الخطاب «الميّت» واللغة «البائسة» التي يتحدث بها بعض الساسة وأدعياء المعرفة ومطالبتهم المستمرة وفي كل الأوقات دون مراعاة لظرف أو مناسبة، بأن «السلام هو الخيار الوحيد» وأن التفاوض هو السبيل لحل كل أزمة، هي أحلام العاجزين والخوارين والجبناء. نحن مع السلام.. «نعم»، ومع الاستقرار.. «مؤكد» ومع الأمن المستتب في كل أرجاء الوطن «حقاً»، لكننا لسنا مع سلام الجبناء.. نحن مع سلام الشجعان، الذين يجبرون الخصم على «تسوية» أرض الخلاف، حتى تحتمل وقوف الخصم إلى جانب خصمه، ولسنا مع سلام التنازلات التي تجبرنا على قبول ما لا يرضى به الله ولا ترضاه أنفسنا. التفاوض مهم لتقريب وجهات النظر، ولكن إذا رفض الطرف المتمرد مبدأ التفاوض فلا مجال للتفاهم معه إلا عبر فوهات البنادق، والمواجهات الحاسمة لمحاصرة الشر المدعوم من قبل الخارج وبعض الداخل. نعم.. هناك من يدعم دعماً مباشراً في الخارج وهناك من يدعم دعماً غير مباشر بأن يساوي بين طرفي النزاع، بين جيش الدولة وفلول ما تبقى من حركات التمرد، ويطالب الطرفين معاً ب«ضبط النفس».. وبئس ما يطلبون ويطالبون. وهناك خوّارو الداخل ومرجفو المدينة وبعض «كتبة» الأعمدة لا كتابها الذين يريدون ممارسة الضغوط على الحكومة حتى «ترضح» للسلام المفروض عليها، كأنما الذين بذلوا أرواحهم ودماءهم في مواجهة التمرد، كأنما هم من كوكب آخر لا صلة لنا بهم ولا صلة لهم بنا.. وبئس ما يريدون. وهناك الذين ارتدوا ثياب الخيانة وهم لا يشعرون من داخل مؤسساتنا السياسية والتشريعية ممن يطالبون ب«مثول» وزير الدفاع أمام البرلمان، و «محاسبته» على ما اقترفته الأيادي المتمردة الآثمة الملطخة بالدماء، فلا التوقيت يناسب المطالبة، ولا الحدث يستوجب اللوم قبل أن ترد قواتنا المسلحة الصاع صاعين. هؤلاء الذين يتحدثون باسم «الشعب» لا علاقة لهم ب«الشعب»، وإن كانت لهم علاقة كان من الأوفق والأجدى والأنفع أن يقفوا على حقيقة الأحداث من داخل أرض المعركة والمناطق التي تعرضت للعدوان. وهم والله غوغاء هذه الأمة ودهماؤها وسوقتها الأراذل الذين إذا اجتمعوا أضروا.. وإذا تفرقوا نفعوا.. وإن لم يتفرقوا من تلقاء أنفسهم علينا أن نفرقهم حتى لا يحدث لنا شرخ في جدار الوطنية، وحتى لا تنشق الأرض أو تتشقق تحت أقدامنا بسبب ما يبثونه من تخذيل بين الناس.. و.. لكن.. الله أكبر.. والعزة للسودان.