- 2019 مثل الجفاف خلال الأربعين عاماً الماضية خطر حقيقي مقارناً بالكوارث الطبيعية الأخرى ويعتبر التصحر والجفاف وتدهور الأراضي و والآثار المترتبة عليها أخطر الظواهر والمظاهر الطبيعية وأكثرها تهديداً لشعوب وتعد الظاهرة مشكلة متداخلة ومعقدة ومن أهم عواملها الفقر الذي يؤدي إلى سوء استخدام الأراضي الزراعية من أجل إنتاج أكبر كمية ممكنة ما يؤدي إلى تدهور التربة وتعريتها والتي تمثل بداية عملية التصحر، ويترتب عليه هجرة أصحاب الأراضي المتصحرة داخليًا وعبر الحدود، وهو ما يؤدي ايضا إلى زيادة الضغط على الأراضي الزراعية في البلاد المستقبلة لهم، وهو ما يزيد من الضغوط الاجتماعية والسياسية والنزاعات العسكرية. وتأتي القارة السمراء في مقدمة قارات العالم من حيث التأثر بالتصحر وتوجد حوالي 32% من أراضي العالم الجافة بالقارة الأفريقية و 73% من الأراضي الجافة المستخدمة لأغراض زراعية قد أصابها التآكل أو التعرية بها و أكثر الأراضي تأثرًا بالتصر في القارة الأفريقية موجودة في سيراليون، ليبيريا، غينيا، غانا، نيجيريا، زائير، جمهورية أفريقيا الوسطى، إثيوبيا، وموريتانيا، النيجر، السودان، والصومال. و لمكافحة التصحر اعتمدت دول العالم على وضع خارطة طريق التنمية المستدامة بحلول العام 2030م، تشتمل على 17 هدفا (الناس، الكوكب، الازدهار، السلام، الشراكة)؛ 169 غاية (النمو الاقتصادي، الاندماج الاجتماعي، حماية البيئة)؛ 230 مؤشراً لرصد التقدم المحرز لأجل القضاء على الفقر، ومكافحة تغير المناخ، وضمان الرخاء للجميع، وتقول تقارير الأممالمتحدة، إن ثلاثة من بين كل 4 هكتارات من الأراضي حول العالم، تم تغيير حالتها الطبيعية، بينما انخفضت القدرة الإنتاجية لواحدٍ من بين كل 4 هكتارات من الأراضي الزراعية في العالم. ويؤثر تدهور "صحة الأراضي" المتزايد على 3.2 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، مما سيتسبب، إلى جانب تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، في إجبار ما يصل إلى 700 مليون شخص على الهجرة الداخلية أو الخارجية، بحلول عام 2050 ،وان التصحر وحده "يتسبب في خسارة ما بين 10 و 17 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي". وذكَّر ابرهيم ثياو الرئيس التنفيذي للاتفاقية المعنية بمكافحة التصحر مؤخرا بأن "الأرض توفر 99.7 في المائة من الطعام، و توفر مياه الشرب، ونوعية المياه التي يحصل عليها الانسان محذرا من أن "هذا المورد الثمين في خطر شديد" ،و تتأثر 70 دولة في المتوسط بالجفاف كل عام، و يكون العبء الأكبر على المجتمعات ألفقيرة التي تواجه نضوب الموارد وتترك للاعتماد على المساعدات الإنسانية ،وقال ان تدهور الأراضي له صلات بقضايا السلام والأمن، إذ إنه يجبر المجتمعات على التنافس للحصول على الأرض والمياه، وفي بعض الحالات، يتحول هذا التنافس إلى صراع. وبدأ الحديث عن التصحر في السودان منذ الأربعينيات من القرن الماضي في تقريرين أحدهما (كتاب أ. ب. استبنق (1952)) حول زحف الصحراء في السودان أثناء دراسته لتدهور الغطاء النباتي والآخرتقرير للجنة صيانة التربة العام 1944 ، والتي خلصت إلى أن تدهور التربة والتصحر يعود أساساً لسوء استخدام موارد الأرض أكثر من كونه نتيجة لتغير المناخ أما المناخ و تقلباته فيعد