سيجري الاستفتاء.. سيلغى أو يؤجل الاستفتاء.. تصريحات تصدر من هنا بضرورة استفتاء حر وشفاف.. وأخرى تصدر بشكل تهديدات استناداً على منطق الضغوط الغربية والصهيونية بضرورة إجراء الاستفتاء بأي صورة من الصور لتحقيق استقلال جنوب السودان عن شماله.. ويبقى الهدف الأساسي من الاتفاقية هو إعلان الانفصال وقيام دولة الجنوبالجديدة التي سوف تولد بثروتها الطبيعية والبترولية، وتكون احتياطياً مميزاً لأجيال الأمريكان واليهود.. لأعوام حالكات قادمات إليهم نتاج ما كسبت أيديهم في حقوق البشرية من جرائم نكراء. الجنوب جزء من أرض السودان.. وجزء من تاريخ السودان وملك لأهل السودان جميعاً.. ولا يحق بأي قانون وبأي اتفاق وبأي شريعة أن يتم تضييعه أو تقسيمه إلا إذا غلب أهل السودان أو قهروا، فقلت حيلتهم ونفذ خيرهم ولم يعد هناك من بد من الركون إلى صنيعة المستعمر البغيض الذي دبرها وأحكم تبريرها.. وجلس بعيداً يتفرج على مصارعنا كما فعل المستعمر نفسه بقيادة كتشنر، الذي غزا بلادنا بمرتزقة وقطاع طرق وقراصنة من جميع أنحاء العالم وقهر إرادتنا الوطنية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. اليوم نقف ذات الوقفة، ولكن من مصاطب المتفرجين وننظر إلى المسرحية سيئة الإخراج، ونستمع إلى تخرصات الذين يخالفون حتى نصوص إتفاق حي يمشي بيننا.. يقضي بوقف العدائيات ابتداء ثم الدعوة للوحدة بدلاً من الأصوات المبحوحة المهتزة التي تردد كلمات المستعمر وضد إرادة الإنسان السوداني، وضد حقائق التاريخ والجغرافيا والدين وفق جميع الديانات وبكل القراءات.. هذا النفر القليل الذي يستقوى بالأعداء (أعداء الشعب السوداني) ويتحدث بحديثه ويلقي الإتهامات التي لا تقنع أحداً حتى أولئك الذين صاغوا كلماتها وأحكموا مقروءتها وأجادوا تلحينها، ليتغنى بها هؤلاء الذين تم تعديلهم وإعادة تركيبهم في كوبا واسرائيل وغيرها من ورش تصنيع الدمي والروبوتات التي تشابه المخلوقات، ولكنها مجرد دمي يقول لها الإنسان تحركي فتتحرك.. السودان ليس ملكاً لهذه القلة القليلة من الذين ينادون بالإنفصال، فهم أصلاً مفصولون من شعبنا وبلادنا..هم رسل للحرب والدمار ولا يفهمون غير ذلك.. هم الذين دمروا الكباري والمصانع وحتى صهاريج المياه التي قامت لسقيا المواطنين، وهم الذين سرقوا المواشي والأطفال من المدنيين الآمنين وجندوهم لصالح الحرب.. وهم الذين خلفوا من ورائهم الدمار والحرائق والموت لكل متحرك صادفهم في الطريق، وهذا سبب واحد من جملة أسباب تجعل من المواطنين في جنوب السودان يرفضونهم.. ويرفضون أطروحاتهم ويطالبون بأن يظل السودان واحداً موحداً لأنه في الأصل ظل واحداً طوال عشرات القرون. أمريكا التي تسارع الخطى وتطالب وتنادي بالإنفصال وتدفع كل الأمور صوب ذلك لن تقبل إذا طالب المهمشون في لويزيانا وولايات الجنوب المهمشة في نيو أورليانز بحقوقها في الإنفصال عنها، وإقامة دولة للسود الذين استجلبوا في أكبر عملية تجارية للبشر من افريقيا لاستخدامهم في الزراعة والصناعة عبيداً مملوكين للإقطاعيين والعنصريين، الذين تجمعوا من كافة دول أوروبا.. لن تقبل على نفسها مثل هذا القول.. مجرد القول وليس الفعل وتوجيه الفعل، لكي يقود إلى نتيجة واحدة هي تفتيت دولة ذات سيادة وحدود معترف بها، وعضو في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها، وموقع على جميع الإعلانات والعهود والاتفاقيات الدولية التي لا تتعارض أهدافها مع توجهاتنا ومعتقداتنا وكرامة إنساننا.. انجلترا حاربت الجيش الجمهوري الإيرلندي لسنوات وعقود حفاظاً على وحدة أراضيها.. ألمانيا بعد أن قسمها الحلفاء عقب الحرب الكونية عادت لإرادة مواطنيها، وتوحدت ودمرت وأزالت الحائط العازل بين برلينالشرقية وأختها الغربية.. كذلك فرنسا لن تقبل بأن يستقل إقليم الباسك الذي ظل أهله يقاتلون على مر السنوات.. فلماذا يريد لنا هؤلاء ما لا يريدونه لأنفسهم.. لماذا خططوا منذ سنوات لتقسيم بلادنا وتفتيت وحدتها عبر حركات متمردة تحمل السلاح وتمارس الإرهاب ضد الحكومات الوطنية المنتخبة ديمقراطياً منذ العام 1955 وحتى اليوم.. لماذا تنادي هذه الدول وبالصوت العالي بفصل الجنوب عن الشمال وتسريب خطاب الاستفتاء للفصل وليس لتقرير المصير.. لماذا المضي عكس إرادة ورغبة سكان هذا الإقليم بل وهذا البلد.. ولا أريد أن أدخل في مجال الحسابات والنسب بين المسلمين واللادينيين والمسيحيين فليست هناك وجه مقارنة بين الأرقام المتداولة وبين الحقائق والواقع.