنمية هي التي تحدد توجهات المواطنين تجاه الاتفاقية .. هل تعتقد أن ما تم من تنمية كاف وملموس لدى مواطني الولاية؟ معروف أن الولاية مرت بحرب تركت آثاراً سالبة وكان حجم الدمار والفجوة كبيراً جداً، وهذه الفجوة ليس من السهل سدها بين يوم وليلة.. والتنمية التي حدثت كان حجمها كبير، وأهم ما يميزها أنها توزعت بصورة عادلة وشملت حتى المناطق المختارة التي كانت تسمى المناطق المقفولة، وتتمثل التنمية في شق الطرق ويبلغ طول ما بدأ فيه العمل فعلياً بالولاية 1087 كيلو متر ربطت الولاية بشكل دقيق، سواء كانت طرق داخلية أو قومية وأسهمت في ربط النسيج الاجتماعي، وهذه واحدة من ايجابيات الاتفاقية.. مشروعات المياه تمضي بصورة جيدة، وهناك اهتمام بالتعليم وإنشاء المدارس والمستشفيات وكذلك الصحة، كما أن حواضر المدن بها نقلة محسوسة لواقع المواطن. مدينة كادوقلي على سبيل المثال إذا اكتمل العمل فيها ستكون من المدن الكبيرة التي يشار إليها بالبنان، والناس مستقبلاً ستعرف وتحس قيمة المشروعات القائمة التي تعتبر نقلة نوعية، فهناك مثلاً المقار الجديدة للوزارات ومستشفيات الحوادث والجيش والمستشفى التخصصي والميناء البري واستاد مرتا، هذا كله عمل ضخم يتم تنفيذه، لأن المركز أعطى نظرة استثنائية للولاية، وما تم في عهد مولانا أحمد هارون غير عادي، رغم أن هناك تنمية سبقت ذلك إلا أنها كانت محدودة بسبب حداثة التجربة، هذه التنمية بالطبع لها مردودها الإيجابي على المواطن. وضع الولاية الجغرافي جعل هناك تداخل سكاني وتواصل مع ولايات الجنوب، لذلك قد تكون معنية بترسيخ مفهوم الوحدة.. فما هو دوركم تجاه هذه القضية؟ هم الناس أن يكون السودان واحد وموحد، والمعطيات على أرض الواقع تقول أن هناك تداخل بين هذه الولاية والولايات الجنوبية شأنها شأن ولايات أخرى، واقع مثل هذا في تقديرنا ليس من السهولة أن يؤدي لانفصال مهما كان، فالحساب العملي يدلل على أن هناك مصالح مشتركة وواسعة بين أبناء الوطن الواحد ناهيك عن التصاهر الموجود وعلاقات الجوار، كل هذه تجعل الناس تسعى حثيثاً لجعل الوحدة أمر واقع، ونحن سعينا بكل جهدنا مع أبناء الولاياتالجنوبية بالولاية بالدعوة للوحدة، وهم أعداد كبيرة بجنوب كردفان، وكذلك القبائل العربية التي تتجول بشكل مفتوح وغير محدد يصل إلى عمق الولاياتالجنوبية، ونحن أول وأولى الناس بالدعوة بالوحدة.