تراسيم.. الطريق إلى قلبي !! عبد الباقي الظافر مواطن سوداني عيونه عسلية طوله خمسة أقدام وأربع بوصات توقف أمام إحدى البقالات الخرطومية.. أمسك بورقة خمسة جنيهات بين أصبعيه.. قلبها ذات اليمين واليسار قبل أن يفرج عنها.. ثم اشترى خبزاً (حاف).. التاجر ببعض الفضول سأله إن كان الحساب قد (لفق).. ردّ الشاري بيأس: \"الحمدلله دا غدا اليوم\".. ماذا عن بكرة.. رد الزبون بذات عدم الاكتراث: \"همنا رزق اليوم باليوم\".. انصرف الرجل بخبزه وترك بعض الحيرة لصاحب المتجر. كنا ثلة من الأصدقاء وصاحب البقالة يروي قصة المواطن الذي يأكل خبزا جافا ثم يبتسم.. أحدهم لم يجعل الرواي يسترسل.. وأقسم أن جاراً له لم يوقد النهار لخمسة أيام في رمضان.. الجيران هجموا على البيت ولاموا الجار على تعففه. ولاة الأمر ينشطون هذه الأيام في زيارة بعض الرموز.. يتبرعون لهذا بمنزل ولذاك بحجة لبيت الله.. ثم يجعلون الكاميرات تسجل كل لحظات الهناء والبهجة مع المشاهير ثم ينصرفون إلى حالهم. حوالى 46% من الشعب السوداني وفق دراسة رسمية من عداد الفقراء.. رغم ذلك معظم السياسات لا تخاطب الفقر بشكل مباشر.. مثلا حكومة الخرطوم تجتهد في إنشاء مراكز للبيع المخفض.. والحكومة المركزية تضع قيودا على تجارة السكر.. وتنشط الشرطة في كل مكان من أجل التنقيب عن السكر الأبيض.. هذه الجهود بشكل مباشر تدعم الغني والفقير على حد السواء.. وفقراء بلادي أولى بتصويب النظر.. البلاد الآن في أمس الحاجة لدعم يصل المواطن المعدم لا المواطن المترف. في العراق وجه زعيم التيار الصدري أعضاء حزبه بعدم استخدام مكيفات الهواء في دور التيار الصدري.. موسى الصدر لا يريد أن يهنأ بالراحة في رمضان وشعبه يعاني. حكومتنا كأنها لم تستوعب الظروف الاقتصادية الجديدة.. ما زالت تعيش على إحساس الدولة التي تصدر خمسمائة ألف برميل من الزيت الأسود.. تستغرب عندما يرتفع سعر الدولار وتظن الأمر مجرد مؤامرة من تجار السوق العربي.. وعندما يختفي السكر تتحسس مخازن التجار.. والحقيقة هذه مظاهر الفترة القادمة. على الحكومة أن تصارح نفسها.. مضت أيام الترف ودنت السنوات العجاف.. المستقبل القريب يحتاج إلى آليات جديدة لمعالجة المشكلات.. الانفتاح على الخارج عبر تقديم إصلاحات حقيقية.. يجعل المستثمرين يقبلون زرافات ووحدانا.. السلام الذي حل بربوع الوطن يسر النهضة وجذب الاستثمارات. بصراحة الحكومة محتاجة إلى إعادة النظر في الإنفاق العسكري.. أسوأ تفكير أن تتجه الحكومة لتبني الأجندة الحربية.. الحرب تكلفنا مرتين.. تطرد الاستثمار الأجنبي وتزيد من الإنفاق الحربي.. وفي النهاية ستكتشف الحكومة أنها تركت العدو الحقيقي المتمثل في الجوع والحرمان ومضت تبحث عن عدو آخر لن يهزمها أبداً. الطريق إلى قلب الشعب يمر عبر رفع المعاناة وتقليل الجبايات.. نحن الدولة الوحيدة التي تجبر مواطنها إن أراد شراء عربة جديدة أن يشتري واحدة مماثلة للحكومة.. لن تحدث هذه المصالحة المهمة إلا بتصغير الحكومة وانتهاج التقشف الحكومي. التيار