قبل أن يجف الدمع الذي سكبناه حزناً على رحيل عمدة المريخ وفارسه الجسورالفاتح المقبول، ومن بعده أستاذ الأجيال سيد صالح شهلابي، وصديق العمر وأخو الأخوان ابن كردفان البار وابن أم درمان الأصيل عوض مكي، وزعيم أمة التواصل بين الأخوان وصاحب القلب الكبير بابرك السيد وقبل أن نفيق من هول صدمة رحيل العالم الجليل (الخال) بروفيسور محمود أحمد محمود الذي شيعته الجموع الهادرة الى مثواه الأخير بمقابر أحمد شرفي بأم درمان في موكب رهيب أشبه بموكب القادة والرؤساء، حتى أن الذين كانوا يمرون بشارع الوادي أثناء مراسم التشييع كانوا يتساءلون من الذي مات، من هو هذا الذي شيعته هذه الجماهير الغفيرة في هذا اليوم، إذا بنا نفجع برحيل ابن المريخ البار ومشجعه الوفي الإنسان البسيط المتواضع الخلوق (زيكو) الذي لم يخرج من حطام هذه الدنيا الفانية إلا بحب المريخ ولم يترك من خلفه إرثاً ولا مالاً ولا جاهاً سوى ذلك العلم الحبيب الذي ظل يحمله في كل المناسبات، والذي ظل يخفق في قلب (زيكو) بألوانه الزاهية اصفراراً واحمراراً ونجمته الساطعة التي تتلألأ في سماء الأحمر الوهاج فاقع لونها تسر الناظرين.. كنت التقي بزيكو في كل المناسبات المريخية فيقبل نحوي هاشاً باشاً مبتسماً كما يفعل مع الآخرين، وكانه من فرط أدبه وتواضعه يوشك أن ينحني أمامك اعزازاً وتقديراً، وكانت آخر مرة التقي فيها بزيكو أمام منزل الأخ جمال الوالي أيام وفاة المغفور لها بإذن الله والدته، وتقدمت هذه المرة نحوه وسلمت عليه سلاماً يحمل في طياته كل معاني التقدير لهذا الإنسان، ولم أكن أدري أنه سلام الوداع.. وفي يوم تكريمي بصالة ليالي العمر قبل ثلاثة أعوام بمناسبة منحي وسام العلم والآداب والفنون الذهبي من السيد رئيس الجمهورية، حضر زيكو وهو يحمل علم المريخ كعادته ويرتدي شعاره بألوانه الزاهية، ولفت حضوره أنظار الحاضرين دون استثناء.. أكاد أجزم بأن أحداً لم يتذكره أو يوجه له الدعوة للحضور، ولكنه حضر من تلقاء نفسه ليشارك في تكريم رمز من رموز الرياضة والمريخ. رحم الله (زيكو) وأسكنه فسيح جناته وألزم أهل المريخ جميعاً الصبر في فقده الكبير ومصابه الأليم.