كان الهدف الرئيسي من قيام مصلحة الخدمات الاجتماعية في مشروع الجزيرة والمناقل هو تقديم الخدمات المختلفة لسكان المنطقة المروية،ونشر الوعي بين جماهير المزارعين،وباموال الخدمات الاجتماعية استطاع اتحاد مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل تقديم مختلف الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية وبناء علاقاته الخارجية. وفطنت حركة المزارعين الديمقراطية منذ نشاتها للدور الايجابي للتعاون،وأثره في تحسين احوال ومعيشة المزارعين و فع المعاناة عن كاهلهم وترقية حياتهم ،فبدأت الحركة التعاونية في مشروع الجزيرة في شكل جمعيات تعاونية متعددة الأغراض،في جميع قرى الجزيرة،وبارشاد مصلحة التعاون. واستقبل المزارعون العمل الجماعي بروح وطنية عالية،ونجحت الجمعيات التعاونية في تحقيق الأغراض التي من اجلها أنشئت،وساهمت في الحد من ارتفاع الاسعار ووفرت السلع الإستهلاكية لبسطاء المزارعين وباسعار زهيدة. وبعد الاطاحة بالحكومة العسكرية الاولى في أكتوبر 1964نشط المزارعون في تكثيف جهودهم للارتقاء بالعمل التعاوني،واثمرت تلك الجهود عن قيام جمعية تعاونية للحاصدات في شتاء عام 1965،حيث تم عقد اجتماع عام للمزارعين في قسمي وادي شعير والمسلمية في مدينة طابت بإشراف مصلحة التعاون،وتمخض عن هذآ الاجتماع انتخاب مجلس إدارة للجمعية برئاسة الأمين محمد الأمين،وسكرتارية يوسف احمد المصطفى،وعبدالله محمد الأمين برقاوي أمينا للمال. وتم شراء عشرة حاصدات لعبت دورا ملموسا في تخفيض تكلفة حصاد القمح والذرة إلى مستويات أحس بها المزارعون،ولذلك طالبوا في بقية اقسام المشروع بالانضمام إلى الجمعية. فتوسعت عضويتها وتضاعف إنتاجها. ونتيجة لهذا النشاط الملموس بادرت قيادة إتحاد مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل بفكرة قيام مؤسسة تعاونية،تعنى بتصنيع المنتجات الزراعية ووجدت هذه الفكرة قبولا وترحابا من المسؤولين في إدارة المشروع والحكومة،وعقد اجتماع لها في الخرطوم في أكتوبر 1965ترأسه مدير مصلحة التعاون،ومسجل الجمعيات التعاونيةوبحضرر رئيس إتحاد المزارعين النور النعيم عبدالرحمن واعضاء لجنته التنفيذية،ويعد دراسة مستفيضة اتفق المجتمعون على قيام مطحن للقمح بالجزيرة وكونت لجنة تمهيدية له تحت الإشراف المباشر لمصلحة التعاون. وتم الاتفاق على إنشاء مؤسسة مزارعي الجزيرة والمناقل لطحن الغلال بقوز كبرو الواقع على بعد 12كيلومترا إلى الشمال الغربي من مدينة الحصاحيصا،وتعتبر أول مؤسسة تعاونية في مشروع الجزيرة إذ سجلت رسميا في عام 1966وباشرت عملها الإنتاجي في عام 1968. ولقد نجح مطحن الغلال بقوز كبرو في النهوض الاقتصادي والاجتماعي بالمنطقة،حيث أصبح عدد العمال والموظفين الذين استوعبهم المصنع اكثر من أربعمائة عاملا وموظفا نشأت بينهم علاقات اجتماعية متطورة،إذ أن أغلبهم يسكن في داخل المؤسسة وفي مساكن جماعية شيدت خصيصا لهم،وأسهم المطحن في مد القرى والمدن التي حوله بالدقيق،كما وفر لها الامداد الكهربائي،وحقق مبدا التصنيع الزراعى في مناطق الإنتاج أحد أهداف الإصلاح الزراعي الديمقراطي. ومما لا شك فيه ان الأهداف التي من اجلها أنشئت المؤسسة التعاونية في مشروع الجزيرة والمناقل العمل على إيجاد مصدر دخل إضافي للمزارعين فضلا عن توفير فرص العمل والنهوض الاجتماعي بالمنطقة،الأمر الذي جعل إتحاد المزارعين يقدم لها الدعم اللازم على اعتبار أنه مسؤول من قيامها كزراع اقتصادي له،وكانت فكرة قيامها مبنية على النظام التعاوني بهدف الاستفادة القصوى من الامتيازات الممنوحة للحركة