عاملاً ثانياً في حدة التصحر حيث تسببت موجات الجفاف القاسية التي اجتاحت السودان من 1967 إلى 1973، ومن 1984 إلى1985، وموجات جفاف أقل حدة في أواخر الثمانينيات إلى انتشار المجاعة ونزوح البشر. كتاب (زحف الصحراء في السودان ومناطق أخرى في إفريقيا) للكاتب ا. ب استبنق، علق عليه عبد الله خليل (وزير الزراعة آنذاك) مؤكدا في ذلك الحين أن «خير البلاد يعتمد علي صيانة الموارد». وارجع دكتور عبد العطيم ميرعني الامين العام لمجلس التصحر بالمجلس القومي للبيئة و الموارد الطبيعية في ورقة علمية قدمها في ورشة عقدت مؤخرا حول التصحر في السودان الى اجتماع محموعة من العوامل نتجت عنها الظاهرة اولها امتداد الصحراء الكبرى داخل السودان بنسبة 10% وتراجع الخط الفاصل بين إقليمي الصحراء وشبه الصحراء جنوباً بمقدار 50-200 كلم خلال الفترة 1930 -2007 بحسب (برنامج الأممالمتحدة للبيئة) كما تراجع حزام الصمغ العربي جنوباً بمقدار 28- 110 كلم مقارنة بوضعه في العام 1958(الاممالمتحدة للبيئة، 2007) وقال ان الجفاف يهدد 19 مليون هكتاراً من الأراضي الزراعة المطرية الآلية والتقليدية وأراضي المراعي بحسب (المجلس الأعلى للبيئة 2012) مبينا ان 55% من أراضي البلاد متدهورة، و12% تحتاج لتدخل عاجل لوقف تدهورها بحلول العام 2030.مشيرا الى احتمال حدوث فجوة مائية بمقدارها 30 مليار م3 عام 2027 بحسب (وزارة الري والموارد المائية، 2007) موضح ان نصيب الفرد من المياه يبلغ 920 م3/ العام وان حد الفقر المائي 1000 م3 / الفرد / العام و و تزايد درجات الحرارة ما بين 0.8 الى 1.6 درجة مئوية خلال الفترة 1960 – 2000 ،و ارتفاع معدل ازالة الغابات السنوي من 0.7% ارتفع الي 2.2% معتبرا السودان واحد من أكثر 10 دول إزالة لغاباتها. وفي سبيل المعالجات التي تسعى المنظومة الدولية لوضها لحل مسألة التصحر قال إبراهيم ثياو الرئيس التنفيذي لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر في الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) ، التي عقدت في الفترة من 9 إلى 10 سبتمبر 2019 نيودلهي ) تعمل المنظمة لوضع إجراءات جديدة لتعزيز خصوبة الأراضي وقال. "يجب أن نستثمر في استعادة الأراضي كوسيلة لتحسين سبل العيش، والحد من مواطن الضعف التي تسهم في تغير المناخ، ومن المخاطر التي تهدد الاقتصاد ، واكد إعلان نيودلهي على الاستثمار في الأراضي وفتح وخلص مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر 2019م الى ضرورة محاربة التصحر بفتح الفرص و الاستثمار في الأراضي و تاتي المعالجة الحقيقية من اعتراف العالم بالتصحر كظاهرة بيئية شاملة يعاني منها 1.5 مليار من البشر في 100 دولة في العالم وذلك بوضع التدابير و التفاكر حول الحلول التي تعمل على وقف الظاهرة ومن الصعب إعادة الحياة من جديد إلى الأرض الصحراوية أو المتجهة إلى تصحر الشامل لذلك يجب المحافظة علي الأراضي الخصبة قبل تدهورها والعمل على إزالة أسباب التصحر الأكثر فاعلية واقتصادية. يتمثل ذلك بعدة أمور من أهمها: تنظيم الرعي وإدارته، والتخفيف من الرعي الجائر وتنمية المراعي. وتنظيم عملية الرعي على جميع أراضي المرعى، وذلك بضبط حركة الحيوانات داخل المرعى إضافة إلى محاولة إيقاف وتثبيت الكثبان الرملية بزيادة الغطاء النباني .