ومن يومها الأوّل، وفور ذياع شهرتها كفصيلةِ أُسُوُدٍ، على أيَّةِ حال، أغرقتِ الأسودُ الهازلة مجتمعَ الغابة في الخلافات، والإنقسامات، ونشرت، بهمةٍ تُحسد عليها، البغضاءَ بين الفصائل، وشغلت الحيوانات بالتفاصيل التافهة التي لا قيمة لها، ليتسنى لها العمل، مع كائنات عُدوانية، أخرى، في الغابات المجاورة، لم تكُن تقل عنها تفاهةً، وضآلة شأن، على وُلوجِ العَرِيْن. واستعانت، بكل ما في تراثْ مجتمعات الغابة من إلتباسات، ومغالطات، لتجعل الأخطاء، في نظر العامة، عين الصواب، ولتصوِّر المصلحة الخاصة، وشهوة السلطة عند الأسد المضبلن، عرّاب المشروع الحِماري، فيما بعد، على أنها القرابين المُستحقة، على جميع سكّان الغابة، لأرواح الأجداد المقدسة. وكان، ولسببٍ ما، هو (الجرب)، أغلب الظن، كان العرَّاب، ومنذ ولوجه فضاءات الغابة، بعد حرب الإستقلال، يهوى الإلتصاق بسيقان النخيل، ويتمسح في (الكَرُّوق)، بسبب الحكَّة التى يسببها له ذلك الجرب. ويذكر حكماءُ القرية أنه، ومنذ ذلك الحين، أصيبت غابات النخيل بأمراضٍ غير معروفة، فتقصفت رقابه، ورويداً رويداً، قصَّت رقاب تمر الجدود، كلها، في الزمن الراهن من عهد هيمنة اللبؤة البغيضة. ومنذ ذلك الحين، وبموجب انتقال فيروسات الجرب من الأَسَد الضبلان إلى باسقات النخل، ظهرت الأمراض المشتركة بين فصائل، وقطعان الحيوانات، من جهة، والنباتات المزهرة، والبساتين المثمرة، والأشجار الشامخة، من الجهة المقابلة. وعندما ماتَ الأَسَدُ الضبلان، والد اللبؤة، كانت، كل أنواع الإمراض، قد أستوطنت في الغابة، كما ظهرت، بالإضافة، أمراضٌ جديدة، لم تشهدها لا حيوانات غابة السعد، ولا حيوانات الغابات المجاورة، الأخرى. وقد عد البعضُ، وبموجب تفسيرات الأَسَدِ الضبلان، تلك الأمراض، مظهراً من مظاهر سخط السماء، وغضبها، ونجح جزئياً في إغلاق الأبواب على ما كان قد نقلهُ، هُو شخصيّاً، من فيروساتِ الجرب، التي أصابت الضرع، وأهلكتِ الزرع. وبخلاف الأمراض، فأن الأَسَدَ الضبلان، قد تميز ، وتفنن في اشعال الفتن، وتأجيج الحروبات، وكان كلما بردت حربٌ، دججتها حكومتُه بالسلاح، وكلما نامت فتنةٌ أججتها مايكرفونات العرين بالصياح.