التعاونية وإشاعة روح العمل الجماعي بين المزارعين. ولم يقتصر أمر التعاون في مشروع الجزيرة علي مطحن القمح بل تعداه إلى السعي الحاد لتأسيس صيدلية للمزارعين في ودمدني تستثمر فيها أموال احتياطيهم المتراكمة وفي ذات الوقت تقدم الخدمات الصحية والعلاجية لإنسان الجزيرة دون الالتفات للربح الفاحش. وفي يوليو1966انعقد المؤتمر العام لاتحاد مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل في دورته العادية بودمدني وجاء على لسان سكرتير الاتحاد محمد عبدالله الوالي بانهم ماضون في سياسة تصنيع كل العمليات الزراعية بالمشروع،والعمل على تصنيع كل المقومات الزراعية محليا،وفي مقدمتها اقامة مصنعا للسماد وإنشاء مصانع لكافة مدخلات الإنتاج الزراعي لتقليل التكلفة الزراعية على المزارعين،باعتبار أن استيراد المدخلات الزراعية يقابله فرض رسوم وجمارك وضراىب ،مما يساهم في ارتفاع اسعارها فيقع عبءها على المزارعين ثقيلا ،وجاء في حطاب وزير المالية والاقتصاد الشريف حسين الهندي والذي حضر الاجتماع اهتمام حكومته بالجمعيات التعاونية للمزارعين ومساهمتها في إنشاء جمعية الحاصدات ومعاصر الزيوت والعمل على انشاء مصانع لتجفيف البصل والاهتمام بالثروة الحيوانية وتنميتها وتصنيع منتجاتها وكل ذلك تتوفر متطلباته في المنطقة من مواد خام وأيدي عاملة وأسواق لتصريف ما تنتجه المصانع والأمر برمته يصب في تطوير وتحديث مشروع الجزيرة وترقية مجتمعه . لقد واجهت حركة التعاون في مشروع الجزيرة والمناقل مشاكل عدة ساهمت الحكومة فيها بوضعها لقوانين هشة لا تحمي التعاون فاستغلها ذوي النفوس الضعيفة لمصلحتهم واغتنوا من خلالها ،ومثال لذلك الفشل الذي لازم جمعيات الفول السوداني،والحاصدات الالية ،وصيدلية المزارعين. ورغم الصعوبات والمشاكل التي واجهت الحركة التعاونية في مشروع الجزيرة والمناقل إلا أن الأساس الذي ارتكزت عليه سليم ويحتاج لجهد لتطويره مما يتلاءم والظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بمجتمع الجزيرة لأحداث نقلة صناعية زراعيةفي المشروع. وفي مجال العمل الاجتماعي العام واصل اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل نشاطه في مجال التعليم لبث الوعي وتحويل مجتمع الجزيرة الى افاق العلم والمعرفة ،ففي اجتماع لجنة الجزيرة المحلية وهي لجنة مهمتها وضع السياسات العامة للجنة الخدمات الاجتماعية وتضم عشرين عضوا من المزارعين وممثلين لمجالس الحكم الشعبي والاهلي ،الى جانب عضوين من مجلس ادارة مشروع الجزيرة،اوصت باعانات مالية لقيام مدارس للبنين والبنات في قرى الجزيرة،علاوة على الدعم للمعاهد الدينية والمدارس الاهلية المنتشرة في الجزيرة والمناقل،فساهم المزارعون فى دفع تلك المشاريع التعليمية. وحرصا على الاهتمام بصحة الانسان في المشروع فقد تواصل العمل في التوسع في حفر آبار المياه الجوفية ،محاربة للعطش والماء الملوث ،بجانب العمل الملموس في تأهيل المستشفيات القائمة وصيانتها وزيادة عددها .إن اكبر خدمة قدمتها لجنة الخدمات الاجتماعية للمشروع هي إنها اصبحت عاملا قويا في استقراره ،لأن المزارعين وقد اصبح ما حققه لهم مالهم المدخر ماثلا امام اعينهم ،وصاروا يشعروا بالفائدة العظمى التي حققها لهم انتماؤهم كمزارعين في المشروع خاصة وان ما يحصلون عليه من مال ينفقونه في متطلباتهم اليومية وبالتالى فان مال الخدمات الاجتماعية كان العامل الرئيسي في النهضة التي انتظمت قراهم وقامت بدور مهم في قيام المنشآت العامة والمرافق الخدمية المختلفة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.