وإذا أصِيبَ القوم في أخلاقهم أقم عليهم مأتماً وعويلا الشباب في هذا الوطن الطيب قبل سنوات قليلة كان يتميز بالمروءة والفضيلة ولم يكن الشارع السوداني يشكو من سوء السلوك في اي مكان عام، وكانت وسائل المواصلات العامة مكاناً لرؤية السلوك السوداني المهذب من احترام لكبار السن والسيدات ولم يكن من الطبيعي أن نجد شباباً جالسين وشيخ أو سيدة تقف على رجليها.. فالتربية السليمة كانت تبدأ من البيت ثم المدرسة التي كان معلمها موكول له تربية وتهذيب الصغار حتى ترفد المدارس المجتمع بأجيال من الشباب طيب المنبت، حسن الأفعال. ولما تغير الحال في هذا الزمان، وأصبح الأب خارج نطاق التربية بسعيه صباح مساء وراء لقمة العيش واصبحت السيدات أولياء أمور للتلاميذ وبعطفهن الزائد على الأولاد تجدهن في أغلب المدارس مع خلافات مع المعلمين حول التربية، والمعلوم أن الولد الصبي يحتاج لأبيه ليتعلم منه كثير من السلوك الذكوري، ومنه طريقة التعامل مع المجتمع. ولما غاب الأب وحجمت (محاكم الطفل) المعلمين عن ممارسة دورالأب في المدرسة، فقد الأطفال الكثير من قيم التربية، وبالأمس القريب كنت مستقلاً أحد بصات الولاية المتجه من الكدرو الى الخرطوم، وهالني ما رأيت- مجموعة من طلاب المدارس الثانوية بزيهم المميز، يجلسون على المقاعد وأعمامهم كبار السن يقفون معلقين على الشماعة..! وآلمني أن معلماً أعرفه على أعتاب المعاش كان أحد المعلقين على الشماعة، وتحسرت أنه قد فقد صلاحياته، حين كان يأمر التلاميذ في بصات شمبات بالقيام ليجلس الكبار وأسعدني جدًا أن احدى بناتنا الشابات قامت لتجلس سيدة تحمل طفلاً ركبت من على الطريق فقال الأستاذ لا عجب إن هذا الزمان شهد تفوق البنات في كثير من المجالات فأوائل الشهادة السودانية بنات، والأساس بنات واغلب الأسر باتت تعتمد على البنات وأخيرًا اضحت الشهامة والمروءة حصرًا عليهن في ذلك البص..! أنا حقيقة أعرف كثيرًا من الشباب أصحاب المروءة وأترحم على أولئك الذين لم يجسدوا الدروس في المروءة لانشغال الآباء.. فالبنات اكثر حظاً بوجود الأمهات اللائي ينقلن الموروث الأخلاقي والسلوكي للبنات، وللذين تعلموا والذين لم يتعلموا يجب أن يعرفوا «أنه كما تدين تدان» فإذا وقفت اليوم متبرعاً بمقعدك لكبير سن أوسيدة سيسخر لك الله، عندما تكبر من يرحمك وييسر أمرك.. واذا طنشت أعلم أنهم يومها «سيطنشون».. ولن تجد إلا الشماعة تتعلق عليها هذا إذا تمكنت من الصعود للبص مع الزحمة القادمة وعدم التقدير. أملي أن تنتبه الأسر لأبنائها، وأن تذكرهم باحترام الكبير والتمسك بالشهامة والفضيلة والالتزام بالآداب العامة، والكلام المهذب، لنعود ذلك الشعب الذي يحترمه كل الناس لحسن الأخلاق والعفاف والفضيلة التي تربيته.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.